
ورأفته بخلقه أكثر من أن يحصى.
قوله: ﴿يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تأكلوا أموالكم بَيْنَكُمْ﴾ الآية.
﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ تجارة﴾ الأكثر في كلام العرب أن تستعمل إلا أن يكون في الاستثناء لغير ضمير فيها على معنى إلا يحدث أو يقع وإن في موضع نصب استثناء ليس من الأول واختار أبو عبيدة النصب على إضمار الأموال في تكون، وغير مختار عند أهل اللغة لأن أكثر كلام العرب في هذا لا يضمرون فيها شيئاً.
ومعنى الآية إنهم نهوا عن أكل الأموال بالربا، والقمار والظلم والبخس ﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ تجارة﴾ فليربح ما شاء فيها قال ذلك السدي، وغيره وهو اختيار الطبري فهي محكمة.
وقيل: نزلت في ألا يأكل أحد متاع أحد إلا بشراء، أو بقيود، ثم نسخ ذلك بقوله: ﴿لَّيْسَ عَلَى الأعمى حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١] الآية.

قال ذلك الحسن وعكرمة وغيرهما.
قال الطبري: في هذه الآية دليل على فساد قوله من ينكر طلب الأقوات والتجارات، والصناعات من المتصوفة الجهلة لأنه حرم أكل الأموال بالباطل، وأباح أكلها بالتجارات عن تراض من البائع والمشتري، ومعنى ﴿عَن تَرَاضٍ﴾ هو الخيار فيما تبايعا فيه ما لم يفترقا من مجلسهما الذي تبايعا فيه، وهو قول الشافعي.
وقيل: التراضي هو الرضى بعقد البيع والشراء، فإذا تراضيا فقد تم البيع افترقا أو لم يفترقا، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد.
وقال القتبي ﴿عَن تَرَاضٍ﴾ [عن] موافقة منكم لما أحله الله تعالى وتورع عما