آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ
ﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥ ﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈ

تزوّج إِلى الجن فخرجت من بينهم الملائكة، قاله قتادة، وابن السائب. فخرج في معنى الجِنَّة قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة. والثاني: الجن. فعلى الأول، يكون معنى قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ أي: عَلِمَت الملائكةُ إِنَّهُمْ أي: إِن هؤلاء المشركين لَمُحْضَرُونَ النّار. وعلى الثاني: «ولقد عَلِمت الجِنَّةُ إنهم» أي: إِن الجن أنفسها «لَمُحْضَرونَ» الحساب.
قوله تعالى: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني الموحِّدين. وفيما استُثنوا منه قولان: أحدهما: أنهم استُثنوا من حضور النار، قاله مقاتل. والثاني: ممّا يصف أولئك، وهو معنى قول ابن السائب.
قوله تعالى: فَإِنَّكُمْ يعني المشركين وَما تَعْبُدُونَ من دون الله، ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ أي: على ما تعبُدونَ بِفاتِنِينَ أي: بمُضِلِّينَ أحداً، إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ أي: مَنْ سبق له في علم الله أنه يدخل النّار.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٦٤ الى ١٨٢]
وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨)
لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨)
وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)
ثم أخبر عن الملائكة بقوله تعالى: وَما مِنَّا والمعنى: ما مِنّا مَلَك إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ أي: مكان في السموات مخصوص يعبُد اللهَ فيه وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ قال قتادة: صفوف في السماء. وقال السدي:
هو الصلاة. وقال ابن السائب: صفوفهم في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض. قوله تعالى: وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ فيه قولان: أحدهما: المصلّون. والثاني: المنزّهون لله عزّ وجلّ عن السُّوءِ. وكان عمر بن الخطاب إذا أُقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه وقال: يا أيها الناس استوُوا، فإنما يريد اللهُ بكم هَدْي الملائكة، وإِنّا لَنَحْنُ الصّافُّون، وإِنّا لَنَحْنُ المُسَبِّحون.
ثم عاد إلى الإِخبار عن المشركين، فقال: وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ اللام في «لَيَقُولونَ» لام توكيد والمعنى: وقد كان كفار قريش يقولون قبل بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلّم: لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً أي: كتاباً مِنَ الْأَوَّلِينَ أي: مثل كتب الأولين، وهم اليهود والنصارى، لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أي: لأَخلصْنا العبادة لله عزّ وجلّ. فَكَفَرُوا بِهِ فيه اختصار تقديره: فلمّا آتاهم ما طلبوا كفروا به فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ عاقبة كفرهم، وهذا تهديد لهم. وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا أي: تقدَّم وَعْدُنا للمرسَلِين بنصرهم، والكلمة قوله تعالى:
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي «١»، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ بالحجّة، إِنَّ جُنْدَنا
يعني حزبنا المؤمنين هُمُ الْغالِبُونَ
بالحُجَّة أيضاً والظَّفَر. فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أي: أعرِض عن كفار مكة حَتَّى حِينٍ أي: حتى تنقضيَ مُدَّةُ إِمهالهم. وقال مجاهد: حتى نأمرَك بالقتال فعلى هذا، الآيةُ محْكَمة. وقال في رواية: حتى

(١) المجادلة: ٢١.

صفحة رقم 555

الموت، وكذلك قال قتادة. وقال ابن زيد: حتى القيامة فعلى هذا، يتطرَّق نسخُها. وقال مقاتل بن حيّان: نسختها آية السّيف.
قوله تعالى: وَأَبْصِرْهُمْ أي: انظُر إِليهم إِذا نزل بهم العذاب. قال مقاتل بن سليمان، هو العذاب ببدر وقيل: أَبْصِر حالَهم بقلبك فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ما اْنكروا، وكانوا يستعجلون بالعذاب تكذيباً به، فقيل: أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ. فَإِذا نَزَلَ يعني العذاب. وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران، والجحدري، وابن يعمر: «فإذا نُزِّل» برفع النون وكسر الزاي وتشديدها بِساحَتِهِمْ أي: بفِنائهم وناحيتهم. والساحة:
فِناء الدّار. قال الفراء: العرب تكتفي بالساحة والعَقْوة من القوم، فيقولون: نزل بك العذاب، وبساحتك. قال الزجاج: فكان عذابُ هؤلاء القتل فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ أي: بِئْسَ صباحُ الذين أًنذروا بالعذاب.
ثم كرَّر ما تقدم توكيداً لوعده بالعذاب، فقال: وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ الآيتين.
ثم نزَّه نفسَهُ عن قولهم بقوله تعالى: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ قال مقاتل: يعني عِزَّةَ مَنْ يتعزَّز من ملوك الدنيا. قوله تعالى: عَمَّا يَصِفُونَ أي: من اتِّخاذ النساء والأولاد. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ فيه وجهان: أحدهما: تسليمُه عليهم إكراماً لهم. والثاني: إِخباره بسلامتهم. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ على هلاك المشركين ونصرة الأنبياء والمؤمنين. والله أعلم بالصّواب.

صفحة رقم 556
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية