
إن الحق يسألهم على لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم تكفرون بآيات الله العجيبة وأنتم تشهدون؟ وهنا قد يسأل سائل هل شهد أهل الكتاب الآيات العجيبة في زمن رسول الله؟
والإجابة هي: ألم يستفتح اليهود على من يقاتلونهم بمجيء نبي قادم؟ إنهم كانوا يدعون الله قائلين: إنا نسألك بحق النبي الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا تنصرنا عليهم فكانوا يُنصرون على أعدائهم فلما بعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كفروا به بغيا وحسداً قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين﴾ [البقرة: ٨٩].
لقد كفروا من أجل السلطة الزمنية. فقد كانوا يريدون الملك والحكم. وهذا عبد الله بن سلام الذي كان يهوديّاً فأسلم قد قال عن سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لقد عرفته حين رأيته كمعرفتي لابني ومعرفتي لمحمد أشد».

إذن فمعرفتهم بنعت رسول الله ووصفه موجودة في آيات التوراة ولقد شهدوا الآيات البينات، لكنهم أنكروا الآيات طمعا في السلطة الزمنية حتى ولو تطلب ذلك أن يُحرِّف بعضهم منهج الله سبحانه وتعالي ويحوّلوا هذا التحريف إلى سلطة زمنية فاسدة كهؤلاء الذين باعوا صكوك الغفران ولذلك قال الحق عن هؤلاء الذين يحرفون منهج الله: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ الله لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾ [البقرة: ٧٩].
إن العذاب هو مصير هؤلاء الدين يحرفون كلام الله ومنهجه.
ويقول الحق سبحانه: ﴿ياأهل الكتاب لِمَ تَلْبِسُونَ الحق بالباطل... ﴾