آيات من القرآن الكريم

وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ

وقال الفرّاء (١): هو نصبٌ على التفسير (٢)، كما تقول: (هو لك: هِبَةً وبَيْعًا وَصَدَقَة).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾ أي: مما يَتَقَلَّبُ (٣) فيه الكفّار في دار الدنيا. و (الأبرار) (٤) يجوز أن يكون واحده (بارٌّ)، مثل: صاحِبٌ وأصحاب. ويجوز أن يكون واحده (بَرٌّ)، وأصلُهُ: (بَرَرٌ) (٥)، فأدْغِمَ (٦) للتضعيف (٧).
١٩٩ - وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ الآية.

(١) في "معاني القرآن" له ١/ ٢٥١. نقله عنه بتصرف.
(٢) (التفسير) من مصطلحات الكوفيين. وهو (التمييز) عند البصريين، ويقال له كذلك: التبيين. وقد يُطلِقُ الفراءُ (التفسير) على المفعول لأجله، أو على بدل المطابقة. ولكنهما ليسا مرادان في هذا الموضع.
انظر: "همع الهوامع" ٣/ ٦٢. و"دراسة في النحو الكوفي" ٢٦٦ - ٢٢٨، و"النحو وكتب التفسير" ١/ ١٨٩، ١٩٠.
(٣) في (أ): (ينقلب). وفي (ج): غير معجمة. والمثبت من (ب)؛ لأنها أولى وأليق بالمعنى. وكذا وردت في: "الكشاف" ١/ ٤٩١، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٣٢٢، و"تفسير البيضاوي" ١/ ٨٣
(٤) من قوله: (والأبرار..) إلى (للتضعيف) نقله عن "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٠١.
(٥) (وأصله برر): ساقط من (ج).
(٦) في (ج): (وأدغم).
(٧) في "الصحاح"، و"اللسان"، و"المصباح المنير"، و"التاج": أن (الأبرار) جمع (بَرٍّ). و (بَرَرَة) جمع (بارٍّ). انظر: (بر) في: "الصحاح" ٢/ ٥٨٨، و"اللسان" ١/ ٢٥٣، و"المصباح" ١٧، و"التاج" ٦/ ٧٠١.
وعند الراغب: أن (أبرار) جمع (بار). و (بَرَرَة) جمع (بَرٍّ). انظر: "مفردات ألفاظ القرآن": ١١٥. وتبعه الفيروزآبادى في "بصائر ذوي التمييز" ٢/ ٢١٣. وانظر: "البرهان" للزركشي ٤/ ١٨، و"عمدة الحفاظ" ٤٥.

صفحة رقم 270

اختلفوا في نزولها؛ فقال ابن عباس (١)، وجابر (٢)، وقتادة (٣): نزلت في النَّجَاشيِّ (٤) حينَ مات، وصلّى عليه النبيُّ - ﷺ - بالمدينة. فقال المنافقون: إنه يُصَلِّي على نصرانِيٍّ لم يَرَهُ قَطُّ (٥).

(١) قوله في: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١١٧٦، و"أسباب النزول" للمؤلف ١٤٣.
(٢) قوله في: "تفسير الطبري" ٤/ ٢١٨، و"تفسير الثعلبي" ١٧٦ أ، و"أسباب النزول" للمؤلف ١٤٣، ١٤٤.
(٣) قوله، في: "تفسير عبد الرزاق" ١/ ١٤٤، و"تفسير الطبري" ٤/ ٢١٨ - ٢١٩، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٧٦ أ، و"أسباب النزول" للمؤلف ١٤٣، ١٤٤.
(٤) هو: أصحمة بن أبحر، والنجاشي، لقبه. قال ابن عيينة عن (أصحمة)، (هو بالعربية: عطية). وهو ملك الحبشة، وقد أكرم المسلمين الذين هاجروا إلى بلاده من مكة المكرمة، وأحسن استقبالهم، وأسلم ولم يهاجر. انظر: "تفسير عبد الرزاق" ١/ ١٤٤، و"الإصابة" ١/ ١٠٩.
(٥) وبه قال ابن جريج في رواية عنه أخرجها الطبري في "تفسيره" ٤/ ٢١٩١. وقال به أنس بن مالك، أخرجه عنه النسائي في "تفسيره" ٣٥٦ رقم (١٠٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٣/ ٨٤٦، والمؤلف في: "أسباب النزول" ١٤٤، والبزار
(انظر: "كشف الأستار عن زوائد البزار" ١/ ٣٩٢ رقم: ٨٣٢).
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٣٨وزاد نسبة إخراجه للطبراني في "الأوسط"، وقال: (ورجال الطبراني ثقات)، وذكره ابن حجر في "الإصابة" ١/ ١٠٩، وزاد نسبة إخراجه لابن شاهين والدارقطني في: الأفراد.
وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٤٨١، و"الدر المنثور" ٢/ ٢٠٠.
وبه قال الحسن البصري. ذكر ذلك ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٤٨١، ونسب إخراج الأثر عنه إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
وصلاة الرسول على النجاشي، أخرجها الشيخان، ولكن ليس فيها اعتراض المنافقين، ولا أنه سبب نزول الآية.
انظر: "صحيح البخاري" (٣٨٧٧) كتاب: مناقب الأنصار. باب: موت النجاشي، و"صحيح مسلم" رقم (٩٥١ - ٩٥٣) كتاب الجنائز. باب: في التكبير على الجنارة. وانظر: "جمع الزوائد" ٣/ ٣٨ - ٣٩.

صفحة رقم 271

وقال ابن جُرَيْج (١)، وابن زيد (٢): نزلت في عبد الله بن سَلامٍ وأصحابه.
وقال مجاهد (٣): نزلت في مؤمِنِي أهلِ الكتابِ، كلِّهم.
و (٤) قال الزجاج (٥): لَمَّا ذكر الذين كفروا من أهل الكتاب في قوله: ﴿فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [آل عمران: ١٨٧] ذكر حال مَنْ آمَنَ مِنْ أهلِ الكتاب، وأخبر أنهم صَدَقُوا في حال خُشُوعٍ.
وقوله تعالى: ﴿لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ أي: عَرَضًا مِنَ الدُّنياَ، كفعل اليهود الذين غَيَّروا التوراة بِثَمَن.
ومعنى: ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ -ههنا-: أنه لا يُؤخِّرُ الجزاءَ عَمَّن استحقه؛ لِطُول الحِسَابِ والاشتغال به؛ كما يتأخر (٦) لذلك الحقوقُ في الدنيا. ومضى الكلام في معنى سرعة حساب الله (٧).

(١) قوله في: "تفسير الطبري" ٤/ ٢١٩، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٧٦ ب، و"أسباب النزول" للمؤلف ١٤٤.
(٢) قوله في: المصادر السابقة وبه قال مقاتل في "تفسيره" ١/ ٣٢٣.
(٣) قوله في: "تفسير الطبري" ٤/ ٢١٩، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٨٤٦، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٧٦ب، و"أسباب النزول" للمؤلف١٧٣، وهو قول ابن عباس من رواية أبي صالح عنه. انظر:"زاد المسير" ١/ ٥٣٣. وإلى هذا القول، ذهب الطبري في تفسيره، في الموضع السابق.
(٤) (الواو): زيادة من (ج).
(٥) في "معاني القرآن" له ١/ ٥٠١. نقله عنه بالمعنى.
(٦) في (أ)، (ب)، (ج): (يتأخر). والأصل أن يقول: تتأخر. إلا أن المُثبَتَ على معنى: يتأخر قضاء الحقوق.
(٧) انظر: تفسير الآية: ٢٠٢ من سورة البقرة.

صفحة رقم 272
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية