آيات من القرآن الكريم

ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ ۖ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ

يُكْرَمون، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: ينعمون، قاله مجاهد، وقتادة. وقال الزجاج:
والحَبْرَة في اللغة: كل نَغْمَةَ حسنَة. والثالث: يفرحون، قاله السدي. وقال ابن قتيبة: «يُحْبَرون» يُسَرُّون، والحَبْرَة السُّرور. والرابع: أن الحَبْر: السّماع في الجنّة، فإذ أخذ أهل الجنة في السماع، لم تبق شجرة إِلاَّ ورَّدت، قاله يحيى بن أبي كثير. وسئل يحيى بن معاذ: أيّ الأصوات أحسن؟ فقال:
مزامير أُنس، في مقاصير قُدس، بألحان تحميد، في رياض تمجيد فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ «١».
قوله تعالى: فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ أي: هم حاضرون العذاب أبداً لا يخفَّف عنهم.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ١٧ الى ١٩]
فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩)
ثم ذكر ما تُدْرَك به الجنة ويُتباعَد به من النار فقال: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ قال المفسّرون:
المعنى: فصلّوا لله عزّ وجلّ حين تُمسون، أي: حين تدخُلون في المساء وَحِينَ تُصْبِحُونَ أي:
تدخلون في الصّباح، وتُظْهِرُونَ تدخُلون في الظهيرة، وهي وقت الزَّوال، وَعَشِيًّا أي: وسبِّحوه عشيّاً. وهذه الآية قد جمعت الصّلوات الخمس، فقوله تعالى: «حين تُمسون» يعني به صلاة المغرب والعشاء، «وحين تصبحون» يعني به صلاة الفجر، «وعشيّاً» العصر، و «حين تُظْهِرونَ» الظُّهر. قوله تعالى: وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال ابن عباس: يَحْمَده أهل السموات وأهل الأرض ويصلُّون له. قوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ فيه أقوال قد ذكرناها في سورة آل عمران «٢». قوله تعالى:
وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها أي: يجعلها مُنْبِتة بعد أن كانت لا تُنْبِت، وتلك حياتها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «تُخْرَجون» بضم التاء، وفتحها حمزة والكسائي والمراد: تخرجون يوم القيامة من الأرض، أي: كما أحيا الأرض بالنبات يُحييكم بالبعث.
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٢٠ الى ٢٩]
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤)
وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩)

(١) القمر: ٥٥.
(٢) آل عمران: ٢٧.

صفحة رقم 419

قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أي: من دلائل قدرته أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ يعني آدم لأنه أصل البشر ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ من لحم ودم، يعني ذرّيته تَنْتَشِرُونَ يعني تنبسطون في الأرض.
قوله تعالى: أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً فيه قولان: أحدهما: أنه يعني بذلك آدم، خلق حوَّاء من ضِلعه، وهو معنى قول قتادة. والثاني: أن المعنى: جعل لكم آدميَّات مثلكم ولم يجعلهنَّ من غير جنسكم، قاله الكلبي. قوله تعالى: لِتَسْكُنُوا إِلَيْها أي: لتأووا إِلى الأزواج وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً وذلك أن الزوجين يتوادَّان ويتراحمان من غير رَحِم بينهما إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكره من صنعه لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ في قدرة الله عزّ وجلّ وعظَمته. قوله تعالى: وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ يعني اللغات من العربية والعجمية وغير ذلك وَأَلْوانِكُمْ لأنَّ الخلق بين أسود وأبيض وأحمر، وهم ولد رجل واحد وامرأة واحدة. وقيل: المراد باختلاف الألسنة: اختلاف النَّغَمات والأصوات، حتى إِنه لا يشتبه صوت أخوين من أب وأم. والمراد باختلاف الألوان: اختلاف الصُّوَر، فلا تشتبه صورتان مع التشاكل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «للعالَمِين» بفتح اللام. وقرأ حفص عن عاصم: «للعالِمِين» بكسر اللام.
قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ أي: نومكم. قال أبو عبيدة: المنام من مصادر النَّوم، بمنزلة قام يقوم قِياماً ومَقاماً، وقال يقول مَقالاً، قال المفسرون: وتقدير الآية: منامكم بالليل وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ وهو طلب الرزق بالنهار إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ سماع اعتبار وتذكُّر وتدبُّر وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ قال اللغويون: إِنَّما حذف «أنْ» لدلالة الكلام عليه، وأنشدوا:

وما الدَّهْرُ إِلاَّ تارتان فتارةً أموتُ وأُخرى أبتغي العَيْش أكدحُ «١»
ومعناه: فتارة أموت فيها، وقال طرفة:
ألا أيّهذا الزّاجري أحصر الوغى «٢»
أراد: أن أحضر. وقد شرحنا معنى الخوف والطمع في رؤية البَرْق في سورة الرعد «٣».
قوله تعالى: أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ أي: تدوما قائمتين بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً وهي نفخة إسرافيل الأخيرة في الصّور بأمر الله عزّ وجلّ مِنَ الْأَرْضِ أي: من قبوركم إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ منها، وما بعد هذا قد سبق بيانه «٤» إلى قوله تعالى: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وفيه أربعة أقوال: أحدها: أن الإِعادة أهون عليه من البداية، وكُلُّ هيِّنٌ عليه، قاله مجاهد، وأبو العالية. والثاني: أنّ «أهون» بمعنى «هين» عليه، فالمعنى: وهو هيِّن عليه، وقد يوضع «أفعل» في موضع «فاعل»، ومثله قولهم في الأذان:
الله أكبر، أي: الله كبير، قال الفرزدق:
(١) البيت لتميم بن مقبل.
(٢) هو صدر بيت لطرفة بن العبد من معلقته وعجزه: وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي.
(٣) الرعد: ١٢. [.....]
(٤) البقرة: ١١٦ والعنكبوت: ١٩.

صفحة رقم 420
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية