آيات من القرآن الكريم

فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ

ثَمَناً قَلِيلًا هو حطام الدنيا أُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات القبيحة لا خَلاقَ لا نصيب لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ولا فى نعيمها وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وهو كناية عن شدة غضبه وسخطه نعوذ بالله من ذلك وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وهو مجاز عن الاستهانة بهم والسخط عليهم وَلا يُزَكِّيهِمْ اى لا يثنى عليهم كما يثنى على أوليائه مثل ثناء المزكى للشاهد. والتزكية من الله تعالى قد تكون على ألسنة الملائكة كقوله تعالى وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ وقد تكون بغير واسطة اما فى الدنيا فكقوله تعالى التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ واما فى الآخرة فكقوله تعالى سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ على ما فعلوه من المعاصي. والآية نزلت فى اليهود الذين حرفوا التوراة وبدلوا نعت رسول الله ﷺ وأخذوا الرشوة على ذلك وَإِنَّ مِنْهُمْ اى من اليهود المحرفين لَفَرِيقاً ككعب ابن الأشرف ومالك بن الصيف واضرابهما يَلْوُونَ من اللى وهو الفتل أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ اى يفتلونها بقراءته فيميلونها من المنزل الى المحرف لِتَحْسَبُوهُ اى المحرف المدلول عليه بقوله يلوون مِنَ الْكِتابِ اى من جملته وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ حال من الضمير المنصوب اى والحال انه ليس منه فى نفس الأمر وفى اعتقادهم ايضا وَيَقُولُونَ مع ما ذكر من اللى والتحريف على طريقة التصريح لا بالتوراة والتعريض هُوَ اى المحرف مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى منزل من عند الله وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ اى والحال انه ليس من عنده تعالى فى اعتقادهم ايضا وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ انهم كاذبون ومفترون على الله وهو تأكيد وتسجيل عليهم بالكذب على الله تعالى والتعمد فيه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما هم اليهود الذين قدموا على كعب بن الأشرف وغيروا التوراة وكتبوا كتابا بدلوا فيه صفة رسول الله ﷺ ثم أخذت قريظة ما كتبوا فخلطوه بالكتاب والاشارة فى الآيتين إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ الذي عاهدهم الله به يوم الميثاق فى التوحيد وطلب الوحدة وَأَيْمانِهِمْ التي يحلفون بها هاهنا ثَمَناً قَلِيلًا من متاع الدنيا وزخارفها مما يلائم الحواس الخمس والصفات النفسانية أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ الروحانية من نسيم روائح الأخلاق الربانية وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تقريبا وتكريما وتفهيما وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بنظر العناية والرحمة فيرحمهم ويزكيهم عن الصفات التي بها يستحقون دركات جهنم وَلا يُزَكِّيهِمْ عن الصفات الذميمة التي هى وقود النار بالنار الى الابد ولا يتخلصون منها ابدا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فيما لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم وَإِنَّ مِنْهُمْ اى من مدعى اهل المعرفة لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ اى بكلمات اهل المعرفة لِتَحْسَبُوهُ من المعرفة وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ الذي كتب الله فى قلوب العارفين وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعنى من العلم اللدني وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
بإظهار الدعاوى عند فقدان المعاني وَهُمْ يَعْلَمُونَ ولا يعلمون انهم يقولون ما لا يفعلون: قال السعدي قدس سره

كرا جامه پاكست وسيرت پليد درد ورخش را نبايد كليد
يعنى يدخل جهنم من قبل ان يحاسب على ما فعله لان مآله الى النار والمحاسبة وان كانت نوعا من التعذيب الا ان عذاب جهنم أشد منها

صفحة رقم 53

يعنى يصل صوت الطبل الى البعيد وبسمع من البعيد لكونه خاليا فكذلك أمثالهم يشتهر ذكرهم بين الناس وليس ذلك الا لكونهم خالين عن الحقيقة إذ المرء الصادق فى طلبه والواصل الى ربه يحب الخمول والنفرة عن الخلق فشأنه التجنب من كل شىء سوى الله دون تشهير نفسه وجلب المال من أيدي الناس بل من الناس من يرغب عنه وهو مرغوب

كسى را كه نزديك ظنت بد اوست چهـ دانى كه صاحب ولايت خود اوست
در معرفت بر كسانيست باز كه درهاست بر روى ايشان فرار
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ قال قوم ان الله تعالى أخذ الميثاق من النبيين خاصة آن يصدق بعضهم بعضا وأخذ العهد على كل نبى ان يؤمن بمن يأتى بعده من الأنبياء وينصره ان أدركه وان لم يدركه ان يأمر قومه بالايمان به وبنصرته ان أدركوه فأخذ الميثاق من موسى ان يؤمن بعيسى ومن عيسى ان يؤمن بمحمد عليه السلام وإذا كان هذا حكم الأنبياء كان الأمم بذلك اولى وأحرى اى اذكر يا محمد وقت أخذ الله ميثاق الأنبياء وأممهم لَما آتَيْتُكُمْ اللام موطئة لان أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف وما مبتدأ موصولة وآتيتكم صلتها والعائد محذوف تقديره للذى آتيناكموه مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ وهى بيان احكام الحلال والحرام والحدود حال من الموصول ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ عطف على الصلة والمعطوف على الصلة صلة فلا بد من الرابط فالتقدير رسول به مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ من الكتاب لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ جواب قسم مقدر وهذا القسم المقدر وجوابه خبر للمبتدأ اى والله لتصدقنه برسالته وتنصرنه على أعدائه لاظهار دين الحق. فان قيل ما وجه قوله تعالى ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ والرسول لا يجيئ الى النبيين وانما يجيئ الى الأمم. والجواب ان حملنا قوله وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ على أخذ ميثاق أممهم فقد اندفع الاشكال وان حملناه على أخذ ميثاق النبيين أنفسهم كان معنى قوله ثُمَّ جاءَكُمْ اى جاء فى زمانكم قالَ اى الله تعالى بعد ما أخذ الميثاق أَأَقْرَرْتُمْ اى بالايمان والنصر له والاستفهام للتقرير والتأكيد عليهم لاستحالة حقيقة الاستفهام فى حقه تعالى وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ الميثاق إِصْرِي اى عقدى الذي عقدته عليكم.
والإصر الثقل الذي يلحق الإنسان لاجل ما يلازمه من العمل والإصر هاهنا العهد الثقيل لانه ثقل على صاحبه من حيث انه يمنع عن مخالفته إياه قالُوا أَقْرَرْنا بذلك واكتفى به عن ذكر أخذهم الإصر قالَ سبحانه وتعالى فَاشْهَدُوا ايها الأنبياء والأمم بإقرار بعضكم على بعض وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ اى وانا ايضا شاهد على إقراركم ذلك مصاحب لكم وإدخال مع على المخاطبين لما انهم المباشرون للشهادة حقيقة والمقصود منه التأكيد والتحذير من الرجوع إذا علموا شهادة الله وشهادة بعضهم على بعض فَمَنْ تَوَلَّى اى اعرض عما ذكر بَعْدَ ذلِكَ الميثاق والتوكيد بالإقرار والشهادة فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ المتمردون الخارجون عن الطاعة من الكفرة فان الفاسق من كل طائفة من كان متجاوزا عن الحد. قال فى التيسير والتولي لا يقع من الأنبياء ولا يوصفون بالفسق لكن له وجهان.
أحدهما ان الميثاق كان على الأنبياء وأممهم على التبعية والتولي من الأمم خاصة. والثاني ان العصمة

صفحة رقم 56
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية