آيات من القرآن الكريم

إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ

ورجعت معه فإذا هم قد خرجوا فضرب النبي صلّى الله عليه وسلّم بيني وبينه بالستر وأنزل الحجاب زاد في رواية قال دخل يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم البيت وأرخى الستر، وإني لفي الحجرة وهو يقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى قوله وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ (ق) عن عائشة «أن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم كن يخرجن بالليل، إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح، وكان عمر رضي الله عنه يقول للنبي صلّى الله عليه وسلّم، احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله الحجاب» المناصع المواضع الخالية، لقضاء الحاجة من البول أو الغائط والصعيد وجه الأرض والأفيح الواسع (ق)، عن أنس وابن عمر أن عمر قال «وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزل وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وقلت: يا رسول الله يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت الآية الحجاب واجتمع نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم في الغيرة فقلت عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك. وقال ابن عباس: إنها نزلت في ناس من المسلمين كانوا يتحينون طعام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيدخلون عليه قبل الطعام قبل أن يدرك ثم يأكلون، ولا يخرجون وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتأذى بهم، فنزلت الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ يعني إلا أن تدعوا إِلى طَعامٍ فيؤذن لكم فتأكلون غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ يعنى منتظرين نضجه ووقت إدراكه وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ أي أكلتم الطعام فَانْتَشِرُوا أي فاخرجوا من منزله وتفرقوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ أي لا تطيلوا الجلوس ليستأنس بعضكم بحديث بعض، وكانوا يجلسون بعد الطعام يتحدثون فنهوا عن ذلك إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أي فيستحيي من إخراجكم وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ أي لا يترك تأديبكم وبيان الحق حياء ولما كان الحياء مما يمنع الحيي من بعض الأفعال، قال لا يستحيي من الحق بمعنى لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منكم وهذا أدب أدب الله به الثقلاء، وقيل:
بحسبك من الثقلاء أن الله لم يحتملهم وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً أي وإذا سألتم نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم حاجة فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أي من وراء ستر فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متنقبة كانت أو غير متنقبة ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ أي من الريب وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ أي ليس لكم أذاه في شيء من الأشياء وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال إذا: قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلأنكحن عائشة. قيل هو طلحة بن عبيد الله فأخبر الله أن ذلك محرم، وقال إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً أي ذنبا عظيما وهذا من إعلام تعظيم الله لرسوله الله صلّى الله عليه وسلّم، وإيجاب حرمته حيا وميتا وإعلامه بذلك مما طيب نفسه وسر قلبه واستفرغ شكره فإن من الناس من تفرط غيرته على حرمه حتى يتمنى لها الموت قبله لئلا تنكح بعده.
[سورة الأحزاب (٣٣): الآيات ٥٤ الى ٥٦]
إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٥٤) لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٥٥) إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦)
إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أي من أمر نكاحهن على ألسنتكم أَوْ تُخْفُوهُ أي في صدوركم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً أي يعلم سركم وعلانيتكم، نزلت فيمن أضمر نكاح عائشة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقيل: قال رجل من الصحابة ما بالنا نمنع من الدخول على بنات أعمامنا، فنزلت هذه الآية، ولما نزلت آية الحجاب قال الآباء

صفحة رقم 434

والأبناء والأقارب لرسول الله، ونحن أيضا يا رسول الله نكلمهن من وراء حجاب فأنزل الله عز وجل لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ أي لا إثم عليهن في ترك الحجاب عن هؤلاء الأصناف من الأقارب وَلا نِسائِهِنَّ قيل أراد به النساء المسلمات، حتى لا يجوز للكتابيات الدخول على أزواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقيل هو عام في المسلمات والكتابيات وإنما قال ولا نسائهن لأنهن من أجناسهن وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ اختلفوا في أن عبد المرأة هل يكون محرما لها أم لا فقال قوم بل يكون محرما لقوله تعالى ولا ما ملكت أيمانهن، وقال قوم العبد كالأجانب والمراد من الآية الإماء دون العبيد وَاتَّقِينَ اللَّهَ أي أن يراكن أحد غير هؤلاء إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ أي من أعمال العباد شَهِيداً قوله عز وجل إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ قال ابن عباس: أراد أن الله يرحم النبي، والملائكة يدعون له وعنه أيضا يصلون يتبركون وقيل الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار فصلاة الله ثناؤه عليه عند ملائكته وصلاة الملائكة الدعاء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ أي ادعوا له بالرحمة وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي حيوه بتحية الإسلام.

فصل في صفة الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم وفضلها


اتفق العلماء على وجوب الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم اختلفوا فقيل تجب في العمر مرة وهو الأكثر، وقيل:
تجب في كل صلاة في التشهد الأخير وهو مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد وقيل: تجب كلما ذكر واختاره الطحاوي من الحنفية والحليمي من الشافعية والواجب اللهم صل على محمد وما زاد سنة (ق) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية إن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج علينا فقلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» (ق) عن أبي حميد الساعدي قال: قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك قال «قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد» (م) عن أبي مسعود البدري قال أتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك، فسكت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قولوا «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم» (م) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا» عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات» أخرجه الترمذي وله عن أبي طلحة «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء ذات يوم والبشر في وجهه فقلت إنا لنرى البشر في وجهك قال: أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا» وله عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض، يبلغوني عن أمتي السلام» عن ابن مسعود أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب. وله عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «البخيل الذي ذكرت عنده فلم يصل علي» أخرجه الترمذي: وقال حديث حسن غريب صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم صلي على محمد النبي الأمي، وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد» أخرجه أبو داود. قوله عز وجل:

صفحة رقم 435
لباب التأويل في معاني التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيحي
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1415
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية