آيات من القرآن الكريم

فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

قوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ﴾ : أي: إذ يقعُ ذلك، ويقولُ الذين أوتوا العلمَ تلك المقالة.

صفحة رقم 55

قوله: «لا يَنْفَعُ» هو الناصبُ ل «يومئذٍ» قبله. وقرأ الكوفيون هنا وفي غافر بالياءِ مِنْ تحتُ. وافقهم نافعٌ على ما في غافر، لأن التأنيثَ مجازيٌّ ولأنه قد فُصِل أيضاً. والباقون بالتأنيث فيهما مراعاةً لِلَّفْظِ.
قوله: ﴿وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ قال الزمخشري: «مِنْ قولك: اسْتَعْتَبني فلانٌ فَأَعْتَبْتُه أي: استرضاني فَأَرْضَيْتُه، وكذلك إذا كنتَ جانياً عليه. وحقيقةُ أَعْتَبْتَه. أَزَلْتَ عَتْبَه ألا ترى إلى قوله:

٣٦٥٥ - غَضِبَتْ تميمٌ أَنْ يُقتَّل عامرٌ يومَ النسارِ فَأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
كيف جعلهم غِضاباً؟ ثم قال:» فَأُعْتِبوا «أي: أُزيل غَضَبُهم. والغضب في معنى العَتْبِ. والمعنى: لا يُقال لهم: أرْضُوا ربَّكم بتوبة وطاعةٍ. ومثلُه قولُه تعالى: ﴿فاليوم لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ [الجاثية: ٣٥] فإنْ قلتَ: كيف جُعِلوا غيرَ مُسْتَعْتِبين في بعضِ الآيات وغيرَ مُعْتَبين في بعضها، وهو قولُه: ﴿وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ المعتبين﴾ [فصلت: ٢٤]. قلت: أمَّا كونُهم غيرَ مُسْتَعْتِبين فهذا معناه، وأمَّا كونُهم غيرَ مُعْتَبين فمعناه: أنهم غيرُ راضين بما هم فيه، فشُبِّهَتْ حالُهم بحالِ قومٍ جُني عليهم فهم عاتِبون على الجاني، غيرُ راضين عنه بما هم

صفحة رقم 56

فيه. فإنْ يَسْتَعتبوا الله أي يَسْألوه إزالة ما هم فيه فما هم مِن المجابين» انتهى.
وقال ابن عطية: «ويَسْتَعْتِبون بمعنى يَعْتِبون كما تقول: يَمْلك ويَسْتملك. والبابُ في استفعل طلبُ الشيءِ، وليس هذا منه؛ لأنَّ المعنى كان يَفْسُدُ؛ إذ كان المفهومُ منه: ولا يُطْلَبُ منهم عُتْبى». قلت: وليس فاسداً لِما تقدَّم مِنْ قولِ أبي القاسم.

صفحة رقم 57
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية