آيات من القرآن الكريم

إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

من شئت وتطلق من شئت وقيل: معناه تتزوج من شئت، وتترك من شئت، والمعنى على كل قول توسعة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإباحة له أن يفعل ما يشاء، وقد اتفق الناقلون على أنه ﷺ كان يعدل في القسمة بين نسائه: أخذا منه بأفضل الأخلاق مع إباحة الله له، والضمير في قوله منهنّ: يعود على أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم خاصة أو على كل ما أحل الله له على حسب الخلاف المتقدم وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ في معناه قولان:
أحدهما من كنت عزلته من نسائك فلا جناح عليك في ردّه بعد عزله، والآخر من ابتغيت ومن عزلت سواء في إباحة ذلك، فمن للتبعيض على القول الأول، وأما على القول الثاني فنحو قولك: من لقيك ومن لم يلقك سواء ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ أي إذا علمن أن هذا حكم الله قرّت به أعينهن ورضين به، وزال ما كان بهنّ من الغيرة، فإن سبب نزول هذه الآية ما وقع لأزواج النبي ﷺ من غيرة بعضهن على بعض.
لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ فيه قولان: أحدهما لا يحل لك النساء غير اللاتي في عصمتك الآن ولا تزيد عليهن، قال ابن عباس لما خيرهنّ رسول الله ﷺ فاخترن الله ورسوله جازاهن الله على ذلك، بأن حرّم غيرهنّ من النساء كرامة لهنّ، والقول الثاني: لا يحل لك النساء غير الأصناف التي سميت، والخلاف هنا يجري على الخلاف في المراد بقوله: إنا أحللنا لك أزواجك: أي لا يحل لك غير من ذكر حسبما تقدم، وقيل: معنى لا يحل لك النساء: لا يحل لك اليهوديات والنصرانيات من بعد المسلمات المذكورات وهذا بعيد، واختلف في حكم هذه الآية، فقيل: إنها منسوخة بقوله إنا أحللنا لك أزواجك على القول بأن المراد جميع النساء، وقيل: إن هذه الآية ناسخة لتلك على القول بأن المراد من كان في عصمته، وهذا هو الأظهر لما ذكرنا عن ابن عباس، ولأن التسع في حقه عليه الصلاة والسلام كالأربع في حق أمته وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ معناه لا يحل لك أن تطلق واحدة منهن وتتزوج غيرها بدلا منها وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ في هذا دليل على جواز النظر إلى المرأة إذا أراد الرجل أن يتزوجها إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ المعنى أن الله أباح له الإماء، والاستثناء في موضع رفع على البدل من النساء، أو في موضع نصب على الاستثناء من الضمير في حسنهن.
لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ سبب هذه الآية ما رواه أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما تزوج زينب بنت جحش أو لم عليها فدعا الناس، فلما طعموا قعد نفر في طائفة من البيت، فثقل ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج ليخرجوا بخروجه، ومر على حجر

صفحة رقم 156

نسائه ثم عاد فوجدهم في مكانهم، فانصرف فخرجوا عن ذلك، وقال ابن عباس: نزلت في قوم كانوا يتحينون طعام النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخلون عليه قبل الطعام فيقعدون إلى أن يطبخ، ثم يأكلون ولا يخرجون، فأمروا أن لا يدخلوا حتى يؤذن لهم، وأن ينصرفوا إذا أكلوا، قلت:
والقول الأول أشهر، وقول ابن عباس أليق بما في الآية من النهي عن الدخول حتى يؤذن لهم، فعلى قول ابن عباس في النهي عن الدخول حتى يؤذن لهم، والقول الأول في النهي عن القعود بعد الأكل، فإن الآية تضمنت الحكمين غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ أي غير منتظرين لوقت الطعام، والإنا الوقت، وقيل: إنا الطعام نضجه وإدراكه، يقال أنى يأنى إناء وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا أمر بالدخول بعد الدعوة، وفي ذلك تأكيد للنهي عن الدخول قبلها فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا أي انصرفوا، قال بعضهم: هذا أدب أدّب الله به الثقلاء، وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ معطوف على غير ناظرين، أو تقديره: ولا تدخلوا مستأنسين، ومعناه النهي عن أن يطلبوا الجلوس للأنس بحديث بعضهم مع بعض، أو يستأنسوا لحديث أهل البيت، واستئناسهم: تسمعهم وتجسسهم إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ يعني جلوسهم للحديث أو دخولهم بغير إذن فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ تقديره يستحيي من إخراجكم، بدليل قوله: والله لا يستحيي من الحق: أي أن إخراجكم حق لا يتركه الله.
وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ المتاع الحاجة من الأثاث وغيره، وهذه الآية نزلت في احتجاب أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، وسببها ما رواه أنس من قعود القوم يوم الوليمة في بيت زينب، وقيل: سببها أنّ عمر بن الخطاب أشار على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يحجب نساءه، فنزلت الآية موافقة لقول عمر، قال بعضهم لما نزلت في أمهات المؤمنين «وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب» كن لا يجوز للناس كلامهن إلا من وراء حجاب، ولا يجوز أن يراهن [أحد] متنقبات ولا غير متنقبات، فخصصن بذلك دون سائر النساء ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ يريد أنقى من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء والنساء في أمر الرجال وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ سببها أن بعض الناس قالوا:
لو مات رسول الله ﷺ لتزوّجت عائشة، فحرم الله على الناس تزوج نسائه بعده كرامة له صلى الله عليه وآله وسلم لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ الآية: لما أوجب الله الحجاب أباح لهن الظهور لذوي محارمهن من القرابة وهم: الآباء، والأبناء، والإخوة، وأولادهم، وأولاد الأخوات وَلا نِسائِهِنَّ قيل يريد بالنساء القرابة والمصرفات لهن، وقيل: يريد نساء

صفحة رقم 157
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية