
صلاها فعليه أداؤه ثانيا وكذا يجب الحج ثانيا على من حج ثم ارتد ثم اسلم كذا قال الامام ابن الهمام وقال البيضاوي اطلاق الإحباط يحتمل أن يكون من خصائصهم لان شركهم أقبح وأن يكون على التقييد بالموت كما صرح به فى قوله تعالى ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت أعمالهم وهذا القول باطل لان القول بكونها من خصائص الأنبياء شنيع جدا تكاد السّماوات يتفطّرن من هذا القول إذ الكلام انما هو على سبيل الفرض المحال وانما المراد به الاشعار على حكم غيرهم وقوله من يرتد دمنكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت أعمالهم لا يدل على نفى الحبط إذا لم يوجد الموت على الكفر بل المطلق عندنا يبقى على إطلاقه لا ضرورة فى حمله على المقيد والله اعلم-.
بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ رد لما أمروه به والله منصوب باعبد والفاء اما زائدة واما بتقدير امّا وتقديم المعمول لقصد الحصر وبل للعطف على محذوف دل عليه قوله لان أشركت إلخ تقديره لا تعبد غير الله بل الله اعبد او بل امّا الله فاعبد وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦) انعامه عليك وفيه اشارة الى موجب الاختصاص اخرج الترمذي عن ابن مسعود قال مرّ يهودىّ بالنبي ﷺ فقال كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه فانزل الله تعالى وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ يعنى ما عرف الناس عظمة الله سبحانه حق عظمته حيث جعلوا له شركاء ووصفوه بما لا يليق به ولم يعبدوه حق عبادته ولم يشكروه حق شكره وأنكروا البعث بعد الموت.
وَالْأَرْضُ جَمِيعاً يعنى الأرضين السبع بجميع أبعاضها البادية والغارية قَبْضَتُهُ القبضة المرة من القبض أطلقت على المقدار المقبوض بالكف تسمية المفعول بالمصدر او بتقدير ذات قبضته يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ هذه الاية من المتشابهات المصروفة عن الظاهر لا يعلم تأويله الا الله والغرض منه التنبيه على عظمته وكمال قدرته وحقارة الافعال العظام التي يتخير فيها الأوهام بالاضافة على قدرته وعلى

ان تخريب العالم أهون شىء عليه- وقال علماء البيان هذا الكلام وارد على طريقة التمثيل والتخيل من غير اعتبار القبضة واليمن حقيقة ولا مجازا كقولهم شابّت لمة الليل- ووجه نزول الاية بعد قول اليهودي تصديق ما حكاه اليهودي عن التورية فان كتب الله تعالى مصدقة بعضها لبعض- وفى الصحيحين حديث ابن مسعود بلفظ جاء حبر من اليهود الى النبي ﷺ فقال يا محمد ان الله يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والجبال والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول انا الملك انا الله فضحك النبي ﷺ تعجّبا ممّا قال الحبر تصديقا له ثم قرأ وما قدروا الله حقّ قدره الاية- لعل وجه التطبيق بين رواية الترمذي ورواية الصحيحين ان الاية نزلت حينئذ فقرأها النبي ﷺ كما نزلت على اليهودي وفى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوى السماء بيمينه ثم يقول انا الملك اين ملوك الأرض- وروى مسلم عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله ﷺ يطوى الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول اين الجبارون اين المتكبرون ثم يطوى الأرضين بشماله- وفى رواية يأخذهن بيده الاخرى ثم يقول انا الملك اين الجبارون اين المتكبرون- واخرج ابو الشيخ عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال إذا كان يوم القيامة جمع الله السماوات والأرضين السبع فى قبضة ثم يقول انا الله انا الرحمان انا الملك انا القدوس انا المؤمن انا المهيمن انا العزيز انا الجبار انا المتكبر انا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا انا الذي أعيدها اين الملوك اين الجبابرة- قال القاضي عياض القبض والطى والاخذ كلها بمعنى الجمع فان السماوات مبسوطة والأرض مدحوة ممدودة ثم رجع ذلك الى معنى الرفع والازالة والتبديل وقال القرطبي المراد بالطي الاذهاب والافناء واخرج ابن ابى حاتم عن الحسن قال عدّت اليهود فنظروا فى خلق السماوات والأرض والملائكة فلمّا فرغوا أخذوا يقدرونه فانزل الله تعالى وما قدروا الله حق قدره واخرج عن سعيد بن جبير قال قال تكلمت اليهود فى صفة الرب فقالوا بما لم يعلموا ولم يروا فانزل الله تعالى وما قدروا الله الاية واخرج ابن المنذر عن الربيع بن
صفحة رقم 233