آيات من القرآن الكريم

فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

موسى، وبعد مُضِيِّ ثلاثة قرون «١»، وقيل: الآيةُ توبيخٌ لنصارى نَجْرَانَ، وسُرْعَةُ الحسَاب:
يحتمل أنْ يراد بها: مَجِيءُ القيامةِ والحِسَابِ إذ كل آت قريبٌ، ويحتمل أنْ يراد بسُرْعَةِ الحِسَابِ: أنَّ اللَّه تعالى بإِحاطته بكلِّ شَيْءٍ عِلْماً لا يحتاجُ إلى عَدٍّ ولا فكْرة قاله مجاهد «٢».
وقوله تعالى: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ... الآية: الضميرُ في حَاجُّوكَ لليهودِ، ولنصارى نَجْرَانَ، والمعنى: إنْ جادَلُوك وتعنَّتوا بالأقاويلِ المزوَّرة والمغالطاتِ، فأسند إلى ما كُلِّفْتَ من الإِيمانِ، والتبليغِ، وعلى اللَّه نَصْرُكَ.
وقوله: وَجْهِيَ: يحتمل أنْ يراد به المَقْصِدُ، أي: جعلتُ مقصدي للَّه، ويحتمل أنْ يراد به الذاتُ، أي: أَسْلَمْتُ شخْصي وَذاتِي للَّه، وأسلَمْتُ في هذا الموضعِ بمعنى:
دَفَعْتُ، وأمضَيْتُ، وليستْ بمعنى دَخَلْتُ في السِّلْم/ لأنَّ تلك لا تتعدى، ومَنِ اتبعني:
في موضع رفعٍ عطْفاً على الضميرِ في «أَسْلَمْتُ»، والَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ، في هذا الموضعِ: يجمعُ اليهودَ والنصارى باتفاق، والأميُّونَ: الذين لا يكتبون، وهم العَرَبُ في هذه الآية، وقوله: أَأَسْلَمْتُمْ: تقرير في ضمنه الأمر، وقال الزّجّاج: أَأَسْلَمْتُمْ:
تهدّد، وهو حسن، والْبَلاغُ: مَصْدَرُ بَلَغَ بتخفيف عَيْنِ الفعل.
وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ وعدٌ للمؤمنين، ووعيد للكافرين.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٢١ الى ٢٥]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥)
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ... الآية: هذه الآية نزلت في اليهود

- التّيمي، وسليمان الأعمش، وابن المبارك، قال أبو حاتم: صدوق، قيل: توفي سنة تسع وثلاثين ومائة، وقيل: سنة أربعين. ينظر: «الخلاصة» (١/ ٣١٨).
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٢١٣) برقم (٦٧٦٥)، وذكره ابن عطية (١/ ٤١٣)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٢٢) وعزاه لابن جرير.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٢١٤) برقم (٦٧٦٨) بنحوه.

صفحة رقم 25

والنصارى، وتعمُّ كلَّ من كان بهذه الحال، وفيها توبيخ للمعاصرين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، روى أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ «١»، عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم «أَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ قَتَلُوا ثَلاَثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا، فاجتمع مِنْ عُبَّادِهِمْ وأَحْبَارِهِمْ مِائَةٌ وعِشْرُونَ لِيُغَيِّرُوا المُنْكَرَ، وَيُنْكِرُوا، فَقُتِلُوا جَمِيعاً، كُلُّ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وذَلِكَ معنى قَوْلِهِ تعالى: وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ «٢»، وحَبِطَتْ: معناه: بَطَلَتْ.
وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ...
الآية: قال ابن عبَّاس: نزَلَتْ هذه الآية بسبب أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخَلَ بيْتَ المِدْرَاسِ على جماعةٍ من يَهُود، فدعاهمْ إِلى اللَّه تعالى، فقال له نُعَيْمُ بْنُ عَمْرٍو، والحَارِثُ بْنُ زَيْدٍ: على أَيِّ دِينٍ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، فقالَ رسولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: أنا على ملّة إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالا: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَهُودِيًّا، فَقَالَ لَهُمُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: فَهَلُمُّوا إِلَى التَّوْرَاةِ، فَهِيَ بَيْنَنَا، وَبَيْنَكُمْ، فَأَبَيَا عَلَيْهِ، وَنَزَلَتِ الآيةُ «٣».
قال ع «٤» : فالكتابُ في قوله: مِنَ الْكِتابِ: اسمُ جنس، والكتابُ في قوله: إِلى كِتابِ اللَّهِ هو التوراةُ، وقال قتادةُ وابنُ جُرَيْجٍ: هو القرآن «٥»، ورجَّح الطبريُّ الأولَ «٦».
وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا: الإشارة فيه إٍلى التولِّي والإِعراض، أي: إِنما تولَّوْا، وأعرضوا لاغترارهم بأقوالهم، وافترائهم، ثم قال تعالى خطابا لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم،

(١) هو: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر.. أبو عبيدة. القرشي. الفهري. أمين الأمة، المشهور ب «أبو عبيدة بن الجراح». قال ابن الأثير:
أحد العشرة المشهور لهم بالجنة، وشهد بدرا وأحدا. وسائر المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية. توفي في طاعون «عمواس» سنة (١٨).
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٦/ ٢٠٥)، «الإصابة» (٧/ ١٢٨)، «تجريد أسماء الصحابة» (٢/ ١٨٥)، «بقي بن مخلد» (١٥١)، «الاستيعاب» (٤/ ١٧١٠)، «تقريب التهذيب» (٢/ ٤٤٨)، «تهذيب التهذيب» (١٢/ ١٥٩)، «تهذيب الكمال» (٣/ ١٦٢٣)، «العقد الثمين» (٨/ ٦٩)، «مقاتل الطالبين» (٥٧).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٢١٦) برقم (٦٧٧٧)، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٢٣)، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٢١٧) برقم (٦٧٧٨) عن ابن عباس.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٢٤)، وزاد نسبته إلى ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٤١٦). [.....]
(٥) ذكره الماوردي في «تفسيره» (١/ ٣١٢)، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٤١٦).
(٦) ينظر الطبري (٣/ ٢١٩).

صفحة رقم 26
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية