آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ

المنَاسَبَة: لما أوصى تعالى بحسن معاشرة الأزواج، وحذّر من إِيذائهن أو أكل مهورهن، عقّبه

صفحة رقم 245

بذكر المحرمات من النساء اللواتي لا يجوز الزواج بهن بسبب القرابة أو المصاهرة أو الرضاع.
اللغَة: ﴿سَلَفَ﴾ مضى ﴿مَقْتاً﴾ المقت: البغض الشديد لمن تعاطى القبيح وكان العرب يسمون زواج الرجل امرأة أبيه «نكاح المقت» ﴿رَبَائِبُكُمُ﴾ جمع ربيبة وهي بنت المرأة من آخر سميت به لأنها تتربّى في حجر الزوج ﴿حُجُورِكُمْ﴾ جمع حَجْر أي في تربيتكم يقال: فلان في حجر فلان إِذا كان في تربيته قال أبو عبيدة: في حجوركم أي في بيوتكم ﴿حَلاَئِلُ﴾ جمع حليلة بمعنى الزوجة سميت بذلك لأنها تحل لزوجها ﴿مُّحْصِنِينَ﴾ متعففين عن الزنى ﴿مُسَافِحِينَ﴾ السفاح: الزنى وأصله في اللغة من السفح وهو الصبّ وسمي سفاحاً لأنه لا غرض للزاني إِلا سفح النطفة وقضاء الشهوة ﴿طَوْلاً﴾ سعةً وغنى ﴿أَخْدَانٍ﴾ جمع خِدْنَ وهو الصديق للمرأة يزني بها سراً ﴿العنت﴾ الفجور وأصله الضرر والفساد ﴿سُنَنَ﴾ جمع سنة وهي الطريقة ﴿نُصْلِيهِ﴾ ندخله.
سَبَبُ النّزول: أ - لما توفي «أبو قيس بن الأسلت» وكان من صالحي الأنصار، خطب ابنه قيس امرأة أبيه فقالت: إِني أعدّك ولداً!! ولكني آتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ استأمره فأتته فأخبرته فأنزل الله ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء....﴾ الآية.
ب - عن أبي سعيد الخدري قال: أصبنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ... ﴾ الآية قال: فاستحللناهن.
التفِسير: ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ أي لا تتزوجوا ما تزوج آباؤكم من النساء لكن ما سبق فقد عفا الله عنه ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً﴾ أي فإِن نكاحهن أمر قبيح قد تناهى في القبح والشناعة، وبلغ الذروة العليا في الفظاعة والبشاعة، إِذ كيف يليق بالإِنسان أن يتزوج امرأة أبيه وأن يعلوها بعد وفاته وهي مثل أمه ﴿وَسَآءَ سَبِيلاً﴾ أي بئس ذلك النكاح القبيح الخبيث طريقاً، ثم بيّن تعالى المحرمات من النساء فقال ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ أي حُرّم عليكم نكاح الأمهات وشمل اللفظ الجدات من قبل الأب أو الأم ﴿وَبَنَاتُكُمْ﴾ وشمل بنات الأولاد وإِن نزلن ﴿وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ أي شقيقة كانت أو لأب أو لأم ﴿وَعَمَّاتُكُمْ﴾ أي أخوات آبائكم وأجدادكم ﴿وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت﴾ أي بنت الأخ وبنت الأخ ويدخل فيهن أولادهن، وهؤلاء المحرمات بالنسب وهنَّ كما تقدم «الأمهات، البنات، الأخوات، العمات، الخالات، بنات الأخ، بنات الأخت» ثم شرع تعالى في ذكر المحرمات من الرضاع فقال ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرضاعة﴾ نزّل الله الرضاعة منزلة النسب حتى سمّى المرضعة أماً للرضيع أي كما يحرم عليك أمك التي ولدتك، كذلك يحرم عليك أمك التي أرضعتك، وكذلك أختك من الرضاع، ولم تذكر الآية من المحرمات بالرضاع سوى «الأمهات والأخوات» وقد وضحت السنة النبوية أن المحرمات بالرضاع سبع كما هو الحال في النسب لقوله عليه اللام
«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»

صفحة رقم 246

ثم ذكر تعالى المحرمات بالمصاهرة فقال ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ﴾ أي وكذلك يحرم نكاح أم الزوجة سواء دخل بالزوجة أو لم يدخل لأن مجرد العقد على البنت يحرم الأم ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاتي فِي حُجُورِكُمْ﴾ أي بنات أزواجكم اللاتي ربيتموهن، وذكرُ الحجر ليس للقيد وإِنما هو للغالب لأن الغالب أنها تكون مع أمها ويتولى الزوج تربيتها وهذا بالإِجماع ﴿مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ الدخول هنا كناية عن الجماع أي من نسائكم اللاتي أدخلتموهن الستر قاله ابن عباس فإِن لم تكونوا أيها المؤمنون قد دخلتم بأمهاتهن وفارقتموهن فلا جناح عليكم في نكاح بناتهن ﴿وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الذين مِنْ أَصْلاَبِكُمْ﴾ أي وحُرِم عليكم نكاح زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم بخلاف من تبنيتموهم فلكم نكاح حلائلهم ﴿وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأختين إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ أي وحُرّم عليكم الجمع بين الأختين معاً في النكاح إِلا ما كان منكم في الجاهلية فقد عفا الله عنه ﴿إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ أي غفوراً لما سلف رحيماً بالعباد ﴿والمحصنات مِنَ النسآء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي وحرّم عليكم نكاح المتزوجات من النساء إِلا ما ملكتموهن بالسبي فيحل لكم وطؤهنَّ بعد الاستبراء ولو كان لهنَّ أزواج في دار الحرب لأن بالسبي تنقطع عصمة الكافر ﴿وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر﴾ [الممتحنة: ١٠] ﴿كِتَابَ الله عَلَيْكُمْ﴾ أي هذا فرض الله عليكم ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذلكم﴾ أي أُحل لكم نجاح ما سواهنّ ﴿أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ أي إِرادة أن تطلبوا النساء بطريق شرعي فتدفعوا لهن المهور حال كونكم متزوجين غير زانين ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أي فلما تلذذتم به من النساء بالنكاح فآتوهنَّ مهورهن فريضةً فرضها الله عليكم بقوله ﴿وَآتُواْ النسآء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤] ثم قال تعالى ﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الفريضة﴾ أي لا إِثم عليكم فيما أسقطن من المهر برضاهن كقوله ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾ [النساء: ٤] قال ابن كثير: أي إِذا فرضت لها صداقاً فأبرأتك منه أو عن شيء منه فلا جناح عليك ولا عليها في ذلك ﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾ أي عليماً بمصالح العباد حكيماً فيما شرع لهم من الأحكام ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات﴾ أي من لم يكن منكم ذا سعة وقدرة أن يتزوج الحرائر والمؤمنات ﴿فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات﴾ أي فله أن ينكح من الإِماء المؤمنات اللاتي يملكهن المؤمنون ﴿والله أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ﴾ جملة معترضة لبيان أنه يكفي في الإِيمان معرفة الظاهر والله يتولى السرائر ﴿بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ﴾ أي إِنكم جميعاً بنو آدم ومن نفسٍ واحدة فلا تستنكفوا من نكاحهن فرب أمة خير من حرة، وفيه تأنيس لهم بنكاح الإِماء فالعبرة بفضل الإِيمان لا بفضل الأحساب والأنساب ﴿فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ أي تزوجوهن بأمر أسيادهن وموافقة مواليهن ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بالمعروف﴾ أي ادفعوا لهن مهورهن عن طيب نفسٍ ولا تبخسوهن منه شيئاً استهانة بهن لكونهن إِماء مملوكات ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾ أي عفيفات غير مجاهرات بالزنى ﴿وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ أي ولا متسترات بالزنى مع أخدانهن قال ابن عباس: الخِدنُ هو الصديق للمرأة يزني بها سراً فنهى الله تعالى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن {فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى

صفحة رقم 247

المحصنات مِنَ العذاب} أي فإِذا أُحصنَّ بالزواج ثم زنين فعليهن نصف ما على الحرائر من عقوبة الزنى ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العنت مِنْكُمْ﴾ أي إِنما يباح نكاح الإِماء لمن خاف على نفسه الوقوع في الزنى ﴿وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ أي صبركم وتعففكم عن نكاحهن أفضل لئلا يصير الولد رقيقاً في الحديث
«من أراد أن يلقي الله طاهراً مطهراً فلينكح الحرائر» ﴿والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي واسع المغفرة عظيم الرحمة ﴿يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ أي يريد الله أن يفصّل لكم شرائع دينكم ومصالح أموركم ﴿وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذين مِن قَبْلِكُمْ﴾ أي يرشدكم إِلى طرائق الأنبياء والصالحين لتقتدوا بهم ﴿وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ أي يقبل توبتكم فيما اقترفتموه من الإِثم والمحارم ﴿والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أي عليم بأحوال العباد حكيم في تشريعه لهم ﴿والله يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ كرّره ليؤكد سعة رحمته تعالى على العباد أي يحب بما شرع من الأحكام أن يطهركم من الذنوب والآثام، ويريد توبة العبد ليتوب عليه ﴿وَيُرِيدُ الذين يَتَّبِعُونَ الشهوات أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً﴾ أي ويريد الفجرة أتباع الشيطان أن تعدلوا عن الحق إِلى الباطل وتكونوا فسقة فجرة مثلهم ﴿يُرِيدُ الله أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ أي يريد تعالى بما يسَّر أن يسهّل عليكم أحكام الشرع ﴿وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً﴾ أي عاجزاً عن مخالفة هواه لا يصبر عن إِتباع الشهوات، ثم حذر تعالى من أكل أموال الناس بالباطل فقال ﴿يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل﴾ أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله لا يأكل بعضكم أموال بعض بالباطل وهو كل طريق لم تبحه الشريعة كالسرقة والخيانة والغصب والربا والقمار وما شاكل ذلك ﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ﴾ أي إِلا ما كان بطريق شرعي شريف كالتجارة التي أحلها الله قال ابن كثير: الاستثناء منقطع أي لا تعتعاطوا الأسباب المحرمة في اكتساب الأموال لكن المتاجر المشروعة التي تكون عن تراضٍ من البائع والمشتري فافعلوها ﴿وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ أي لا يسفك بعضكم دم بعض، والتعبير عنه بقتل النفس للمبالغة في الزجر، أو هو على ظاهره بمعننى الانتحار وذلك من رحمته تعالى بكم ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذلك عُدْوَاناً وَظُلْماً﴾ أي ومن يرتكب ما نهى الله عنه معتدياً ظالماً لا سهواً ولا خطأً ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً﴾ أي ندخله ناراً عظيمة يحترف فيها ﴿وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً﴾ أي هيناً يسيراً لا عسر فيه لأنه تعالى لا يعجزه شيء ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ أي إِن تتركوا أيها المؤمنون الذنوب الكبائر التي نهاكم الله عَزَّ وَجَلَّ عنها نمح عنكم صغائر الذنوب بفضلنا ورحمتنا ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً﴾ أي نُدخلكم الجنة دار الكرامة والنعيم، التي فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر!.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات أنواعاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - المجاز المرسل في ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ أي حرّم عليكم نكاح الأمهات فهو على حذف مضاف.
٢ - الطباق في ﴿حُرِّمَتْ... وَأُحِلَّ﴾ وفي ﴿مُّحْصِنِينَ... مُسَافِحِينَ﴾ وفي ﴿كَبَآئِرَ... سَيِّئَاتِكُمْ﴾ لأن المراد بالسيئات الصغائر من الذنوب.

صفحة رقم 248

٣ - الكناية في ﴿اللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ فهو كناية عن الجماع كقولهم بنى عليها، وضرب عليها الحجاب.
٤ - الاستعارة في ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ استعار لفظ الأجور للمهور، لأن المهر يشبه الأجر في الصورة.
٥ - الجناس المغاير في ﴿تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ﴾ وفي ﴿أَرْضَعْنَكُمْ... مِّنَ الرضاعة﴾ وفي ﴿مُحْصَنَاتٍ... فَإِذَآ أُحْصِنَّ﴾ والإِطناب في مواضع، والحذف في مواضع.
الفوَائِد: الأولى: استنباط العلماء في آية المحرمات القاعدة الآتية وهي «العقد على البنات يحرّم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرّم البنات».
الثانية: حمل بعض الروافض والشيعة قوله تعالى ﴿فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنّ﴾ على نكاح المتعة وهو خطأ فاحش لأن الغرض من الاستمتاع هنا التمتع بالأزواج عن طريق الجماع لانكاح المتعة فقد ثبت حرمة نكاح المتعة بالسنة والإِجماع ولا عبرة بما خالف ذلك.
الثالثة: قال ابن عباس: الكبيرة كل ذنبٍ ختمه الله بنار، أو غضبٍ، أو لعنةٍ، أو عذاب.
الرابعة: روى سعيد بن جبير أن رجلاً قال لابن عباس: الكبائر سبع؟ قال: هي إِلى السبعمأة أقرب منها إِلى السبع، ولكن لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إِصرار، ذكره القرطبي.

صفحة رقم 249
صفوة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
الناشر
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع - القاهرة
الطبعة
الأولى، 1417 ه - 1997 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية