آيات من القرآن الكريم

إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ

الحرائر.
قوله تعالى ذكره: ﴿يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي﴾ إلى قوله: ﴿وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾.
المعنى: أن الله جل ذكره أمر أصحاب النبي عليه السلام ألا يدخلوا عليه إلا أن يأذن لهم إلى طعام لم يكونوا منتظرين وقته وإدراكه.
وإنّاه مصدر أنَّى يَأْتِي إِنّاً وَإِنْياً وَأَنًّا ممدود، وفيه لغة أخرى، يقال: أن يَئين أنْياً، ويقال في معناه: نَالَ لَك وأنَالَ لكَ. ومعنى آن: حان. " وغير " منصوب على الحال من الكاف والميم في " لكم "، ولا يحسن خفضه على النعت لطعام لأنه لا يلزم منه إظهار الضمير، فتقول: غير ناظرين أنتم إناه، لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة على غ ير من هو له، أو خبراً لم يكن بد من إظهار الضمير الذي فيه. والمعنى غير منتظرين حينه ونضجه.
ثم قال: ﴿وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فادخلوا﴾ أي: إذا دعاكم رسول الله ﷺ إلى بيته لطعام فادخلوا.
﴿فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا﴾ أي: فتفرقوا إذا أكلتم من بيته.
﴿وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾ أي: لا متحدثين بعد فراغكم من أكلكم.
وكان نزول هذه الآية في قول أكلوا عند رسول الله ﷺ في وليمة زينب بنت

صفحة رقم 5861

جحش، ثم جلسوا يتحدثون في مجلس رسول الله، ولرسول الله إلى أهله حاجة، فمنعه الحياء أن يأمرهم بالخروج من منزله.
روى معنى ذلك أنس بن مالك، قال أنس: وكان قد أَوْلَمَ رسول الله بتمر وسَوِيقٍ.
وكان أنس ذلك اليوم ابن عشر سنين.
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ أمر نساء النبي ﷺ بالحجاب، فقالت زينب: يا ابن الخطاب إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ﴾.
وهذا أدب لأصحاب النبي عليه السلام ولمن بعدهم.
وقال قتادة: كان هذا في بيت أم سلمة أكلوا وأطالوا الحديث، فجعل النبي ﷺ يدخل ويخرج، ويستحي منهم والله لا يستحي من الحق.

صفحة رقم 5862

ثم قال: ﴿إِنَّ ذلكم كَانَ يُؤْذِي النبي﴾ أي: دخولكم في بيت النبي من غير أن يؤذن لكم، وجلوسكم فيها مستأنسين لحديث بعد فراغكم من أكل الطعام الذي دعيتم له كان يؤذي النبي فيستحي منكم أن يخرجكم منها. وأن يمنعكم من الدخول إذا دختلم بغير إذن مع كراهته لذلك منكم. ﴿والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق﴾ أن يبينه لكم.
ثم قال: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ﴾ أي: وإذا سألتم أزواج النبي ﷺ طعاماً أو غيره فخاطبوهن من وراء حجاب، أي: من وراء ستر/ ولا تدخلوا عليهن بيوتهن.
ثم قال جل ذكره: ﴿ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ أي: مخاطبتكم لهن من وراء حجاب أطهر لقلوبكم، وقلوبهن من عوارض الفتن.
وذكر مجاهد أن النبي ﷺ كان يطعم ومعه بعض أصحابه فأصابت يد رجل منهم يد عائشة فكره ذلك النبي، فنزلت آية الحجاب.
وروى أنس أن عمر قال: " قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ أنَّ نِسَاءَكَ يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، قال فنزلت آية الحجاب " وروي: " أنَّ سُودَة خرجَت ليلاً لِلبِرازِ عشاءً، وكانت طويلة فناداها عُمَر بِصَوْتِهِ الأَعلى: " قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا

صفحة رقم 5863

سُودَة حِرْصاً على أن يَنْزِلَ الحِجَابُ فنزلَت آيةُ الحِجَابِ ".
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ أي: ما ينبغي ولا يصلح لكم أذى نبيكم ولا نكاح أزواجه من بعده لأنهن أمهاتكم، فلهن حرمة الأمهات.
روى أبو صالح عن ابن عباس أنه قال: لما نزلت آية الحجاب قال رجل من أصحاب رسول الله: أينهانا رسول الله ﷺ أن ندخل على بنات عمنا، أما والله لئن مات رسول الله وأنا حَيٌّ لأتزوجن عائشة، فأنزل الله تعالى وجل ذكره: ﴿وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ إلى: ﴿عَلِيماً﴾. فأعلمهم أنه يعلم ما يخفون في أنفسهم وما يبدون.
قال قتادة: قال رجل من أصحاب رسول الله عليه السلام: إن مات رسول الله تزوجت فلانة، امرأة من أزواج النبي.
قال معمر: الذي قال هذا طلحة لعائشة.
ثم قال: ﴿إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيماً﴾ أي: إن أذاكم نبيكم ونكاحكم أزواجه من

صفحة رقم 5864

بعده عند الله عظيماً من الإثم.
ثم قال تعالى: ﴿إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ أي: إن تظهروا شيئاً بألسنتكم من جميع الأمور أو تخفوه في قلوبكم فلا تظهروه، فإن الله كان بكل شيء ذا علم لا يخفى عليه شيء.
ثم قال تعالى: ﴿لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ في آبَآئِهِنَّ﴾ أي: لا إثم على أزواج النبي في الظهور إلى آبائهم ولا إلى من ذكر بعد ذلك من ذوي المحارم. قال مجاهد: معناه: لا إثم عليهن في أن تضع الجلباب ومعها من ذكر. وقال قتادة: رخص لهؤلاء أن لا يحتجبن منهم.
وهذا القول أليق بسياق الآية. والآية عامة في أزواج النبي عليه السلام وأزواج المؤمنين ألا يحتجب من الآباء ولا من الأبناء ولا من الإخوة ولا من أبناء الإخوة.
قال الشعبي: ولم يذكر في ذلك العم حذاراً من أن يصفهن لأبنائه.
وكره الشعبي وعكرمة أن تضع خمارها عند عمها وخالها، لأنهما يصفانها إلى ابنيهما، ونكاحها إلى كل واحد من ابنيهما يحل. وقيل: إنما لم يذكر العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين. وقوله: ﴿وَلاَ نِسَآئِهِنَّ﴾ أي: ولا يحتجبن من نساء المؤمنين.
وقال ابن زيد: هذا كله في الزينة، وقوله: ﴿وَلاَ نِسَآئِهِنَّ﴾ يعني المؤمنات الحرائر،

صفحة رقم 5865

قال: ولايجوز للمرأة أن تنظر إلى شيء من عورات المرأة.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ يعني المماليك.
قال ابن زيد: كان أزواج النبي ﷺ لا يحتجبن من المماليك.
قيل: إن ذلك في النساء من المماليك خاصة.
وقيل: في النساء والرجال من المماليك.
ثم قال تعالى: ﴿واتقين الله﴾ أي: وخفنَ الله أن تتحدَّيْنَ في ما حدّ الله لكن في الحجاب.
﴿إِنَّ الله كَانَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً﴾ هو شاهد على ما تفعلنه من حجابكن وغير ذلك من أموركن.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي﴾. أجاز الكسائي رفع الملائكة. وأجاز: إن زيداً وعمرو متطلقان. ومنعه جميع النحويين في البسملة.
وأجازه بعضهم في الآية على حذف، والتقدير: إن الله يصلي على النبي وملائكته

صفحة رقم 5866
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية