آيات من القرآن الكريم

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ

قوله عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَآءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَآءِ الَّاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ ﴾ ؛ قال ابنُ عبَّاس :(نَزَلَتْ فِي أُمِّ كجَّةِ امْرَأةِ أوْسِ بْنِ ثَابتٍ وَبَنَاتِهَا مِنْهُ ؛ لَمَّا أمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بتَوْرِيثِهِنَّ مِنْ أوْسٍ، أقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنٍ الْفَزَّاريُّ إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ ؛ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ إنَّكَ قَدْ وَرَّثْتَ النِّسَاءَ وَالْبَنَاتَ وَالصِّغَارَ ؛ وَلَمْ نَكُنْ نَحْنُ نوَرِّثُ إلاَّ مَنْ قَاتَلَ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ وَحَازَ الْغَنِيْمَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ).
ويقالُ : إنَّها نزلَت بعدَ نزولِ قولهِ تعالى :﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾[النساء : ١١] إلى قولهِ﴿ عَلِيماً حَكِيماً ﴾[النساء : ١١] قَبْلَ نزولِ فَرْضِ الزَّوجاتِ، فجاؤوا إلى رسولِ اللهِ ﷺ يَسْتَفْتُونَهُ في ميراثِ أُمِّ كجة امْرَأةِ الْمُتَوَفَّى، فأنزلَ اللهًُ هذه الآيةَ ووعدَهم أن يُفْتِيْهِمْ في ميراثِ الزوجاتِ ؛ فأتَاهُمْ في ذلكَ بقولهِ تعالى :﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ ﴾[النساء : ١٢] إلى آخرِ الآيةِ.
ومعنى الآية : يَسْتَفْتُونَكَ يا مُحَمَّدُ في أمرِ النِّسَاءِ وما يجبُ لَهنَّ من الميراثِ ؛ قُلِ اللهُ يُبَيِّنُ لكم ميراثَهُن، والذي يَقْرَأُ عليكُم في كتاب الله في أوَّلِ هذه السُّورةِ، يُفْتِيْكُمْ ويُبَيِّنُ لكم ما سَأَلْتُم } عنه في بناتِ أمِّ كجة اللاَّتِي لا تُعْطُوهُنَّ مَا فُرِضَ لَهُنَّ من الميراثِ وهو قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾[النساء : ١١].
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ ﴾ ؛ أي ترغبون عَنْ نِكَاحِهِنَّ لِدَمَامَتِهِنَّ فلا تعطوهُنَّ نصيبَهن من الميراثِ لِمَنْ يَرْغَبُ فيهنَّ غيرُكم ؛ وذلكَ أنَّ بَنِي أعْمَامِ تَلْكَ الْبَنَاتِ كَانُوا أوْلِيَاءَهُنَّ ؛ وَكَانُواْ لاَ يُعْطُونَهُنَ حَظَّهُنَ مِنَ الْمِيْرَاثِ، وَيَرْغَبُونَ أنْ يَتَزَوَّجُوهُنَّ، وَهذا قول ابنِ عبَّاس وابنِ جُيبر وقتادةَ ومجاهدٍ. وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا والحسنِ :(أنَّ مَعْنَاهُ : وَتَرْغَبُونَ فِي أنْ تَتَزَوَّجُونَهُنَّ لِجَمَالِهِنَّ وَلاَ تُعْطُوا لِهُمْ مَا أوْجَبَ اللهُ لَهُنَّ مِنَ الصَّداقِ). وفي كِلاَ القولين دليلٌ على جوازِ نِكَاحِ الأولياءِ لليتامَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ ﴾ ؛ أي وفي (الْمُسْتَضْعَفِيْنَ مِنَ الْوِلْدَانِ) أي في مِيْرَاثِ اليتامَى. وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ﴾ ؛ أي وَفِي (أنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بالْقِسْطِ) في أموالِهم وحقوقهِم بالعدلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ﴾ ؛ أي مَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ في أمرِ اليَتَامَى والضِّعَافِ ؛ ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ﴾ يَجْزِيْكُمْ على ذلكَ.
واختلفَ أهلُ النَّحوِ في موضعِ ﴿ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ فذهبَ أكثرُهم إلى أنهُ مَوْضِعُ رَفْعٍ ؛ تقديرهُ : وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب يُفْتِيْكُمْ. وقال بعضُهم : هو في موضعِ خَفْضٍ تقديرهُ : وَفي مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، إلاَّ أن هذا الوجهَ أضعفُ من الأوَّل ؛ لأنه لا يصحُّ عطفُ الظاهرِ على المضمرِ بحرفِ الجرِّ من دونِ إعادة حرفِ الجرِّ.

صفحة رقم 66
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية