آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

عَبَّاسٍ: فَتَقولون (١) مَاذَا؟ قَالَ: نَقُولُ (٢) لَيْسَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ بَأْسٌ. قَالَ: هَذَا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: ﴿لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ إِنَّهُمْ إِذَا (٣) أَدَّوُا الْجِزْيَةَ لَمْ تَحل لَكُمْ أموالهُم إِلَّا بِطِيب أَنْفُسِهِمْ.
وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (٤) بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ (٥) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: ﴿لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ﴾ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٦) كَذَبَ أَعْدَاءُ اللهِ، مَا مِنْ شِيٍء كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ إِلا وَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلا الأمَانَةَ، فَإِنَّهَا مُؤَدَّاةٌ إِلَى الْبَرِّ وَالفَاجِرِ" (٧)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى﴾ أَيْ: لَكِنْ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْكُمْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ الَّذِي عَاهَدَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، مِنَ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بُعِثَ، كَمَا أَخَذَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمَهُمْ بِذَلِكَ، وَاتَّقَى مَحَارِمَ اللَّهِ تَعَالَى وَاتَّبَعَ طَاعَتَهُ وَشَرِيعَتَهُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا خَاتَمَ رُسُلِهِ (٨) وَسَيِّدَ الْبَشَرِ " فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ "
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَعْتَاضُونَ (٩) عَمَّا عَهِدَهُمُ (١٠) اللَّهُ عَلَيْهِ، مِنَ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذِكْرِ (١١) صِفَتِهِ النَّاسَ وَبَيَانِ أَمْرِهِ، وَعَنْ أَيْمَانِهِمُ الْكَاذِبَةِ الْفَاجِرَةِ الْآثِمَةِ بِالْأَثْمَانِ الْقَلِيلَةِ الزَّهِيدَةِ، وَهِيَ عُرُوضُ هَذِهِ (١٢) الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ " أُولَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ " أَيْ: لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِيهَا، وَلَا حَظَّ لَهُمْ مِنْهَا " وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أَيْ: بِرَحْمَةٍ (١٣) مِنْهُ لَهُمْ، بِمَعْنَى: لَا يُكَلِّمُهُمْ كَلَامَ لُطْفٍ بِهِمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ " وَلا يُزَكِّيهِمْ " أَيْ: مِنَ الذُّنُوبِ وَالْأَدْنَاسِ، بَلْ يَأْمُرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ " وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَلْنَذْكُرْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهَا:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ مُدْرِك أخْبرَني قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَة، عَنْ خَرَشة (١٤) بْنِ الحُر، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثَة لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ خَابُوا وَخَسِرُوا. قَالَ: وَأَعَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١٥) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: "المُسْبِل، والمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ

(١) في ر، أ: "فيقولون".
(٢) في أ: "يقول".
(٣) في أ:"لو".
(٤) تفسير عبد الرازق (١/١٣٠).
(٥) في ر: "الزهري".
(٦) زيادة من جـ، أ، و.
(٧) تفسير ابن أبي حاتم (٢/٣٤٩) ورواه الطبري في تفسيره (٦/٥٢٢) وهو مرسل.
(٨) في جـ، ر، أ، و: "الرسل".
(٩) في جـ: "يقاضون".
(١٠) في ر، أ، و: "عاهدتم".
(١١) في جـ: "فذكر".
(١٢) في أ، و: "عروض الحياة هذه الدنيا".
(١٣) في أ: "برحمته".
(١٤) في ر، أ: " حرسه".
(١٥) زيادة من جـ، ر، أ، و.

صفحة رقم 62

الْكاذِبِ، والمنانُ". (١) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَهْلُ السُّنَنِ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، بِهِ.
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الحُرَيري، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّير، عَنْ أَبِي الأحْمَس (٢) قَالَ: لقيتُ أَبَا ذَرٍّ، فقلتُ لَهُ: بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحدِّث حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَا تَخَالُني أكذبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَمَا الَّذِي بَلَغَكَ عَنِّي؟ قلتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَثَلَاثَةٌ يَشْنَؤهم اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: قُلْتُهُ وَسَمِعْتُهُ. قُلْتُ: فَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ يَلْقَى الْعَدُوَّ فِي فِئَةٍ فَيَنْصِبُ لَهُمْ نَحْرَه حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لِأَصْحَابِهِ. والقومُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سِرَاهُمْ حَتَّى يَحنُّوا أَنْ يُمْسُوا (٣) الْأَرْضَ فَيَنْزِلُونَ، فَيَتَنَحَّى أَحَدُهُمْ فَيُصَلِّي حَتَّى يُوقِظَهُمْ لِرَحِيلِهِمْ. والرجلُ يَكُونُ لَهُ الْجَارُ يُؤْذِيهِ (٤) فَيَصْبِرُ عَلَى أذاهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ (٥) أَوْ ظَعْن. قُلْتُ: وَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشْنَأُ (٦) اللَّهُ؟ قَالَ: التَّاجِرُ الْحَلَّافُ -أَوِ (٧) الْبَائِعُ الْحَلَّافُ -وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ (٨) غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (٩).
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَدِيّ بْنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوة والعُرْس بْنُ عَمِيرة (١٠) عَنْ أَبِيهِ عَدِي -هَو ابْنُ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيُّ-قَالَ: خَاصَمَ رَجُلٌ مِنْ كِنْدةَ يُقَالُ لَهُ: امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ (١١) رَجلا مِنْ حَضْرمَوْت إلى رسول الله ﷺ فِي أَرْضٍ، فَقَضَى عَلَى الْحَضْرَمِيِّ بِالْبَيِّنَةِ، فَلَمْ يَكُنْ (١٢) لَهُ بَيِّنَةٌ، فَقَضَى عَلَى امْرِئِ الْقَيْسِ بِالْيَمِينِ. فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: إِنْ أَمْكَنْتُهُ مِنَ الْيَمِينِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذهبتْ وَرَبِّ (١٣) الْكَعْبَةِ أَرْضِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ لِيقتطِعَ بِهَا مَال أحَد لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" قَالَ رَجَاءٌ: وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: مَاذَا لِمَنْ تَرَكَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ (١٤) الْجَنَّةُ" قَالَ: فاشهَدْ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُهَا لَهُ كُلَّهَا. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، بِهِ (١٥).
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقيق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِر، لِيقْتَطِعَ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ الله عَزَّ

(١) المسند (٥/١٤٨) وصحيح مسلم برقم (١٠٦) وأبو داود في السنن برقم (٤٠٨٧، ٤٠٨٨) والترمذي في السنن برقم (١٢١١) والنسائي في السنن (٥/٨١) وابن ماجه في السنن برقم (٢٢٠٨).
(٢) في ر: "الأخفش".
(٣) في جـ، ر: "يحبوا أن يمشوا".
(٤) في ر: "يؤذيه جوره"، وفي أ، و: "يؤذيه جواره".
(٥) في جـ، ر: "الموت".
(٦) في جـ، ر، أ: "يشنأهم".
(٧) في أ، و: "أو قال".
(٨) في ر: "المنام".
(٩) المسند (٥/١٥١).
(١٠) في أ: "عمير".
(١١) في جـ، ر، أ، و: "بن عامر" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من المسند للإمام أحمد (٤/١٩١).
(١٢) في و: "تكن".
(١٣) في ر: "أو رب".
(١٤) في أ: "قال".
(١٥) المسند (٤/١٩١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٥٩٩٦).

صفحة رقم 63

وجَلَّ وَهُوَ عَليْهِ غَضْبَانُ".
فَقَالَ (١) الْأَشْعَثُ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فجَحَدني، فقدَّمته إِلَى رَسُولِ (٢) اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَكَ بَيَّنة؟ " قلتُ: لَا فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: "احْلِفْ" فقلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفُ فَيَذْهَبُ مَالِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ [إِلَى آخِرِ] (٣) الْآيَةِ: أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ (٤).
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُود، عَنْ شَقِيق بْنِ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مسلمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان" قَالَ: فَجَاءَ الأشْعث بْنُ قَيْس فَقَالَ: مَا يُحدِّثكم أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثْنَاهُ، فَقَالَ: فِيَّ كَانَ (٥) هَذَا الْحَدِيثُ، خاصمتُ ابْنَ عمٍّ لِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِئْرٍ لِي كَانَتْ فِي يَدِهِ، فجَحَدني، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيِّنَتُكَ أنَّها بِئْرُكَ وَإلا فَيَمِينُهُ" قَالَ: قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي بَيِّنَةٌ، وَإِنْ تَجْعَلْهَا بِيَمِينِهِ (٦) تَذْهَبُ بِئْرِي (٧) ؛ إنَّ خَصْمي امْرُؤٌ فَاجِرٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اقْتَطَعَ مَالَ امْرِئٍ مسلمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان" قَالَ: وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا [أُولَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] (٨) (٩) ﴾.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلان، حَدَّثَنَا رشْدين عن زَبّان، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ لِلَّهِ تَعَالى عِبَادًا لَا يُكَلِّمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلا يَنْظُرُ إلَيهِمْ" قِيلَ: وَمَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مُتَبَرِّئٌ مَنْ وَالِدَيهِ رَاغِبٌ عَنْهُمَا، ومُتَبَرِّئٌ مِنْ وَلَدِهِ، وَرَجُلٌ أنْعَمَ عَلِيْهِ قَوْمٌ فكَفَر نعْمَتَهُمْ وتَبَرَّأ مِنْهُمْ" (١٠).
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْم، أَنْبَأَنَا الْعَوَّامُ -يَعني ابْنَ حَوْشَبَ-عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي السَّكْسَكي-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوْفَى: أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً لَهُ فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ أعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطه، ليُوقع فِيهَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنِ الْعَوَّامِ (١١).
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي

(١) في جـ،: "قال".
(٢) في ر: "النبي".
(٣) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(٤) المسند (٥/٢١١) والبخاري في صحيحه برقم (٢٦٧٣).
(٥) في جـ: "كان في".
(٦) في جـ، ر: "يمينه".
(٧) في جـ: "فذهب ببئر"، وفي ر: "يذهب بئري".
(٨) زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
(٩) المسند (٥/١٢).
(١٠) المسند (٣/٤٤٠).
(١١) تفسير ابن أبي حاتم (٢/٣٥٥) وصحيح البخاري برقم (٤٥٥١).

صفحة رقم 64

هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ ولَهم عذابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ فَضْلَ مَاءٍ عِنْدَهُ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ -يَعْنِي كَاذِبًا-وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا، فَإِنْ أَعْطَاهُ وَفَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حسن صحيح (١).

(١) المسند (٢/٤٨٠) وسنن أبي داود برقم (٣٤٧٤) وسنن الترمذي برقم (١٥٩٥).

صفحة رقم 65
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية