آيات من القرآن الكريم

وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ

وعلى هذا مستقرها انتهاء سيرها عند إنقضاء الدنيا، وهو اختيار أبي إسحاق فقال: (لمستقرها أي: لأجل قد أجل لها) (١).
وقال الكلبي: تسير في منازلها حتى تنتهي إلى آخر مستقرها الذي لا تجاوزه، ثم ترجع إلى منازلها حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع، فذلك مستقرها؛ لأنها لا تجاوزه (٢). وعلى هذا (لمستقرها) أي: لمستقر لسيرها لا يزيد إذا انتهى إليه انصرف ورجع.
وقوله: ﴿ذَلِكَ﴾ قال مقاتل: ذلك الذي ذكره من أمر الليل والنهار والشمس. ﴿تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ﴾ في ملكه ﴿الْعَلِيمِ﴾ بما قدر من أمرها.
٣٩ - قوله تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ قرئ: والقمر بالرفع والنصب، فالرفع بتقدير: وآية لهم القمر، كما ذكرنا في قوله: ﴿اللَّيْلُ نَسْلَخُ﴾ و ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي﴾. ويجوز أن يكون ابتداء وقدرناه الخبر، والنصب على: وقدرنا القمر قدرناه، وقد حمله سيبويه على: زيدًا أضربته، قال: وهو عربي. هذا كلام أبي إسحاق وأبي علي (٣).
وقال الفراء: في القمر (٤) أعجب إلى؛ لأنه قال: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ﴾ ثم جعل الشمس والقمر متبعين الليل، وهما آيتان مثله (٥).

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٧.
(٢) انظر: "الماوردي" ٥/ ١٧، "زاد المسير" ٧/ ١٩، وأورد هذا القول ولم ينسبه: ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٥٤، والطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٦٦٣.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٧، "الحجة" ٦/ ٣٩ - ٤٠.
(٤) هكذا في جميع النسخ، وهو خطأ، والصواب كما في "معاني القرآن" للفراء: الرفع في القمر..
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٣٧٨.

صفحة رقم 484

وقال أبو عبيدة: النصب أحب إلي؛ للفعل المتقدم قبله والمتأخر بعده، فالمتقدم قوله: ﴿نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾، والمتأخر قوله: ﴿قَدَّرْنَاهُ﴾ والتقدير في الآية: قدرناه ذا منازل، كما ذكرنا في قوله: ﴿قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ (١) ثم حذف المضاف (٢). ومنازل القمر معروفة، وهي: ثمانية وعشرون منزلة، من أول الشهر إلى ثمان وعشرين ليلة منه تم فإذا صار في آخر منازله دق وذلك (٣)
قوله: (٤) ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾. قال أبو إسحاق: (العرجون عود العذق الذي تركبه الشماريخ من العذق، وهو فعلول من الانعراج، وإذا جف وقدم دق وصغر، يشبه (٥) به الهلال في آخر الشهر وفي أول مطلعه) (٦). واستقوس (٧) فشبه القمر ليلة ثماني وعشرين، والآية مختصرة؛ لأن التقدير: فسار في منازله حتى عاد كالعرجون، ودل قوله: ﴿قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ (٨) على هذا المحذوف وهو السير؛ لأن كونه ذا منازل يقتضي سيره

(١) في (أ): (وقدرناه) بزيادة الواو، وهو خطأ.
(٢) لم أقف على قول أبي عبيد. وانظر في توجيه هذه القراءة: القراءات وعلل النحويين فيها ٢/ ٥٦٤، "الحجة في القراءات السبع" ص ٢٩٨، "الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها"، "حججها" ص ٢١٦.
(٣) في (ب): (فذلك).
(٤) في (أ) زيادة بعد قوله: (وقوله)، وهو خطأ.
(٥) في (أ): (يشبهه).
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٨.
(٧) هكذا جاء الكلام في جميع النسخ، والذي يظهر أن هناك عدم ترابط بين كلام أبي إسحاق وكلام المؤلف بسبب سقط كلمة أو نحوها.
(٨) في (ب): (وقدرناه) زيادة الواو، وهو خطأ.

صفحة رقم 485
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية