آيات من القرآن الكريم

وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ

كر شكر كنى زياده كردد نعمت وز دل ببرد دغدغه بيش وكمت
پس زود بسر منزل مقصود رسى از منهج شكر آگه نلغزد قدمت
سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها سبحان علم للتسبيح الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادا وقولا اى اعتقاد البعد عنه والحكم به فان العلم كما يكون علما للاشخاص كزيد وعمرو وللاجناس كاسامة يكون للمعانى ايضا لكن علم الأعيان لا يضاف وهذا لا يجوز بغير اضافة كما فى الآية أقيم مقام المصدر وبين مفعوله بإضافته اليه والمراد بالأزواج الأصناف والأنواع جمع زوج بالفارسية [جفت] خلاف الفرد ويقال للانواع ازواج لان كل نوع زوج بقسميه. وفى سبحان استعظام ما ذكر فى حيز الصلة من بدائع آثار قدرته وروائع نعمائه الموجبة للشكر وتخصيص العبادة به والتعجب من إخلال الكفرة بذلك والحالة هذه فان التنزيه لا ينافى التعجب. والمعنى اسبح الذي أوجد الأصناف والأنواع سبحانه اى انزهه عما لا يليق به عقدا وعملا تنزيها خاصا به حقيقا بشأنه فهو حكم منه تعالى بتنزهه وبراءته عن كل ما لا يليق به كما فعله الكفار من الشرك وما تركوه من الشكر وتلقين للمؤمنين ان يقولوه ويعتقدوا مضمونه ولا يخلوا به ولا يغفلوا عنه وقال بعضهم سبحان مصدر كغفران أريد به التنزه التام والتباعد الكلى عن السوء على ان تكون الجملة اخبار من الله بالتنزه والمعنى تنزه تعالى بذاته عن كل لا ما يليق به تنزها خاصا ومن هو خالق الأصناف والأنواع كيف يجوز ان يشرك به ما لا يخلق شيأ بل هو مخلوق عاجز قال ابن الشيخ والتنزيه يتناول التنزيه بالقلب وهو الاعتقاد الجازم وباللسان مع ذلك الاعتقاد وهو الذكر الحسن وبالأركان معهما جميعا وهو العمل الصالح والاول هو الأصل والثاني ثمرة الاول والثالث ثمرة الثاني وذلك لان الإنسان إذا اعتقد شيأ ظهر من قلبه على لسانه وإذا قال ظهر صدقه فى مقاله من افعال جوارحه فاللسان ترجمان الجنان والأركان ترجمان اللسان مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ بيان للازواج والمراد كل ما ينبت فيها من الأشياء المذكورة وغيرها وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ اى خلق الأزواج من أنفسهم اى الذكر والأنثى وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ اى والأزواج مما لا يطلعهم على خصوصياته لعدم قدرتهم على الإحاطة بها ولما انه لم يتعلق بها شىء من مصالحهم الدينية والدنيوية قال القرطبي اى من اصناف خلقه فى البر والبحر والسماء والأرض ثم يجوز ان يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر ويعلمه الملائكة ويجوز ان لا يعلمه مخلوق يقال دواب البحر والبر الف صنف لا يعلم الناس أكثرها قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون المعنى مما لا يدركون كنهه مما خلق من الأشياء من الثواب والعقاب كما قال عليه السلام (اربع لا تدرك غايتها شرور النفس وخداع إبليس وثواب اهل الجنة وعقاب اهل النار) ومنه الروح فانه ما بلغنا ان الله تعالى اطلع أحدا على حقيقة الروح وفى الآية اشارة الى انه ما من مخلوق الا وقد خلق شفعا إذ الفردية من أخص أوصاف الربوبية كما قال عبد العزيز المكي رحمه الله خلق الأزواج كلها ثم قال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ليستدل بذلك ان خالق الأشياء منزه عن الزوج والى ان فى كل شىء دليلا على وجوده تعالى ووحدته وكمال قدرته قال فى كشف الاسرار [هر يكى بر هستى الله كواه وبر يكانكىء وى نشان نه كواهى دهنده را خرد نه نشان دهنده را زبان]

صفحة رقم 395

كوهر أنوار را دلهاى پاك آمد صدف وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ بالنصب بإضمار فعل يفسره الظاهر كما فى زيدا ضربته اى وقدرنا القمر قدرناه اى قدرنا له وعينا مَنازِلَ وهى ثمان وعشرون مقسومة على الاثني عشر برجا كما استوفينا الكلام عليها فى أوائل سورة يونس ينزل القمر كل ليلة فى واحدة من تلك المنازل لا يتخطاها ولا يتقاصر عنها فاذا كان فى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين او ليلة ان كان تسعة وعشرين وقد صام عليه السلام ثمانية او تسعة رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما والباقي ثلاثين وقد قال عليه السلام (شهرا العيد لا ينقصان) اى حكمهما إذا كانا تسعا وعشرين مثل حكمهما إذا كانا ثلاثين فى الفضل وقد صح ان دور هذه الامة هو الدور القمري العربي الذي حسابه مبنى على الشهر لا الدور الشمسى الذي مبنى حسابه على الأيام حَتَّى عادَ [تا عود كرد ماه] وقال ابن الشيخ حتى صار القمر فى آخر الشهر وأول الشهر الثاني فى دقته واستقواسه واصفراره كَالْعُرْجُونِ فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج وهو عود العذق ما بين شماريخه الى منبته من النخلة. والعذق بالكسر فى النخل بمنزلة العنقود فى الكرم بالفارسية [خوشه خرما]. والشماريخ جمع شمراخ او شمروخ ما عليه البسر من العيدان الْقَدِيمِ العتيق فاذا قدم وعتق دق وتقوس واصفر شبه به القمر فى آخر الشهر فى هذه الوجوه الثلاثة اى فى عين الناظر وان كان فى الحقيقة عظيما بنفسه فالقديم ما تقادم عهده بحكم العادة ولا يشترط فى اطلاق لفظ القديم عليه مدة بعينها إذ يقال لبعض الأشياء قديم وان لم يمض عليه حول وقيل اقل هذا القديم الحول فمن حلف كل مملوك قديم لى فهو حر عتق من مضى عليه الحول قال فى كشف الاسرار [از روى حكمت كفته اند كه زيادت ونقصان ماه از آنست كه در ابتداى آفرينش نور او بر كمال بود بخود نظرى كرد عجبى در وى پيدا شد رب العزة جبريل را فرمود تا پر خويش بر روى ماه زد وآن نور از وى بستاد ابن عباس رضى الله عنهما كفت آن خطها كه بر روى ماه مى بينيد نشان پر جبرائيل است نور از وى بست اما نقش بر جاى بماند ونقش كلمه توحيد است بر پيشانى ماه نبشت «لا اله الا الله محمد رسول الله» يا خود حروفى كه از ان اسم جميل حاصل ميشود چون نور از ماه بستدند او را از خدمت دركاه منع كردند ماه از فرشتكان مدد خواست تا از بهر وى شفاعت كردند كفتند بار خدايا ماه در خدمت دركاه عزت خوى كرده هيچ روى آن دارد كه بيكباركى او را مهجور كنى رب العزه شفاعت ايشان قبول كرد واو را دستورى داد تا هر ماهى بيكبار سجود كند در شب چارده اكنون هر شب كه برآيد وبوقت خدمت نزديكتر مى كردد نور وى مى افزايد تا شب چهارده كه وقت سجود بود نورش بكمال رسد باز چون از چهارده دركذرد هر شب در نور وى نقصان مى آيد از بساط خدمت دورتر مى كردد] وقيل شبيه الشمس عبد يكون ابدا فى ضياء معرفته وهو صاحب تمكين غير متلون أشرقت شمس معرفته من بروج سعادته دائما لا يأخذه كسوف ولا يستره حجاب. وشبيه القمر عبد تكون أحواله فى التنقل وهو صاحب تلوين له من البسط ما يرقيه

صفحة رقم 399

الى حد الوصال ثم يرد الى الفترة ويقع فى القبض مما كان به من صفاء الحال فيتناقص ويرجع الى نقصان امره الى ان يرفع قلبه من وقته ثم يجود عليه الحق فيوفقه لرجوعه عن فترته وافاقته من سكرته فلا يزال يصفو حاله الى ان يقرب من الوصال ويرتقى الى ذروة الكمال فعند ذلك يقول بلسان الحال ما زلت انزل من ودادك منزلا تتحير الألباب عند نزوله وفى التأويلات النجمية وبقوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) يشير الى قمر القلب فان القلب كالقمر فى استفادة النور من شمس الروح اولا ثم من شمس شهود الحق تعالى ثانيا وله ثمانية وعشرون منزلا على حسب حروف القرآن كما ان للقمر ثمانية وعشرون منزلا فالقلب ينزل فى كل حين منها بمنزل وهذه اسماؤها الالفة والبر والتوبة والثبات والجمعية والحلم والخلوص والديانة والذلة والرأفة والزلفة والسلامة
والشوق والصدق والضرر والطلب والظمأ والعشق والغيرة والفتوة والقربة والكرم واللين والمروءة والنور والولاية والهداية واليقين فاذا صار الى آخر منازله فقد تخلق بخلق القرآن واعتصم بحبل الله وله آن ان يعتصم بالله ولهذا قال الله تعالى لنبيه فى قطع منازل العبودية (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ويقال للمؤمن فى الجنة اقرأ وارق يعنى اقرأ القرآن وارتق فى مقامات القرب وبقوله (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) يشير الى سير قمر القلب فى منازله فاذا الف الحق تعالى فى أول منزله ثم بر بالايمان والعمل الصالح ثم تاب وتوجه الى الحضرة ثم ثبت على تلك التوبة جعل له الجمعية مع الله فيستنير قمر قلبه بنور ربه حتى يصير بدرا كاملا ثم يتناقص بدنوه من شمس شهود الحق تعالى قليلا كلما ازداد دنوه من الشمس ازداد فى نفسه نقصانا الى ان يتلاشى ويخفى ولا يرى له اثر وهذا مقام الفقر الحقيقي الذي افتخر به النبي ﷺ فى قوله (الفقر فخرى) لانه عليه السلام كلما ازداد دنوه الى الحضرة ليلة المعراج ازداد فى فقره عن الوجود كما اخبر الله تعالى عنه بقوله (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) كمل هاهنا فقره عن الوجود فوجده الله تعالى عائلا فاغناه بجوده انتهى واعلم ان القمر مرآة قابلة لان تكتسب النور من قرص الشمس حسب المحاذاة بينهما ولما كان دور الشمس بطيئا كان ظهور اثرها دائرا على حصول الفصول الاربعة التي هى الربيع والصيف والخريف والشتاء ولما كان دور القمر سريعا كان ظهور اثره فى الكون سريعا والى القمر ينظر القلب فى سرعة الحركة ولهذا السر اسكن الله آدم فى فلك القمر لمناسبة باطنه به فى سرعة حركاته وتقلباته. ثم ان القمر مرئى مدرك واما الشمس فى إشراقها واضاءتها وتلألؤ شعاعها لا تدرك كيفيتها وكميتها على ما هى عليه من تمنعها وامتناعها واحتيج الى طريق يتوصل به الى ابصارها بقدر الوسع فافادت الفكرة والخبرة ان يأخذ الإنسان اناء كثيفا ويملأه ماء صافيا نظيفا ويضعه فى مقابلة الشمس لتنعكس صورة من الشمس فى الماء فيلاحظ الإنسان الشمس بغير دفع تلألؤ الاضواء ويراها فى أسفل قعر الإناء فان اللطيف من شأنه القبول والكثيف من شأنه الإمساك فقبل الماء وامسك الإناء وهذا تدبير من يريد أبصار الشمس الظاهرة بمقلته

صفحة رقم 400
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية