آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

تعالى: يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ يَعْنِي الْقُرْآنَ وَيُزَكِّيهِمْ أَيْ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ لِتَزْكُوَ نُفُوسُهُمْ وَتَطْهُرَ مِنَ الدَّنَسِ وَالْخَبَثِ الَّذِي كَانُوا مُتَلَبِّسِينَ بِهِ فِي حَالِ شِرْكِهِمْ وَجَاهِلِيَّتِهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ أَيْ مِنْ قَبْلِ هَذَا الرَّسُولِ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أَيْ لَفِي غَيٍّ وَجَهْلٍ ظَاهِرٍ جَلِيٍّ بيّن لكل أحد.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٦٥ الى ١٦٨]
أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (١٦٧) الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٦٨)
يَقُولُ تَعَالَى: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ وَهِيَ مَا أُصِيبَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ قَتْلِ السَّبْعِينَ مِنْهُمْ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنَّهُمْ قَتَلُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ سَبْعِينَ قَتِيلًا، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ أَسِيرًا، قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا أَيْ مِنْ أَيْنَ جَرَى عَلَيْنَا هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أَبِي، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا قراد بن نُوحٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، فَأَنْزَلَ الله أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» عَنْ عبد الرحمن بن غزوان وهو قراد بن نوح بإسناده ولكن بأطول منه، وهكذا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون، ح «٣»، قَالَ سُنَيْدٌ وَهُوَ حُسَيْنٌ:
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَرِهَ مَا صَنَعَ قَوْمُكَ فِي أَخْذِهِمُ الْأُسَارَى، وَقَدْ أَمَرَكَ أَنْ تُخَيِّرَهُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُقْدِمُوا فَتَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذُوا الْفِدَاءَ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ عِدَّتُهُمْ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَذَكَرَ لهم ذلك فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَشَائِرُنَا وَإِخْوَانُنَا أَلَا نَأْخُذُ فِدَاءَهُمْ فَنَتَقَوَّى بِهِ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّنَا، وَيَسْتَشْهِدُ مِنَّا عِدَّتُهُمْ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا نَكْرَهُ؟ قَالَ: فَقُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ رَجُلًا، عِدَّةَ أُسَارَى أَهْلِ بَدْرٍ، وَهَكَذَا رَوَاهُ النسائي

(١) مسند أحمد ١/ ٣٠- ٣١.
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٥٠٩.
(٣) هذا الحرف يشير إلى إسناد آخر للحديث نفسه.

صفحة رقم 139

والترمذي مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ الْحَفْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ، وَرَوَى عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَالسُّدِّيُّ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ أي بسبب عصيانكم لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَرَكُمْ أَنْ لَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ فَعَصَيْتُمْ، يَعْنِي بِذَلِكَ الرُّمَاةَ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ أَيْ فِرَارُكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَدُوِّكُمْ وَقَتْلُهُمْ لِجَمَاعَةٍ مِنْكُمْ وَجِرَاحَتُهُمْ لِآخَرِينَ، كَانَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَلَهُ الْحِكْمَةُ فِي ذلك وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ أَيِ الَّذِينَ صَبَرُوا وَثَبَتُوا وَلَمْ يَتَزَلْزَلُوا وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ يَعْنِي بِذَلِكَ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ الَّذِينَ رجعوا معه في أثناء الطريق، فاتبعهم رجال مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى الْإِيَابِ وَالْقِتَالِ وَالْمُسَاعَدَةِ، وَلِهَذَا قَالَ أَوِ ادْفَعُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو صَالِحٍ وَالْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي كَثِّرُوا سَوَادَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: ادْفَعُوا بِالدُّعَاءِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: رَابِطُوا، فَتَعَلَّلُوا قَائِلِينَ لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنُونَ لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَلْقَوْنَ حَرْبًا لَجِئْنَاكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَلْقَوْنَ قِتَالًا.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ «١» : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَالْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا، كُلُّهُمْ قَدْ حدث «٢»، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي حِينَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ فِي أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّوْطِ بَيْنَ أُحُدٍ وَالْمَدِينَةِ، انْحَازَ «٣» عَنْهُ عبد الله بن أبي بن سَلُولَ بِثُلُثِ النَّاسِ، وَقَالَ: أَطَاعَهُمْ فَخَرَجَ وَعَصَانِي، وو اللَّه مَا نَدْرِي عَلَامَ نَقْتُلُ أَنْفُسَنَا هَاهُنَا أَيُّهَا النَّاسُ؟ فَرَجَعَ بِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ النَّاسِ مِنْ قَوْمِهِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَأَهْلِ الرَّيْبِ، وَاتَّبَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ يَقُولُ: يَا قَوْمِ أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ لا تخذلوا نبيكم وقومكم عند ما حَضَرَ مِنْ عَدُوِّكُمْ، قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تقاتلون ما أسلمناكم ولكن لَا نَرَى أَنْ يَكُونَ قِتَالٌ، فَلَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ وَأَبَوْا إِلَّا الِانْصِرَافَ عَنْهُمْ، قَالَ: أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ أَعْدَاءَ اللَّهِ فَسَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكُمْ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٦٠- ٦٤.
(٢) عبارة ابن إسحاق في السيرة: «كلهم قد حدّث بعض الحديث من يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كله فيما سقت من هذا الحديث. قالوا، أو من قال منهم... إلخ».
(٣) في السيرة: «انخزل».

صفحة رقم 140
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية