آيات من القرآن الكريم

هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

السخط ولا يدانيه، فهو نفي تشبيه، قلنا أو ياتال: أن أدنى السخط، وإن قل فهو من العظيم عظيم فيستوي في حقه أقل السخط، وأعلاه بخلاف الرضا.
قوله تعالى: ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ... (١٦٣)﴾
قال الطيبي: عائد على المؤمنين، وقيل: عائد على النوعين، وغلب لفظ الدرجات على الدركات، فإن قلت: هلا عاد على الكافرين فهو أقرب، فأجاب الفخر بوجهين:
الأول: أن الكافرين ذكرت عاقبتهم، فقيل: مأواهم جهنم، ولم يقل: يُذكر للمؤمنين شيء.
الثاني: إن لفظ الدرجات خاص بأهل السعادة، والمناسب للكافرين الدركة لا الدرجة، وقوله (عِنْدَ اللَّهِ) هي عندية مكانة لَا مكان، وجعلوه على حذف مضاف من الثاني: أي هم ذو درجة.
ابن عرفة: وإن شئت قدرته بالأول، أي منازلهم درجات.
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ... (١٦٤)﴾
ابن عرفة: المن يطلق بمعنى التذكير بالنعمة، ويطلق على التفضل بالنعمة، وهو المراد هنا.
ابن عرفة: وفي الآية حجة لأهل السنة في أن بعثه الرسل محض تفضل من الله تعالى؛ لأنها واجبة عليه، لقوله تعالى: (مَنَّ) والمن الفضل بالنعمة فرده عليه بوجهين:
الأول: قوله (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) والرسول مبعوث للجميع، فقال المن على المؤمنين باعتبار مآلهم وعاقبة أمرهم في الآخرة.
الثاني: قوله تعالى: (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فالمن عليهم بكون الرسول منهم لَا في نفس بعثته، فقال: قرئ (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) بالفتح والضم، فكان بعضهم يصوب الفتح، فإن فيه إعظاما لقدره صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإعلاما بشرفه، وعلو منزلته، وكان بعض المحققين يصوب الضم، ويقول: هو أقرب لمقام التوحيد، فإن قلت: قد قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِنَبِي أَنْ يَغُلً) فعبر بلفظ دون لفظ الرسول، وعبر هنا بلفظ الرسول فما السر في ذلك؟ فالجواب: أن تلك في مقام الصبر والتخويف، فإذا نفوا عنه من

صفحة رقم 440
تفسير ابن عرفة
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن محمد ابن عرفة الورغمي التونسي المالكي
تحقيق
جلال الأسيوطي
الناشر
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان
الطبعة
الأولى، 2008 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية