آيات من القرآن الكريم

وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَثَتَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْتَيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ قَالَ: "مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ" (١).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا الْحُمَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: "أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ"؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنُ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَتَسْتَأْذِنُ فَلَا يُؤْذَنُ لَهَا فَيُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ (٢).
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لَا مُسْتَقَرَّ لَهَا" وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْ: لَا قَرَارَ لَهَا وَلَا وُقُوفَ فَهِيَ جَارِيَةٌ أَبَدًا ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾.
﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠) ﴾
﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ أَيْ: قَدَّرْنَا لَهُ مَنَازِلَ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ: "الْقَمَرُ" بِرَفْعِ الرَّاءِ لِقَوْلِهِ: "وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ" وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ لِقَوْلِهِ: "قَدَّرْنَاهُ" أَيْ: قَدَّرْنَا الْقَمَرَ ﴿مَنَازِلَ﴾ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَامِي الْمَنَازِلِ فِي سُورَةِ يُونُسَ (٣) فَإِذَا صَارَ الْقَمَرُ إِلَى آخَرِ الْمَنَازِلِ دَقَّ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ وَالْعُرْجُونُ: [عُودُ الْعِذْقِ] (٤) الَّذِي عَلَيْهِ الشَّمَارِيخُ، فَإِذَا قَدُمَ وَعَتَقَ يَبِسَ وَتَقَوَّسَ وَاصْفَرَّ فَشُبِّهَ الْقَمَرُ فِي دِقَّتِهِ وَصُفْرَتِهِ فِي آخِرِ الْمَنَازِلِ بِهِ. ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ﴾ أَيْ: لَا يَدْخُلُ النَّهَارُ عَلَى اللَّيْلِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، وَلَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ عَلَى النَّهَارِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ﴾ أَيْ: هُمَا يَتَعَاقَبَانِ بِحِسَابٍ مَعْلُومٍ لَا يَجِيءُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ وَقْتِهِ.

(١) أخرجه البخاري في التفسير - تفسير سورة يس - باب: (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم) ٨ / ٥٤١، ومسلم في الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان برقم (٢٥١) ١ / ١٣٩، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ٩٥.
(٢) أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب: صفة الشمس والقمر ٦ / ٢٩٧، ومسلم في الإيمان، باب: بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان برقم: (٢٥١) ١ / ١٣٩، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ٩٤.
(٣) انظر فيما سبق: ٤ / ١٢١.
(٤) في "أ" العرق.

صفحة رقم 18

وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي سُلْطَانِ الْآخَرِ، لَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ بِاللَّيْلِ وَلَا يَطْلُعُ الْقَمَرُ بِالنَّهَارِ وَلَهُ ضَوْءٌ، فَإِذَا اجْتَمَعَا وَأَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ قَامَتِ الْقِيَامَةُ.
وَقِيلَ: "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ" أَيْ: لَا تَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي فَلَكٍ وَاحِدٍ، "وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ" أَيْ: لَا يَتَّصِلُ لَيْلٌ بِلَيْلٍ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا نَهَارٌ فَاصِلٌ.
﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ يَجْرُونَ.

صفحة رقم 19
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية