
من السعي في طلب المصالح والمنافع وتجنب المعاطب والمهالك الدنيوية والأخروية.
٣- العدول الى الاسمية:
وذلك في قوله «ومن الجبال» فإن إيراد هذه الجملة والجملة التي بعدها وهي «ومن الناس» اسميتين مع مشاركتهما للجملة الفعلية قبلهما في الاستشهاد بمضمون كل من هذه الجمل على تباين الناس في الأحوال، كما أن اختلاف الجبال والناس والدواب والأنعام فيما ذكر من الألوان أمر مستمر فعبر عنه بما يدل على الاستمرار، وأما إخراج الثمرات المختلفة فأمر حادث متجدد فعبر عنه بما يدل على الحدوث.
٤- التقديم والتأخير والحصر:
في قوله «إنما يخشى الله من عباده العلماء» لحصر الخشية بالعلماء كأنه قيل: إن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم، أما إذا قدمت الفاعل فإن المعنى ينقلب الى أنهم لا يخشون إلا الله وهما معنيان مختلفان كما يبدو للمتأمل.
[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٢٩ الى ٣١]
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠) وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١)

الإعراب:
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) إن واسمها وجملة يتلون صلة وكتاب الله مفعول يتلون وأقاموا الصلاة فعل ماض وفاعل ومفعول به وهي عطف على الصلة داخلة في حيزها. (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) عطف أيضا وأنفقوا فعل وفاعل ومما متعلقان بأنفقوا وجملة رزقناهم صلة وسرا وعلانية منصوبان بنزع الخافض أي في السر والعلانية وفي ذلك إلماع الى الإنفاق كيفما تهيأ ولك أن تنصبهما على الحال أي مسرين ومعلنين وقيل هو إلماع الى الصدقة المطلقة والأحسن فيها أن تكون سرا والزكاة وهي لا تكون إلا علانية.
(يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) جملة يرجون خبر إن وتجارة مفعول به ولن حرف نفي ونصب واستقبال وتبور فعل مضارع منصوب بلن وجملة لن تبور صفة لتجارة.
(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) اللام للعاقبة والصيرورة أو للتعليل ويوفيهم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بلن تبور على معنى أنها لن تكسد لأجل أن يوفيهم أجور أعمالهم الصالحة، وقيل إن اللام متعلقة بمحذوف دل عليه السياق أي فعلوا ذلك ليوفيهم والهاء مفعول يوفيهم الأول وأجورهم مفعول به ثان ويزيدهم عطف على يوفيهم وان واسمها وغفور خبرها الأول وشكور خبرها الثاني وجملة إن تعليل لما تقدم من التوفية والزيادة، وأجاز الزمخشري جعل جملة يرجون في محل نصب على الحال أي وأنفقوا راجين، وخبر إن قوله إنه غفور شكور. (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ) الذي مبتدأ