آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ
ﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥ ﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈ

قوله تعالى:
«فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ».
معطوف على محذوف، تقديره، ولقد جاءهم الذكر، الذي كانوا يتمنونه، فكفروا به..
وقوله تعالى: «فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» - تهديد لهم، ووعيد.. إنهم جهلوا أو تجاهلوا ما يجر عليهم موقفهم هذا الذي يقفونه من الذكر الذي جاءهم، وسوف يجىء اليوم الذي يعلمون فيه ما جهلوا أو تجاهلوا، ولن يكون حينئذ بين أيديهم إلا الحسرة والندم..
الآيات: (١٧١- ١٨٢) [سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٧١ الى ١٨٢]
وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥)
أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)
وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)
التفسير:
قوله تعالى:
«وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ».

صفحة رقم 1041

فى هذه الآيات تهديد للكافرين، وإنذار لهم بهذا الوعد الكريم، الذي وعد الله به رسله بالنصر والغلب..
فهذا الصراع الدائر بينهم وبين النبي- صلوات الله وسلامه عليه- سينتهى آخر الأمر بنصر الله للنبى وللمؤمنين معه، على هؤلاء المشركين..
فتلك سنة الله فيما بين الرسل وأقوامهم.. وكلمة الله التي سبقت، هى ما أشار إليه سبحانه فى قوله: «كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» (٢١: المجادلة).
وفى قوله تعالى: َ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ»
- إشارة إلى أن المؤمنين هم جند الله، وان الله لن يتخلّى عن جنده الذين يقاتلون فى سبيله، ويدافعون عن دينه، وما نزل من الحق..
قوله تعالى:
«فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ».
هو دعوة إلى النبي من ربه سبحانه، أن يدع هؤلاء المشركين وما هم فيه من شرك، وذلك إلى وقت قريب، سيلقاهم فيه، وسيرون تحقيق هذا الوعد الذي وعد الله رسله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله..
وفى قوله تعالى: «وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ» وعيد للمشركين بما ينتظرهم من مصير مشئوم، يرونه بأعينهم فيما يصابون به فى أنفسهم، يوم يلتقى الجمعان، يوم بدر..
وفي حذف المفعول فى «يبصرون» إشارة إلى أن هذا الذي سيبصرونه، هو مما سيطلع عليهم من عالم الغيب، من حيث لا يقدّرون، ولا يتوقعون..

صفحة رقم 1042

قوله تعالى:
«أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ» ؟.
هو تهديد للمشركين، ووعيد لهم على شركهم، وعلى استخفافهم بوعيد الله، وتكذيبهم له.. ولهذا فهم يتحدّون النبي بأن يأتيهم بهذا العذاب، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» (٣٢: الأنفال).
قوله تعالى:
«فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ».
أي أن هذا العذاب الذي يستخفون به، ويطلبون- متحدّين- تعجيله لهم- هذا العذاب إذا نزل بهم فيالسوء حالهم وما يلقون منه..
وفى إسناد السوء إلى صباحهم، لا إليهم، إشارة إلى أنه صباح مشئوم، يطلع عليهم بالمساءات كلها، لأنه كلّه صباح سوء بالإضافة إليهم..
وفى توقيت العذاب بالصباح، إشارة أخرى إلى أن العذاب الذي سينزل بهم، هو صباح يوم من أيام السوء عليهم، وهذا ما كان فى صباح يوم بدر..
ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
قوله تعالى:
«وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ».
دعوة أخرى إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه، بعد أن يرى بعينيه فى هذه الدنيا هزيمة المشركين- أن يتولى عنهم إلى يوم الدين.. فمن

صفحة رقم 1043

آمن منهم، فقد نجا، ومن أمسك بالشرك الذي انعقد عليه قلبه، فهو فى الخاسرين..
وقوله تعالى: «وَأَبْصِرْ» أي انظر ماذا يلقون فى هذا اليوم، يوم القيامة، «فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ» هم هذا المصير الذي سيصبرون إليه.
قوله تعالى:
«سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ»..
بهذه الآيات الثلاث تختم السورة،. وبهذا التنزيه لله عن الشريك والولد، والتسبيح بحمده، والتمجيد لعزته، والسلام على رسله، والحمد لله على ما أفاض على الناس من نعم، وما بعث فيهم من رسل- بهذا كله تعمر القلوب، وتلهج الألسنة..

صفحة رقم 1044

٣٨- سورة ص
نزولها: مكية عدد آياتها: ثمان وثمانون آية.
عدد كلماتها: سبعمائة واثنتان وثلاثون.. كلمة عدد حروفها: ثلاثة آلاف وسبعة وستون حرفا.
مناسبتها لما قبلها
كان من الآيات التي ختمت بها سورة الصافات قوله تعالى عن المشركين:
«وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» - وكان بدء سورة ص ردّا على هؤلاء المشركين، وعلى ادعائهم هذا.. فهذا هو القرآن ذو الذكر قد جاءهم..
فماذا كان منهم؟ لقد كذبوا به، «وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ» !!.
كذلك كان مما ختمت به السورة السابقة قوله تعالى: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ».
فجاء فى هذه السورة- سورة ص- «جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ» - جاء إخبارا بالغيب، بما سيحل بهؤلاء المشركين، وبما ينزل بهم من هزيمة هم وما يجمعون من جنود الباطل لحرب النبىّ..
وهكذا يصفح ختام سورة الصافات، بدء سورة (ص) مصافحة لقاء، لا سلام مودّع.

صفحة رقم 1045
التفسير القرآني للقرآن
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم يونس الخطيب
الناشر
دار الفكر العربي - القاهرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية