وقال الليث: المرادة مصدر المارد، والمريد من شياطين الإنس والجن، وقد تمرد علينا أي عتا ومرد على الشر (١)، وتمرد أي عتا وطغى (٢).
والمريد الخبيث، المتمرد الشرِّير، وشيطان مارد ومريد، واحد (٣).
وقال أبو إسحاق: معنى مريد خارج عن الطاعة متملص منها، يقال: حائط ممرَّد، أي مملس، ويقال شجرة مرداء، إذا تناثر ورقها، ولذلك سُمى من لم تنبت له لحية أمرد، أي أملس موضع اللحية، ومرد الرجل يمرد مرودًا ومرادة، إذا عتا وخرج عن الطاعة (٤).
١١٨ - قوله تعالى: ﴿لَعَنَهُ اللَّهُ﴾ قال ابن عباس: يريد [دحره] (٥) الله وأخرجه من الجنة (٦).
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ﴾ يعني: إبليس: ﴿لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ قد ذكرنا معنى الفرض عند قوله: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة: ١٩٧].
وقال ابن السري (٧) في هذه الآية: أصل الفرض في اللغة القطع،
(٢) "العين" ٨/ ٣٧، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٧٣ (مرد).
(٣) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٧٣، وانظر: "اللسان" ٧/ ٤١٧٢ (مرد).
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٨، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٠٣.
(٥) في المخطوط: "دحر الله" وهو خطأ ظاهر. وقد جاءت العبارة كما أثبتها في "الوسيط" ٢/ ٧١٠.
(٦) ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٤/ ١٢٢ أ، دون نسبة لابن عباس، إلا أن ابن الجوزي نسبه إليه في "زاد المسير" ٢/ ٢٠٤.
(٧) هو الزجاج، انظر: "معانيه" ٢/ ١٠٩.
والفُرْضة الثُّلمةُ تكون في النهر، تقول: سقاها بالفِراض والفُرض، والفرضُ: الحز الذي يكون في (المسواك) (١)، والفرض في القوس الحز الذي يشد فيه الوتر، والفريضة ما افترض الله عز وجل فجعله أمرًا حتمًا عليهم قاطعًا، وكذلك قوله: ﴿وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٧] أي جعلتم لهن قطعة من المال. قال: ومعنى مفروض في هذه الآية: أي أفترضه على نفسي (٢).
وقال الفراء: ما جعل له عليه السبيل فهو كالمفروض (٣).
وقال ابن عباس: يريد من اتبعه وأطاعه (٤).
وقال الكلبي والضحاك: [نصيبًا مفروضًا] (٥) أي معلومًا (٦).
قال أهل العلم: إنما اتخذ الشيطان من العباد النصيب المفروض بإغوائهم (٧) إياهم، وتزيينه لهم الفواحش حتى يرتكبوها، فيكونوا بذلك من نصيبه المفروض وحظه المقسوم، فعلى هذا كل من أطاع إبليس فهو من مفروضه (٨).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٠٩، وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٣٢، و"معاني القرآن" للنحاس ٢/ ١٩٣، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٢٢ أ، و"زاد المسير" ٢/ ٢٠٤.
(٣) "معاني القرآن" ١/ ٢٨٩، وانظر: "الكشف والبيان" ٤/ ١٢٢ أ.
(٤) في "تنوير المقباس" ص ٩٧: "فما أطيع فيه فهو مفروضه مأموره". وقد أورد المؤلف قول ابن عباس هذا في "الوسيط" ٢/ ٧١٠.
(٥) ما بين المعقوفين قد طمس في المخطوط، والتسديد من "الوسيط" ٢/ ٧١٠.
(٦) قول الكلبي في "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٧. أما عن الضحاك فأخرجه الطبري ٥/ ٢٨١ من طريق جويبر وهو ضعيف جدًّا.
(٧) هكذا في المخطوط، ولعل الصواب: بإغوائه. انظر: الطبري ٥/ ٢٨١.
(٨) انظر: الطبري ٥/ ٢٨١، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٢٢ أ.