آيات من القرآن الكريم

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

(ومن الناس والدواب) وقرىء بتخفيف الباء (والأنعام) أي ومنهم نف أو نوع أو بعض.
(مختلف ألوانه) بالحمرة والسواد والبياض والخضرة والصفرة قال الفراء أي: خلق مختلف ألوانه كاختلاف الثمرات والجبال، وإنما ذكر سبحانه اختلاف الألوان في هذه الأشياء لأن هذا الاختلاف من أعظم الأدلة على قدرة الله وبديع صنعه.
(كذلك) أي مختلفاً مثل ذلك الاختلاف، والتقدير مختلف ألوانه اختلافاً كائناً كذلك أي كاختلاف الجبال والثمار، وقال ابن عطية: متعلق بما بعده أي مثل ذلك النظر والاعتبار في مخلوقات الله، واختلاف ألوانها (إنما يخشى

صفحة رقم 244

الله من عباده العلماء)، وهو مردود بأن ما بعد إنما لا يعمل فيما قبلها، والراجح الوجه الأول والوقف على كذلك تام، ثم استأنف الكلام وأخبر سبحانه بقوله:
(إنما يخشى الله من عباده العلماء) وهو من تتمة قوله: (إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب) على معنى إنما يخشاه سبحانه بالغيب العالمون به، وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة، وعلى كل تقدير فهو سبحانه قد عين في هذه الآية أهل خشيته، وهم العلماء به، وبعظيم قدرته قال مجاهد: إنما العالم من خشي الله عز وجل، ومثله عن الشعبي.
وقال مسروق: كفى بخشية الله علماً وكفى بالاغترار جهلاً، وعن ابن مسعود نحوه فمن كان أعلم بالله كان أخشاهم له. قال الربيع بن أنس: من لم يخش الله فليس بعالم، ووجه تقديم المفعول أن المقام مقام حصر الفاعلية ولو أخر لانعكس الأمر، وقرىء: برفع الاسم الشريف ونصب العلماء ورويت هذه القراءة عن أبي حنيفة. قال في الكشاف: الخشية في هذه القراءة استعارة، والمعنى أنه يجلهم ويعظهم كما يجل المهيب المخشي من الرجال بين الناس.
قال ابن عباس: العلماء بالله الذين يخافونه، وعنه قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير، وعن ابن مسعود قال: ليس العلم من كثرة الحديث، لكن العلم من الخشية، وفي لفظ بكثرة الرواية وعن حذيفة بحسب المؤمن من العلم أن يخشى الله.
وعن عائشة قالت: صنع رسول الله - ﷺ - شيئاًً فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي - ﷺ - فخطب فحمد الله، ثم قال: " ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية " أخرجه البخاري ومسلم.
(إن الله عزيز غفور) تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب لى معصيته غافر لمن تاب من عباده.

صفحة رقم 245

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠)

صفحة رقم 246
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية