آيات من القرآن الكريم

بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﰿ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ

وقرأ الأعمش: " بلى قد جاءته " بالهاء.
وقيل: يلزم من كَسَرَ التاء والكاف (أن يُقْرَأَ وكنت) من الكوافر والكافرات. وهذا لا يلزم لأنه يحمل على المعنى.
قوله تعالى ذكره: ﴿وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ﴾ - إلى قوله - ﴿وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
أي: يوم القيامة يا محمد ترى الذين زعموا أن لله سبحانه ولداً وأن له شريكاً.
﴿وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ﴾: يقال: مسودة ومسوادة، لغتان، وأسْوادَّ وجهه وأسَوَدَّ وأحْمَرَّ وأحْمَارَّ.
ثم قال: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾، أي: أليس في جهنم مأوَىَ ومسكنَ لمن تكبر على الله تعالى، وامتنع من طاعته جلت عظمته.
روي أن النبي ﷺ قال: " يحشر المتكبرون يوم القيامة كالذر يلحقهم الصغار حتى يؤتى بهم إلى سجن في جهنم ".

صفحة رقم 6368

وقال ﷺ في تفسير الكبر: " هو سفه الحق وغمط الناس "، اي: احتقارهم.
قال عطاء بن يسار: يقال: إن في جهنم سجناً يقال له بولس يحشر فيه المتكبرون يوم القيامة ويأتون يوم القيامة على صور الذر.
ومن رواية ابن وهب يرفعه إلى النبي ﷺ أنه قال: " المتكبرون في الدنيا يحشرون يوم القيامة أِباه الذر في صور الناس يعلوهم كل شيء من الصغار، ثم يساقون حتى يدخلوا سجناً يقال له بولس في نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار من طينة الخبال "، يعني: من صديد أهل النار وما يخرج منهم
. ثم قال تعالى: ﴿وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا بِمَفَازَتِهِمْ﴾، أي بفوزهم.
قال السدي: بمفازتهم، بفضيلتهم.

صفحة رقم 6369

وقال ابن زيد: " بأعمالهم ".
وروى أبو هريرة أن النبي ﷺ قال: " يحشر الله تعالى مع كل امرئ عمله، فيكون عمل المومن معه في أحسن صورة وأطيب ريح. فكلما كان من رعب أو خوف قال له: لا تُرَعْ، فما أنت (بالمراد ولا أنت بالمعني به). فإذا كثر عليه قال له: ما أحسنك! فمن أنت؟! فيقول: أما تعرفني؟! أنا عملك الصالح! حملتني على ثقلي فوالله لأحملنك اليوم ولأدفعن عنك " فهي التي قال سبحانه. ﴿وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا بِمَفَازَتِهِمْ﴾ الآية.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾، أي: الذي له الألوهية والتفرد هو خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل، أي قيم بالحفظ والكلأة.
ثم قال تعالى: ﴿لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض﴾.
قال ابن عباس وقتادة: مقاليد: مفاتيح.

صفحة رقم 6370

والمعنى: له مفاتيح خزائن السماوات والأرض، يمسك ما يشاء ويفتح ما يشاء، وقال السدي: " المقاليد: الخزائن "، واحدها مقليد، وقيل: مقلد، وقال أبو عبيدة: (واحد المقاليد مقليد)، وواحد الأقاليد إقليد.
ثم قال تعالى: ﴿والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ الله أولئك هُمُ الخاسرون﴾، أي: هم المغبونون حظوظهم من خيرات خزائن الله التي بيده مفاتيحها.
ثم قال (تعالى: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ الله تأمروني أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون﴾.
" غير " نصب " بأعبد ".
قال الأخفش: " تأمروني " ملغى، كقولك: ذلك زيد بلغني.
والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أعبد غير الله فما تأمروني أيها الجاهلون؟!
ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾،

صفحة رقم 6371

(أي: ولقد أوحي إليك يا محمد وإلى الرسل من قبلك لئن اشركت بالله ليحبطن عملك)، أي: يبطل عملك ويفسد.
يقال: حبط بطنه من داء إذا فسد منه.
وقيل: في الكلام تقديم وتأخير. والتقدير /: ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، وأوحي إلي الرسل من قبلك مثل ذلك.
ومعنى ﴿مِنَ الخاسرين﴾: من المغبونين حظوظهم الهالكين.
ثم قال تعالى: ﴿بَلِ الله فاعبد﴾، الفاء زائدة واسم الله نصب بأعبد.
وقال الفراء: هو نصب بإضمار فعل.

صفحة رقم 6372

والفاء عند أبي إسحاق غير زائدة دخلت لمعنى المجازات.
والمعنى على القول الأول: بل اعبد الله ولا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون ﴿وَكُن مِّنَ الشاكرين﴾، أي: كن شاكراً لله على نعمه عليك إذا هداك للإيمان وبرَّأك من عبادة الأوثان.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ﴾، أي: ما عظموه حق عظمته.
قال ابن عباس: هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله تعالى عليهم، ومن آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره، ومن لم يؤمن بذلك لم يقدر الله حق قدره.
قال أبو عبيدة: معناه: ما عرفوا الله حق معرفته.
وقيل التقدير: ما قدروا نعم الله حق قدر نعمه.
وأكثر المفسرين على أن المعنى: ما عظّموه حق عظمته، وما وصفوه حق صفته: إذ عبدوا غيره معه، فهو خالق جميع الأشياء ومالكها، والأرض جميعاً كلها قبضته يوم القيامة.

صفحة رقم 6373

(قال ابن عباس وغيره: الأرض والسماوات جميعا في يمينه يوم القيامة).
قال ابن عباس ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله جلّ ذكره إلا كخردلة في يد أحدكم.
قال الحسن: والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، قال: كأنها جوزة بقضها وقضيضها.
قال الضحاك: السماوات والأرض مطويات بيمينه جميعاً.
وروى ابن عمر أن النبي ﷺ قال وهو على المنبر يخطب:
" يأخذ الله تعالى السماوات والأرض السبع فيجعلها في كفيه، ثم يقول بهما كما يقول الغلام بالكرة: أنا الله، أنا الواحد، أنا العزيز " حتى لقد رأيت المنبر وإنه ليكاد يسقط به.

صفحة رقم 6374

" وروي عن النبي ﷺ أن يهودياً جاءه فقال: يا محمد، إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الله. فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجده، ثم قال: ﴿وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ﴾. قال: فضحك النبي ﷺ تعجباً وتصديقاً ".
" وروي أن رهطاً من اليهود أتوا النبي ﷺ فقالوا: يا محمد: هذا الله خلق الخلق، فمن خلقه؟!. فغضب النبي ﷺ حتى انتقع لونه، ثم شاورهم غضباً لربه تعالى فجاءه جبريل ﷺ يسكنه. وجاءه من الله تعالى جواب ما سألوه عنه، فقال: يقول الله: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ السورة فلما تلا عليهم النبي عليه السلام، قالوا: صف لنا ربك، كيف هو خلقه، وكيف هو عضده، وكيف ذراعه؟ فغضب النبي ﷺ أشد من غضبه الأول ثم شاورهم. فأتاه جبريل ﷺ فقال مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه:

صفحة رقم 6375

﴿وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ﴾ - إلى - ﴿يُشْرِكُونَ﴾ ".
وقيل: معنى ﴿والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة﴾، أي: يملكها، لا مدعي لملكها ذلك اليوم غيره، كما تقول: هذا في قبضتي.
وقال المبرد: بيمينه: بقوته. وهذا القول هو قول علماء أهل السنة.
" وذكر ابن وهب أن ناساً أتوا النبي ﷺ فقالوا: يا رسول الله، هاتان القبضتان، فأخبرنا عن سائر العظمة.
قال: فكروا في خلق ممن خلق الله تعالى: إسرافيل، رجلاه في التخوم السابعة، والعرش على جمجمته. ما بين قدميه إلى ركبته مسيرة خمسين ألف سنة. وما بين عاتقه إلى رأسه مسيرة خمسين ألف سنة ".
ويروى أن إسرافيل مؤذن أهل السماء، يؤذن لاثني عشرة ساعة من النهار

صفحة رقم 6376

ولاثنتي عشرة ساعة من الليل، لكل ساعة تأذين يسمع تأذينه من في السماوات السبع، ومن في الأرضين السبع إلا الثقلان: الجن والإنس. ثم يتقدم بهم عظيم الملائكة فيصي بهم. /
وذكر أن ميكائيل يوم الملائكة في البيت المعمور. هذا كله من حديث ابن وهب عن الليث عن رجاله.
" وروى ابن عباس عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي ﷺ عن قوله: ﴿والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة﴾ قالت له: فأين الناس يومئذ؟ قال: على الصراط ".
وقال أبو أيوب الأنصاري: " أتى النبي ﷺ حَبْرٌ من أحبار اليهود فقال: أرأيت إذ يقول الله تعالى في كتابه:

صفحة رقم 6377
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية