آيات من القرآن الكريم

لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

الجزء الرابع والعشرون
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)
شرح الكلمات:
ومن أظلم ممن كذب على الله؟ : أي بأن نسب إليه ما هو بريء منه كالزوج والولد والشريك.
وكذب بالصدق إذ جاءه؟ : أي بالقرآن والنبي والتوحيد والبعث والجزاء.
مثوى للكافرين: أي مأوى، ومكان إقامة ونزول.
والذي جاء بالصدق وصدّق به: محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي صدق به أبو بكر وكل أصحاب رسول الله.
أولئك هم المتقون: أي لعذاب الله بإيمانهم وتقواهم بترك الشرك والمعاصي.
ذلك جزاء المحسنين: أي المذكور من نعيم الجنة جزاء المحسنين في أعمالهم.
ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا: أي ييسر الله لهم ذلك ويوفقهم إليه ليكفر عنهم ذنوبهم.
معنى الآيات:
يخبر تعالى عباده منذراً محذراً بأنه لا أظلم من أحد كذب على الله. فقال عنه ما لم يقل أو حرّم ولم يحرم أو أذن ولم يأذن، أو شرع ولم يشرع، أو كذب بالصدق وهو القرآن والنبي وما جاء به من الهدى ودين الحق أي فلا أحد أظلم ممن كان هذا حاله كذب على الله وكذب بالصدق.
وقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ (١) فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ﴾ ؟ هذا بيان لجزاء الكاذبين والمكذبين وهم الكافرون بسبب كذبهم على الله وتكذبيهم له فيخبر تعالى مقرراً أن جزاءهم الإقامة

١ - الاستفهام تقريري والمثوى مكان الإقامة وهو مصدر ثوى بالمكان يثوى ثواء وثويا مثل مضى يمضي مضاء ومضيا.

صفحة رقم 486

الدائمة في جهنم. وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ (١) بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ هذا إخبار بفريق الفائزين من عباد الله وهم الصادقون في كل ما يخبرون به، والمصدقون بما أوجب الله تعالى التصديق به ويدخل في هذا الفريق دخولاً أولياً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر الصديق ثم سائر الصحابة والمؤمنين إلى يوم الدين.
وقوله تعالى ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٢) ﴾ يشير إليهم بأنهم اتقوا كل ما يغضب الله من الشرك والمعاصي، وبذلك استوجبوا النجاة من النار ودخول الجنة المعبر عنه بقوله تعالى: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ من نعيم بعضه لم يخطر على بال أحد، ولم تره عين أحد ولا تسمع به أذنه.
وقوله: ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣) ﴾ أي ذلك المذكور في قوله لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو جزاؤهم وجزاء المحسنين كلهم والمحسنون هم الذين أحسنوا الاعتقاد والقول والعمل وقوله تعالى: ﴿لِيُكَفِّرَ (٤) اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ أي من الذنوب والآثام والخطايا والسيئات أي وفقهم للإحسان ويسره لهم، ليكفر عنهم أسوأ الذي عملوا وسيئه ويجزيهم أجرهم على إيمانهم وتقواهم وإحسانهم في ذلك بأحسن ما كانوا يعملون وحسنه أيضاً وإنما يضاعف لهم الأجر فتكون الحسنات الصغيرة كالكبيرة فأصبح الجزاء كله على الأحسن والذي كانوا يعملون هو كل ما شرعه الله تعالى لعباده وتعبدهم به من الإيمان وسائر الطاعات والقربات.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- التنديد بالكذب على الله تعالى والتكذيب به، وبما جاء به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الدين.
٢- بيان جزاء الكاذبين على الله ورسوله والمكذبين بما جاء به رسول الله عن الله من الشرع والدين.

١ - والذي جاء بالصدق مبتدأ والخبر أولئك هم المتقون. وعليه فالذي جاء بالصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن صدق به هم أبو بكر وسائر المؤمنين وفي الآية حذف الموصول وهو "من" لدلالة السياق عليه.
٢ - أولئك مبتدأ وهم ضمير فصل والمتقون خبر، والجملة خبر عن المبتدأ الذي هو والذي جاء بالصدق والمعطوف عليه والموصول محذوف وهو من أو إذ لا يكون من جاء بالصدق هو المصدق به.
٣ - الثناء في الدنيا والثواب في الآخرة.
٤ - في الآية الإشادة بأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ أثبت لهم التصديق بما جاء به رسوله كما أثبت لهم التقوى والإحسان وواعدهم بالنعيم المقيم الذي ادخره لهم. وفي الحديث الصحيح "الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ربي ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه".

صفحة رقم 487
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية