آيات من القرآن الكريم

لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ

قال عثمان بن عفان: غير متضاد.
ابن عبّاس: غير مختلف.
السدي: غير مخلوق.
بكر بن عبد الله المزني غير ذي لحن.
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ الكفر والتكذيب به.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٢٩ الى ٣٩]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨)
قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩)
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا.
قال الكسائي: نصب رَجُلًا، لأنه ترجمة للمثل وتفسير له، وإن شئت نصبته بنزع الخافض، مجازه ضرب الله مثلا لرجل أو في رجل.
فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ مختلفون متنازعون متشاحون فيه وكل واحد منهم يستخدمه بقدر نصيبه فيه يقال رجل شكس وشرس وضرس وضبس، إذا كان سيء الخلق مخالفا للناس.
وقال المؤرخ: مُتَشاكِسُونَ متماكسون يقال شاكسني فلان أي ماكسني.
وَرَجُلًا سَلَماً.
قرأ ابن عبّاس ومجاهد والحسن وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب سالما بالألف، واختاره أبو عبيد، قال: إنما اخترنا سالما لصحة التفسير فيه، وذلك أن السالم الخالص وهو ضد المشترك، وأما السلم فهو ضد المحارب، ولا موضع للحرب هاهنا.
وقرأ سعيد بن جبير: سِلْماً بكسر السين وسكون اللام.

صفحة رقم 233

وقرأ الآخرون: سَلَماً بفتح السين واللام من غير ألف، واختاره أبو حاتم وقال: هو الذي لا تنازع فيه.
لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا وهذا مثلا ضربه الله تعالى للكافر الذي يعبد آلهة شتى، والمؤمن لا يعبد إلّا الله الواحد، ثم قال عزّ من قائل الْحَمْدُ لِلَّهِ الشكر الكامل لله سبحانه دون كل معبود سواه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ إِنَّكَ يا محمّد مَيِّتٌ عن قليل وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ.
وقرأ ابن محيصن وابن أبي علية: إنك مايت وإنهم مايتون، بالألف فيهما.
قال الحسن والكسائي والفراء: (الميّت)، بالتشديد، من لم يمت سيموت، و (الميت)، بالتخفيف الذي فارقه الروح، لذلك لم يخفف هاهنا.
قال قتادة: نعيت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم نفسه، ونعيت إليكم أنفسكم.
أخبرنا ابن فنجويه حدثنا ابن ماجة حدثنا الحسين بن أيوب حدثنا عبد الله بن أبي زياد حدثنا سيار بن حاتم حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت قال: نعي رجل إلى صلت بن أشيم أخا له فوافقه يأكل فقال: ادن فكل فقد نعى إليّ أخي منذ حين.
قال: [وكيف وأنا أول من أتاك بالخبر قال: إن الله تعالى نعاه إلىّ فقال] الله تعالى:
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «١».
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ المحق والمبطل والظالم والمظلوم.
أخبرنا ابن فنجويه الدينوري حدثنا ابن مالك حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا ابن نمير حدثنا محمّد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الله بن أنس عن الزبير بن العوام قال: لما نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.
قال الزبير: يا رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدّنيا مع خواصّ الذنوب؟
قال: «نعم ليكررن عليكم حتّى يؤدى إلى كل ذي حق حقه» [١٣١].
قال الزبير: والله إن الأمر لشديد «٢».
أخبرنا الحسين بن محمّد حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن الحسين بن [ديزيل] حدثنا آدم بن أبي أياس حدثنا ابن أبي ذنب حدثنا سعيد المقرئ عن أبي

(١) تفسير الطبري: ١٥/ ٢٥٤، والزيادة التي بين المعكوفتين منه.
(٢) مسند أحمد: ١/ ١٦٧، والمستدرك: ٢/ ٤٣٥.

صفحة رقم 234

هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من ماله أو عرضه فليتحلّلها اليوم منه قبل أن يؤخذ حين لا يكون درهم ولا دينار إن كان له عمل صالح أخذ بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه» [١٣٢] «١».
أخبرنا الحسين بن محمّد الثقفي حدثنا الفضل بن الفضل الكندي حدثنا أبو عبد الله محمّد ابن عبد الله بن محمّد بن النعمان حدثنا محمّد بن بكر بن أبي بكر البرجمي حدثنا محمّد بن المنهال حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «تدرون من مفلس أمتي؟».
قلنا: نعم من لا مال له.
قال: «لا، مفلس أمتي من يجاء به يوم القيامة قد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا، فيؤخذ من حسناته فيوضع على حسنات الآخر، وإن فضل عليه فضل أخذ من سيئات الآخر فطرحت عليه ثم يؤخذ فيلقى في النار» [١٣٣].
وقال أبو العالية: هم أهل القبلة.
أخبرنا الحسين بن فنجويه حدثنا موسى بن محمّد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن علوية حدثنا عبيد بن جناد العلوي الحلبي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن القاسم ابن عوف البكري قال: سمعت ابن عمر يقول: لقد عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية أنزلت فينا وفي أهل الكتابين ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قلنا: كيف نختصم ونبينا واحد فما هذه الخصومة وكتابنا واحد؟ حتّى رأيت بعضنا يضرب وجه بعض بالسيف، فعرفت أنه فينا نزلت.
وروى خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن أبي سعيد الخدري في هذه الآية قال: كنا نقول:
ربنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد، فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفين وشدّ بعضنا على بعض بالسيوف قلنا: نعم هو هذا.
أخبرنا الحسين بن فنجويه حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد بن زيد: زعم ابن عون عن إبراهيم قال:
لما نزلت ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قالوا: كيف نختصم ونحن اخوان؟ فلما قتل عثمان قالوا: هذه خصومتنا.
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ فزعم أن له ولدا وشريكا وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ بالقرآن

(١) مسند أحمد: ٢/ ٥٠٦، وصحيح البخاري: ٣/ ٩٩. [.....]

صفحة رقم 235

إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً منزل ومقام لِلْكافِرِينَ وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ.
قال السدي: (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) يعني جبرائيل جاء بالقرآن (وَصَدَّقَ بِهِ) محمّد تلقاه بالقبول.
وقال ابن عبّاس: (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) يعني رسول الله جاء بلا إله إلّا الله (وَصَدَّقَ بِهِ) هو أيضا رسول الله بلّغه إلى الخلق.
وقال علي بن أبي طالب وأبو العالية والكلبي: (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) يعني رسول الله (وَصَدَّقَ بِهِ) أبو بكر.
وقال قتادة ومقاتل: (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) رسول الله (وَصَدَّقَ بِهِ) هم المؤمنون واستدلا بقوله: أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.
وقال عطاء: (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) الأنبياء (عليهم السلام) (وَصَدَّقَ بِهِ) الاتباع وحينئذ يكون (الَّذِي) بمعنى (الذين) على طريق الجنس كقوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً «١» ثم قال: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ «٢» وقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «٣».
ودليل هذا التأويل ما أخبرنا ابن فنجويه حدثنا طلحة بن محمّد بن جعفر وعبيد الله بن أحمد بن يعقوب قالا: حدثنا أبو بكر عن مجاهد حدثنا عبدان بن محمّد المروزي حدثنا عمار بن الحسن حدثنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع: أنّه كان يقرأ والذين جاؤ يعني الأنبياء (عليهم السلام) وصدقوا به الاتباع.
وقال الحسن: هو المؤمن صدّق به في الدّنيا وجاء به يوم القيامة.
يدل عليه ما أخبرنا ابن فنجويه حدثنا أبو علي بن حبش المقرئ أخبرنا يعني الظهراني أخبرنا يحيى بن الفضل الخرقي حدثنا وهيب بن عمرو أخبرنا هارون النحوي عن محمّد بن حجارة عن أبي صالح الكوفي وهو أبو صالح السمان أنه قرأ وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ مخففة، قال: هو المؤمن جاء به صادقا فصدّق به.
وقال مجاهد: هم أهل القرآن يجيؤون به يوم القيامة يقولون هذا الذي أعطيتمونا فعملنا بما فيه.
أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ.

(١) سورة البقرة: ١٧.
(٢) سورة البقرة: ١٧.
(٣) سورة العصر: ٢.

صفحة رقم 236
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية