
خليلاً لذلك.
قوله: ﴿وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ أي له ما فيهن، فلم يتخذه خليلاً لحاجة إليه، لأن له ما في السموات وما في الأرض، ولكنه اتخذه خليلاً لمسارعته إلى رضاه فكذلك سارعوا أنتم إلى ذلك فيتخذكم أولياء.
﴿وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً﴾ أي: يحيط بما يعمله الخلق، لا يخفى عليه شيء.
قوله: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النسآء قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ...﴾ الآية.
" ما " في قوله: ﴿وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ﴾ في موضع رفع عطف على اسم الله تعالى.
" وما " هو القرآن. أي الله يفتيكم فيهن، والقرآن يفتيكم فيهن أيضاً، وهو قول ابن عباس وغيره.
وقال الفراء، ﴿مَا﴾ في موضع خفض عطف على الضمير في ﴿فِيهِنَّ﴾ أي: الله يفتيكم في النساء، وفيما يتلى عليكم يفتيكم، وهو غلط عند البصريين لأنه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.
وقيل ﴿مَا﴾ في موضع رفع بالابتداء، و ﴿مَا﴾ القرآن أيضاً على معنى: (ما

يتلى عليكم يفتيكم).
قوله: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾.
المعنى عن أن، وأن في موضع نصب بحذف الخافض.
وقيل المعنى: وترغبون في أن تنكحوهن، والإعراب واحد، والمعنى مختلف معنى قول من أضمر " عن " إنهم لا يريدون نكاحهن ومن أضمر " في " فمعناه أنهم يريدون نكاحهن ويرغبون في ذلك.
قوله: ﴿والمستضعفين﴾ عطف على يتامى النساء، أي يتلى عليكم في يتامى النساء، وفي المستضعفين.
ومعنى الآية: إن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة، فلما كان الإسلام سأل المؤمنون النبي ﷺ عن ذلك، فقال الله تعالى لنبيه ﷺ: ﴿ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب﴾ يفتيكم أيضاً يعني ما في أول السورة من الفرائض في اليتامى.
قالت عائشة: " هذا في اليتيمة تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته في ماله، وهو أولى بها من غيره فيرغب عنها أن ينكحها ويعضلها لما لها فلا يُنكحها غيره كراهة أن يشركه أحد في مالها ".

فهذا التفسير يحري على قول من أضمر " عن " مع " أن ".
وقال ابن جبير: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ، ولا يرث الصغير ولا المرأة، فلما نزلت المواريث في أول النساء توقفوا، ثم سألوا النبي ﷺ عن ذلك، فأنزل الله تعالى ﴿ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب﴾ أي: في أول السورة، قال وكان الولي إذا كانت عنده المرأة ذات الجمال والمال رغب فيها ونكحها، وإن لم تكن ذات جمال ومال أنكحها غيره.
وقال النخعي: كان الرجل إذا كانت عنده يتيمة دميمة لم يعطها ميراثها وحبسها عن التزويج حتى تموت فيرثها فنهى الله تعالى عن ذلك ﴿وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب فِي يتامى النسآء الاتي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾ أي: عن أن تنكحوهن، وذلك كله كان في الجاهلية.
وقال ابن جبير ﴿وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب﴾ هو ما أتى في آخر السورة قوله:
﴿إِن امرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء: ١٧٥].
روى أن عمرة بنت عمرو بن حزم، كانت تحت سعد بن الربيع، فقتل يوم أحد، فكانت لها منه ابنة، فأتت عمرة النبي ﷺ تطلب ميراث ابنتها من أبيها، فنزلت الآية في ابنتها، وكان أمرهم في الجاهلية، أن الرجل إذا مات ورث أكبر ولده ماله

كله.
وقيل: المعنى: ﴿قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ وفيما ﴿وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب فِي يتامى النسآء﴾ والذي يتلى هو قوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء﴾ [النساء: ٣]. فما في موضع خفض على هذا التأويل.
وقيل: المعنى ﴿قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ والقرآن يفتيكم وهو قوله:
﴿فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء مثنى وثلاث ورباع﴾.
﴿وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ﴾ أي ترغبون عن نكاحهن لدمامتهن وفقرهن.
وقيل: المعنى وترفبون في نكاحهن وذلك لمالهن وحسنهن.
واختار الطبري أن يكون المعنى: وترغبون عن نكاحهن لأنهم إنما عيب عليهم أن يأخذوا مالها ويحبسوها ولا ينكحوها، ولم يعب عليهم نكاحها إلا إذا لم يعطوها صداق مثلها، ولم يذكر هنا الصداق فالمعنى أنهم لا يعطونهم ميراثهن ويرغبون عن نكاحهن.
قوله: ﴿والمستضعفين مِنَ الولدان﴾ أي: ﴿وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب فِي يتامى النسآء﴾ وهي اليتيمة يأخذ مالها ولا يتزوجها ولا يزوجها، وفي المستضعفين من الصبيان كانوا لا يورثون إلا بالغاً.
﴿وَأَن تَقُومُواْ﴾ أي: وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط تعطوا الصغير والكبير حقه،