آيات من القرآن الكريم

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ

والحر بالنهار والليل، هذا قول الفراء.
وقال رؤبة: الحرور بالليل، والسموم بالنهار.
قال: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الأحيآء وَلاَ الأموات﴾ أي: الأحياء القلوب بالإيمان، والأموات القلوب بغلبة الكفر عليها، فلا تعقل عن الله شيئاً..
قال ابن عباس: هذا كله مثل ضربه الله لأهل الطاعة والمعصية.
ثم قال: ﴿إِنَّ الله يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ﴾ أي: يوقف من يشاء لقبول كتابه فيتعظ به.
﴿وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القبور﴾ أي: لست يا محمد تسمع الموتى كتاب الله فتهديهم به، فكذلك لا تقدر أن تسمعه من أمات قلبه فيهتدي به.
ثم قال تعالى: ﴿إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ﴾ أي: تنذر من أُرسِلت إليه ليس عليك غير ذلك.
قوله تعالى: ﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بالحق بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ إلى قوله: ﴿الفضل الكبير﴾.

صفحة رقم 5970

أي: أرسلناك يا محمد بالدين الحق بشيراً بالجنة لمن أطاعك فآمن، ونذيراً تنذر بالنار من عصاك فكفر بك.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ﴾ أي: وما من أمة كانت قبلك يا محمد إلاّ وقد جاءها نذير ينذرها عذاب الله على الكفر.
قال قتادة كل أمة كان لها رسول.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي: إن يكذبك يا محمد مشركوا قومك فقد كذب الذين من قبلهم من الأمم رسلهم، جاءتهم الرسل بالبينات، أي بحجج الله الواضحة ﴿وبالزبر﴾ أي: بالكتاب من عند الله.
﴿وبالكتاب المنير﴾ أي: منير لمن تبينه وتدبره.
ثم قال: ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الذين كَفَرُواْ﴾ اي: أهلكتهم بكفرهم.
﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ أي انظر يا محمد كيف كان تغييري بهم وإنكار لكفرهم، وحلول عقوبتي بهم.
ثم قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا﴾ أي: منها الأحمر والأسود والأصفر.
ثم قال: ﴿وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ﴾ أي: طرائق، وهي الجدد جمع جُدّة، وهي الطريقة في الجبل.
قال الأخفش: ليس جُدَد يجمعك على جديد لأنه يلزم أن تقول فيه جُددٌ بالضم،

صفحة رقم 5971

قال: والجُدَد
ُ جمع جُدَّة.
والجُدَدُ الخطوط تكون في الجبال بيض وسود وحمر. فلذلك قال: ﴿مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا﴾ أي: ألوان الجدد.
ثم قال/: ﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ أي: وسود غرابيب، فهو مؤخر يراد به التقدم.
والعرب تقول: هو أسود غربيب إذا وصفوه بشدة السواد.
ثم قال: ﴿وَمِنَ الناس والدوآب والأنعام مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ﴾ أي: خلق مختلف ألوانه.
﴿كَذَلِكَ﴾ أي: مثل الجدد، أي كما اختلفت ألوان الطرائق في الجبال، كذلك تختلف ألوان الناس والأنعام وغيرهم، قدرة من الله تعالى ينبه خلقه عليها.
ومن أجل حذف الموصول قال: " ألوانه "، أي: خلق مختلف ألوانه، ولم يقل ألوانهم ولا ألوانها.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء﴾ أي: إنما يخاف الله ويتقي عقابه العلماء بقدرته على ما يشاء وأنه يفعل ما يريد، لأنّ من علم ذلك أيقن بالمعاقبة على المعصية فخاف الله واتقاها.
قال ابن عباس: هم الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير.

صفحة رقم 5972

وقال قتادة: كفى بالرهبة علماً.
قال مجاهد: إنما العالم من خشي الله.
وقال ابن مسعود: كفى بخشية الله علماً والاغترار به جهلاً.
قال ابن منصور بن زاذان: نُبِّئتث أن بعض من يُلقَى في النّار يتأذى الناس بريحه، فيقال: ويلك ما كنت تعمل؟ أما يكفي ما نحن فيه من الشر حتى ابتلينا بك وينتن ريحك؟ فيقول: كنت عالماً فلم أنتفع بعلمي.
وقال عمران القصير: بلغني أن في جهنّم وادياً تستعيذ منه جهنم كل يوم أربع مائة مرة مخافة أن يرسل عليها فيأكلها، أعد الله ذلك الوادي للمرائين من القراء.
ثم قال: ﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ﴾ أي: عزيز في انتقامه.
﴿غَفُورٌ﴾ للذنوب لمن تاب وأطاع.

صفحة رقم 5973

﴿كَذَلِكَ﴾ تمام حسن عند الجميع، و ﴿أَلْوَانُهَا﴾ تمام، و ﴿العلماء﴾ تمام.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الذين يَتْلُونَ كِتَابَ الله وَأَقَامُواْ الصلاة﴾ أي: يقرؤون القرآن ويدومون على أداء الصلاة لمواقيتها بحدودها. ومعنى أقاموا: يقيمون.
ثُمّ قال: ﴿وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً﴾ يعني: الزكاة المفروضة يعطونها خفية وجهاراً. وأنفقوا بمعنى ينفقون.
وقل: المعنى: أنهم يتصدقون بعد أداء الفرض الواجب عليهم.
ثم قال تعالى: ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ أي: يطلبون بفعلهم تجارة لن تبور، أي: لن تكسد ولن تهلك.
ثم قال: ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ أي: طلبوه ذلك ورجوه لكي يوفيهم أجورهم على فعلهم ذلك ويزيدهم من فضله، وهو ما زاد على الحسنة بحسنة، وذلك تسع حسنات إلى ست مائة وتسع وتسعين، هو تفضل من الله على عباده.
قال قتادة: كان مُطرِّف إذا مرَّ بهذه الآية: ﴿إِنَّ الذين يَتْلُونَ كِتَابَ الله﴾ قال: هذه آية

صفحة رقم 5974

القراء.
ثم قل: ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ أي: غفور لهؤلاء الذين تقدمت صفتهم، شكور لحسناتهم، قاله قتادة.
ثم قال تعالى: ﴿والذي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب﴾ أي: من القرآن، يخاطب محمّداً ﷺ. ﴿ هُوَ الحق﴾، أي: هو الحق عليك وعلى أمتك، أن تعملوا به وتتبعوا ما فيه دون غيره من الكتب التي نزلت قبله.
ثم قال: ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ أي: يصدق ما قبله من الكتب: التوراة والإنجيل وغيرها.
ثم قال: ﴿إِنَّ الله بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ أي: ذو خَبَرٍ بِهِمْ وعلم، بصيرٌ بما يصلحهم.
ثم قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا﴾ أي: الذين اخترنا، يعني أمة محمد ﷺ. واختُلِفَ في هذه الثلاثة الأصناف المذكورين في هذه السورة وفي سورة " الواقعة ".
فقيل: الأصناف في هذه السورة هم الأصناف في سورة " الواقعة "، فالسابق بالخيرات هو المقرب، والمقتصد هم أصحاب الميمنة، والظالم لنفسه هم أصحاب المشئمة. وأكثر الناس على أن الثلاثة الأصناف في هذه السورة، هم أمّة محمد ﷺ،

صفحة رقم 5975

لأنه قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا﴾، وأصحاب المشئمة المذكبين الضّالين لم يورثوا كتاباً، ولا اصطفاهم الله ولا اختارهم، وقد أخبرنا في هذه السورة أنه إنما أورث الكتاب من اختباره واصطفاه. فالظالم لنفسه ليس هو من أصحاب المشئمة، والثلاثة الأصناف في " الواقعة " يراد بها جميع الخلق من الأولين والآخرين، والثلاثة الأصناف في هذه السورة في أمة محمد ﷺ خاصة لقوله: / ﴿أَوْرَثْنَا الكتاب﴾ ولقوله: ﴿الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا﴾، ولما نذكره من قول الصحاب والتابعين وما روي في ذكل عن النبي ﷺ.
من ذلك قول ابن عباس، قال: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا﴾ أي: الذين اخترنا من عبادنا، قال: معناه اخترنا منهم، فالظالم لنفسه هو الذي يموت على كبيرة لم يتب منها، والمقتصد هو الذي مات على صغائر - ولم يصب كبيرة - لم يتب منها، والسابق هو الذي مات تائباً من كبيرته وصغيرته، أو لم يصب ذلك فيحتاج إلى توبة. ولا يسلم من الصغائر واحد إلاّ يحيى بن زكريا، فأمّا الكبائر فالأنبياء معصومون منها، وسائر الخلق غير معصومين منها إلاّ من شاء الله أن يعصمه. ومعنى " اصطفينا ": اخترنا منهم، يعني أمة محمد ﷺ، أورثهم الله تعالى كل كتاب أنزله، فالظالمهم يغفر له، ومقتصدهم يحاسب حساباً يسيراً، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.
وروى ابو الدرداء: أنّ النبي ﷺ قال: " يَجِيءُ هَذَا السَّابِقُ بِالخَيْرَاتِ فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ بِلاَ حِسَابٍ، وَيَجِيءُ هَذَا الْمُقْتَصِدُ فَيُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً، ثُمَّ يَتَجَاوَزُ اللهُ عَنْهُ، وَيَجِيءُ هَذَا الظَّالِمُ فَيُوقَفُ وَيُعَيَّرُ وَيُجْزَى وَيُغَرَّف ذُنُوبَهُ يُدْخِلُهُ اللهُ الجَنَّةِ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ

صفحة رقم 5976

فَهُمْ الّذِينَ قَالُوا (الحَمْدُ لله الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) أي غفر الذنب الكبير وشكر العمل القليل ".
وروى أيضاً أبو الدرداء: أنّ النبي ﷺ قال: " أَمَّا السَّابِقُ فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَالْمُقْتَصِدُ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً، وَأَمَّا الظَّالِمُ فَيُحْبَسُ فِي طُولِ المَحْبَسِ ثُمَّ يَتَجَاوَزُ اللهُ عَنْهُ ".
وقال عمر رضي الله عنهـ: سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له.
وقال ابن مسعود: هذه الأمة ثلاثة أثلاث يوم القيامة، ثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حساباً يسيراً، وثلث يجيئون بذنوبهم عظام فيقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء؟ وهو أعلم، فتقول الملائكة: هؤلاء جاءوا بذنوب عظام إلاّ أنهم لم يشركوا بك، فيقول الرب جلّ ثناؤه: أدخِلوا هؤلاء في سعة رحمتي. ثم تلا عبد الله هذه الآية.
وقال كعب لما قرأ هذه الآية أو قُرئت عليه: دخلوها وربّ الكعبة. وقال: الظالم لنفسه من هذه الأمة والمقتصد والسابق بالخيرات كلهم في الجنة. ألم ترَ أن الله يقول: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا﴾ الآية، ثم قرأ: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾ إلى قوله:

صفحة رقم 5977

﴿كُلَّ كَفُورٍ﴾.
وقال محمد بن الحنيفة: إنّ أمة محمد ﷺ مرحومة: الظالم مغفور له، والمقتصد في الجنات عند الله جلّ ذكره وثناؤه، والسابق بالخيرات في الدرجات عند الله جلّ ذكره.
وروي عن عمر وعثمان وأبي الدرداء وعقبة بن عمرو وعائشة رضي الله عنها أنهم قالوا: الثلاثة في الجنة ما لم يكن الظالم كافراً أو فاسقاً، أو منافقاً.
وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: الكتاب الذي أورث هؤلاء: شهادة أن لا إله إلاّ الله وهو قول مجاهد.
وروي أن كعب الأحبار لما أسلم قالت يهود: ما حملك على رأيك الذي رأيت؟ ألم تكن سيدننا وابن سيدنا في أنفسننا؟، قال لهم: أتلوموني إن كنت من أمة وجت مجتهدهم يدخل الجنة بغير حساب، ووجدت مقتصدهم يحاسب حساباً يسيراً،

صفحة رقم 5978

ووجدت ظالمهم يغفر له ذنبه.
وعن عائشة أنها قرأت هذه الآية: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا﴾ فلما بلغت: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾، قالت: دخلت - ورب الكعبة - هذه الأصناف الثلاثة الجنة، فلما دخلوها واستقروا بها قالوا: ﴿الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن﴾، أي: حزن ما عيانوه من أهوال الموقف. وقيل: قالوا ذلك حين أيقنوا بذهاب الموت وأمنوا، فذهاب الموت وفقده حسرة على أهل النار وفرحة لأهل الجنة.
وقيل: الحزن أنهم علموا أعمالاً في الدنيا كانوا في حزن ألاّ تقبل منهم، فلما قبلت زال الحزن.
وقال ابن عباس: المصطفون/ أمة محمد ﷺ.
قال: فالظالم لنفسه: المنافق وهو في النار، والمقتصد والسابق في الجنة.
وروي عن ابن عباس أيضاً أنه قال: جعل الله أهل الآية على ثلاث منازل، كقوله: ﴿وَأَصْحَابُ الشمال مَآ أَصْحَابُ الشمال﴾ [الواقعة: ٤١]. ﴿وَأَصْحَابُ اليمين مَآ أَصْحَابُ اليمين﴾ [الواقعة: ٢٧]. ﴿والسابقون السابقون أولئك المقربون﴾ [الواقعة: ١٠ - ١١] قال عكرمة اثنان في الجنة وواحد في النار.

صفحة رقم 5979

وقال مجاهد والحسن وقتادة: " فمنهم ظالم لنفسه ": هذا المنافق، " ومنهم مقتصد ": هذا صاحب اليمين، و " منهم سابق بالخيرات ": هذا المقرب. وروى ابن وهب أن عثمان بن عفان قال: سابقنا أهل الجهاد منا. ومقتصدنا أهل حاضرنا، وظالمنا أهل بدون.
وقال قتادة: الناس ثلاث منازل في الدنيا، وثلاث منازل عند الموت، وثلاث منازل في الآخرة. أما الدنيا فمؤمن ومنافق ومشرك، وأما عند الموت فمقرب وصاحب يمين وضال. وقرأ: ﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ المقربين﴾ إلى: ﴿وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ [الواقعة: ٨٨ - ٩٤]، وأما في الآخرة فصاحب يمين وصاحب شمال وسابق. ثم قرأ: ﴿فَأَصْحَابُ الميمنة مَآ أَصْحَابُ الميمنة * وَأَصْحَابُ المشأمة مَآ أَصْحَابُ المشأمة * والسابقون السابقون * أولئك المقربون﴾ [الواقعة: ٨ - ١١].
فالضمير المرفوع في ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾ على هذه الأقوال يعود على المقتصد والسابق. وعلى الأقوال الأولى يعود على الأصناف الثلاثة.
وقد قيل: إن المصطفين هنا: الأنبياء، والظالم لنفسه: المكتسب منهم الصغائر، وهذا قول شاذ، والأول أشهر.

صفحة رقم 5980
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية