
«وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا» : ذاقوا من اختلاف الأطوار الحلو والمر.
«لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ» : يعنى لنعطينّهم فوق آمالهم وأكثر، مما استوجبوه بأعمالهم وأحوالهم.
قوله جل ذكره:
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٩٦ الى ١٩٧]
لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧)
لا تتداخلنك تهمة بأنّ لهم عندنا قدرا وقيمة إنما هى أيام قلائل وأنفاس معدودة، ثم بعدها حسرات مترادفة، وأحزان متضاعفة.
قوله جل ذكره:
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩٨]
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨)
الذين وسمناهم بذلّ الفرقة بئست حالتهم، والذين رفعوا قدما لأجلنا فنعمت الحالة والزلفة وصلوا إلى الثواب المقيم، وبقوا فى الوصلة والنعيم، وما عند الله مما ادّخرنا لهم خير مما أمّلوه باختيارهم.
قوله جل ذكره:
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩٩]
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩)
يريد من ساعدتهم القسمة بالحسنى فهم مع أولياء الله نعمة كما كانوا معهم قسمة.
قوله جل ذكره:
[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٠٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)

الصبر فيما تفرد به العبد، والمصابرة مع العدو.
والرباط نوع من الصبر ولكن على وجه مخصوص.
ويقال أول الصبر التصبر، ثم الصبر ثم المصابرة ثم الاصطبار وهو نهاية «١».
ويقال اصبروا على الطاعات وعن المخالفات، وتصابروا فى ترك الهوى والشهوات، وقطع المنى والعلاقات، ورابطوا بالاستقامة فى الصحبة فى عموم الأوقات والحالات.
ويقال اصبروا بنفوسكم وصابروا بقلوبكم، ورابطوا بأسراركم.
ويقال اصبروا على ملاحظة الثواب، وصابروا على ابتغاء القربة، ورابطوا فى محل الدنوّ والزلفة- على شهود الجمال والعزّة.
والصبر مرّ مذاقه إذا كان العبد يتحسّاه على الغيبة، وهو لذيذ طعمه إذا شربه على الشهود والرؤية.
«وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» : الفلاح الظّفر بالبغية، وهمّتهم اليوم الظفر بنفوسهم، فعند ذلك يتم خلاصهم، وإذا ظفروا بنفوسهم ذبحوها بسيوف المجاهدة، وصلبوها على عيدان المكابدة، وبعد فنائهم عنها يحصل بقاؤهم بالله.

السورة التي يذكر فيها النساء
بسم الله الرحمن الرحيم اختلفوا فى الاسم عن ماذا اشتقّ فمنهم من قال إنه مشتق من السموّ وهو العلوّ. ومنهم من قال إنه مشتق من السّمة وهى الكيّة.
وكلاهما فى الإشارة: فمن قال إنه مشتق من السمو فهو اسم من ذكره سمت رتبته، ومن عرفه سمت حالته، ومن صحبه سمت همّته فسمو الرتبة يوجب وفور المثوبات والمبارّ، وسمو الحالة يوجب ظهور الأنوار فى الأسرار، وسمو الهمة يوجب التحرز عن رقّ الأغبار.
ومن قال أصله من السّمة فهو اسم من قصده وسم بسمة العبادة «١»، ومن صحبه وسم بسمة الإرادة، ومن أحبّه وسم بسمة الخواص، ومن عرفه وسم بسمة الاختصاص. فسمة العبادة توجب هيبة النار أن ترمى صاحبها بشررها، وسمة الإرادة توجب حشمة الجنان أن تطمع فى استرقاق صاحبها- مع شرف خطرها، وسمة الخواص توجب سقوط العجب من استحقاق القربة للماء والطينة على الجملة «٢»، وسمة الاختصاص توجب امتحاء الحكم عند استيلاء سلطان الحقيقة.
ويقال اسم من واصله سما عنده (عن) الأوهام قدره (سبحانه) «٣». ومن فاصله وسم بكىّ الفرقة قلبه.
ذلك الترتيب الذي يتمشى مع المذهب العام للقشيرى فى كل مصنفاته.
(٢) يقصد تشريف الإنسان على جملة المخلوقات، فالانسان وحده- دون سائر الكائنات- هو الذي خوطب بتبادل الذكر والمحبة مع الحق جل شأنه.
(٣) وضعنا (عن) و (سبحانه) ليمتنع اللبس، وهما غير موجودين فى النص (يقول القشيري فى رسالته:
ما يصوره وهمك فالله بخلاف ذلك).