
قال علي -رضي الله عنه-: "إن المنافقين أشر من كفر بالله، وأولاهم بمقته، وأبعدهم من الإنابة إليه، لأنه شرط عليهم في التوبة الإصلاح والاعتصام، ولم يشرط ذلك على غيرهم، ثم شرط الإخلاص، لأنَّ النفاق ذنب القلب، والإخلاص توبة القلب" (١).
ثم قال: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال ابن قتيبة: حاد عن كلامهم غيظًا (٢)، ولم يُقل: فأولئك المؤمنون، أو من المؤمنين (٣).
قال ابن عباس في قوله: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾: "يريد أدنى منهم" (٤).
ثم أوقع أجر المؤمنين، لانضمام المنافقين إليهم فقال: ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
١٤٧ - قوله تعالى: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ الآية.
ههنا استفهام، معناها التقرير على معنى أنه لا يُعذِّب الشاكر المؤمن (٥).
قال قتادة: "لا يعذب الله شاكرًا ولا مؤمنًا" (٦).
(٢) في "الكشف والبيان" ٤/ ١٣٦ ب: "غيظًا عليهم".
(٣) "تأويل مشكل القرآن" ص ٧، ٨، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٣٦ ب.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ١/ ٢١١، و"زاد المسير" ٢/ ٢٣٥، و"الدر المصون" ٤/ ١٣٣.
(٦) أخرجه الطبري ٥/ ٣٤٠.

قال الكلبي: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ﴾ يعني المنافقين (١).
وقال ابن عباس في رواية عطاء: ما يريد الله بعذاب خلقه (٢).
وقوله تعالى ﴿إِنْ شَكَرْتُمْ﴾ أي: إن عرفتم (٣) بإحسانه وإنعامه.
﴿وَآمَنْتُمْ﴾ قال ابن عباس: "يريد يثيبه (٤) " (٥).
قال أهل العلم: هذا على التقديم والتأخير، أي: إن آمنتم وشكرتم؛ لأنَّ الإيمان يُقدَّم على سائر الطاعات، ولا تنفع طاعة دون الإيمان (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا﴾ معناه أنه يزكو عند (٧) القليل من أعمال العباد، فيضاعف لهم الجزاء. من قول العرب: دابة شكور، إذا كان يكفيه للسِّمن العلف القليل (٨).
وقوله تعالى: ﴿عَلِيمًا﴾ قال ابن عباس: "أي: بنياتكم" (٩).
وقال الكلبي: وكان الله شاكرًا للقليل من أعمالكم، عليمًا بأضعافها لكم (١٠). وقال أبو روق: ﴿وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا﴾ مجازيًا، يجازي على القليل الجزيل (١١).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) هكذا هذه الكلمة في المخطوط، والظاهر: "اعترفتم".
(٤) هكذا في المخطوط ولا معنى له، والظاهر أنها: "بنبيه".
(٥) لم أقف عليه.
(٦) "الكشف والبيان" ٤/ ١٣٦ ب.
(٧) هكذا في المخطوط، والظاهر: "عنده".
(٨) انظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩١١، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٣٧ أ.
(٩) لم أقف عليه، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٠٠.
(١٠) لم أقف عليه، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٠٠، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٣٧ أ.
(١١) لم أقف عليه.