
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)
شرح الكلمات:
الله الذي خلقكم من ضعف: أي من نطفة وهي ماء مهين.
ثم جعل من بعد ضعف قوة: أي من بعد ضعف الطفولة قوة الشباب.
ثم جعل من بعد قوة ضعفا: أي من بعد قوة الشباب والكهولة ضعف الكبر والشيب
وشيبة: أي والهرم.
كذلك كانوا يؤفكون: أي كما صرفوا عن معرفة الصدق في اللبث كانوا يصرفون في الدنيا عن الإيمان بالبعث والجزاء في الآخرة فانصرافهم عن الحق في الدنيا سبب لهم عدم معرفتهم لمدة لبثهم في قبورهم.
لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم: أي في إنكارهم للبعث والجزاء.
ولا هم يستعتبون: أي لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى ما يرضي الله تعالى بالإيمان والعمل الصالح.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقال تعالى ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ (١) ﴾ وحده ﴿مِنْ ضَعْفٍ (٢) ﴾ أي من ماء مهين وهي النطفة ثم جعل من بعد ضعف أي ضعف الطفولة
٢ - قرأ نافع والجمهور من ضعف بضم الضاد في الألفاظ الثلاثة في هذه الآية وهي لغة الحجاز، وقرأ حفص بالفتح وهي لغة تميم ومن ابتدائية أي ابتدأ خلقكم من ضعف وهي النطفة ولا أضعف منها.

﴿قُوَّةً﴾ وهي قوة الشباب ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ﴾ أي قوة الشباب والكهولة ﴿ضَعْفاً﴾ أي ضعف الكبر ﴿وَشَيْبَةً (١) ﴾ أي الهرم وقوله تعالى ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ﴾ بخلقه ﴿الْقَدِيرُ﴾ على ما يشاء ويريده فهو تعالى قادر على إحياء الأموات وبعثهم، إذ القادر على إيجادهم من العدم قادر على بعثهم من الرّمم. وقوله تعالى ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾ أي القيامة ﴿يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ أي يحلف المجرمون من أهل الشرك والمعاصي ﴿مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ (٢) ﴾ أي لم يلبثوا في قبورهم إلا ساعة من زمن. وقوله تعالى ﴿كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٣) ﴾ أي كما صرفوا عن معرفة الصدق في اللبث في القبر كانوا يصرفون في الدنيا عن الإيمان بالله تعالى ولقائه، والصارف لهم ظلمة نفوسهم بسبب الشرك والمعاصي. وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ أي في كتاب المقادير ﴿إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ﴾ وهو يوم القيامة ﴿فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ لعدم إيمانكم بالله وبآياته والكتاب الذي أنزله.
وقوله ﴿فَيَوْمَئِذٍ﴾ أي يوم إذ يأتي يوم البعث ﴿لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ﴾ أي عن شركهم وكفرهم بلقاء ربهم، ﴿وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أي لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى ما يرضي الله تعالى من الإيمان والعمل الصالح وترك الشرك والمعاصي.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر الأدلة العقلية التي لا ترد بحال.
٢- بيان أطوار خلق الإنسان من نطفة إلى شيخوخة وهرم.
٣- فضل العلم والإيمان وأهلهما.
٤- بيان أن معذرة الظالمين لا تقبل منهم، ولا يستعتبون فيرضون الله تعالى فيرضى عنهم.
٢ - روي أن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت اللهم أمتعني بزوجي رسول الله وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية فقال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقد سألت الله تعالى لآجال مضروبة وأرزاق مقسومة ولكن سليه أن يعيذك من عذاب جهنم وعذاب القبر في الصحيح.
٣ - يقال أفك الرجل إذا صرف عن الصدق والخير. وأرض مأفوكة ممنوعة من المطر.