آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ

وبالضمِّ: (الطُّغْيان)، و (الرُّجْحان)، و (الكُفْران). وقال (١) سيبويه (٢): (الشُّكْران).
١٦ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ﴾ موضع ﴿الَّذِينَ﴾ (٣): خفض؛ صفةً ﴿الَّذِينَ اتَّقَوا﴾. [و] (٤) المعنى: للمتقين القائلين (٥).
١٧ - [و] (٦) قوله تعالى: ﴿الصَّابِرِينَ﴾ قال ابن عباس (٧): يريد: على دينهم، وعلى [ما] (٨) أصابهم.
﴿وَالصَّادِقِيَن﴾: قال قتادة (٩): هم قوم صدقت نيَّاتهم، واستقامت قلوبُهم وألسنتهم، فصدقوا في السرِّ والعلانية.

(١) في (ج): (قال).
(٢) في "الكتاب" له: ٤/ ١١.
(٣) في (د): (الذين).
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من: (د).
(٥) ويجوز أن يكون كذلك في موضع جر، بدلًا من قوله: (للذين اتقوا). وجوَّز أبو البركات الأنباري كونه نعتًا لـ (العباد) في قوله: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾، وضعَّف هذا الوجهَ العكبريُّ؛ لأن فيه تخصيصًا لعلم الله تعالى، ولكنه جوَّزه على ضعفه ويحتمل أن يكون في محل رفع؛ على أنه مبتدأ محذوف الخبر، أو خبرٌ لمتبدأ
محذوف. ويحتمل أن يكون في محل نصب بإضمار: (أعني) أو (أمدح). انظر: "البيان" لأبي البركات الأنباري: ١/ ١٩٤، "التبيان" للعكبري: ص ١٨٠، "الدر المصون" ٣/ ٦٩.
(٦) ما بين المعقوفين زيادة من: (د).
(٧) لم أقف على مصدر قوله.
(٨) ما بين المعقوفين زيادة من: (ب)، (ج)، (د).
(٩) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨، و"ابن أبي حاتم" ٢/ ٦١٤، "الثعلبي" ٣/ ٢٠ أ، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٢٠، ونسب إخراجه لعبد بن حميد.

صفحة رقم 104

ومعنى الصدق: الإخبار بالشيء على ما هو به (١)، وذكرنا أصله في اللغة عند ذكر اشتقاق الصدقة في سورة البقرة.
﴿وَالْقَانِتِينَ﴾ (٢) الطائعين لله، عن أكثر المفسرين (٣). ومضى الكلام في معنى القانتين.
﴿وَالْمُنْفِقِينَ﴾ قال ابن عباس (٤): يريد: الذين ينفقون الحلال في طاعة الله [تعالى] (٥).

(١) انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب: ٤٧٨ (صدق)، و"التوقيف على مهمات التعاريف" ٤٥٠.
(٢) في (د): (والقانتين).
(٣) وبه قال: ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، والسدي، والشعبي، وجابر بن زيد، وعطاء، وابن جبير، والضحاك، والحسن البصري، وعطية، وطاوس، وغيرهم. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٥٠٧ - ٥٠٨، ٢/ ٥٦٨ - ٥٧١.
ومن معاني (القنوت): السكوت، وبه فُسر قوله تعالى ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨].
ومنها: طول القيام، وبه فُسِّر قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ الزمر: ٩؛ أي: مصلٍّ، فسمى الصلاة قنوتًا؛ لأنها تكون بالقيام. وقيل للدعاء: (قُنُوت)؛ لأنه يُفْعَل أثناء القيام في الصلاة. ومن معانيه: الإقرار بالعبودية؛ كقوله: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [الروم: ٢٦]. ولكن ابن قتيبة أرجع كل هذه الوجوه إلى معنى: (الطاعة)، وقال معللًا: الأن جميع هذه الخلال: من الصلاة، والقيام فيها، والدعاء، وغير ذلك يكون عنها). وإليه ذهب الطبري، وجعل الطاعة هي أصل القنوت، وكل المعاني راجعة إليها. انظر: "تأويل مشكل القرآن" ٤٥١ - ٤٥٢، "تفسير الطبري" ٥/ ٥٧١ - ٥٧٢، "تحصيل نظائر القرآن" للحكيم الترمذي: ٥٠، "مفردات ألفاظ القرآن" ٦٨٤ - ٦٨٥ (قنت)، "نزهة الأعين النواظر" لابن الجوزي: ٤٨٣.
(٤) لم أقف على مصدر قوله.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من: (د).

صفحة رقم 105

﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾. السَّحَر: الوقت الذي قبيل (١) طلوع الفجر. و (تَسَحَّر): إذا أكل في ذلك الوقت. و (استَحَرَ)؛ أي (٢): سار فيه (٣).
قال زهير (٤):
بَكَرْنَ بُكورًا، واسْتَحَرْنَ بسُحْرَةٍ (٥)
والمُسْتَحِرُ من الطَّيْرِ: ما يَصيحُ (٦)، ويتحرك فيه (٧).
قال امرؤ القيس:
إذا طَرَّبَ الطائرُ المُسْتَحِرْ (٨)

(١) في (د): (قبل). وهكذا وردت هذه العبارة في "معاني القرآن" للزجَّاج: ١/ ٣٨٥.
(٢) في (د): (إذا).
(٣) انظر: (سحر) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤١، "اللسان" ٤/ ١٩٥٢ - ١٩٥٣.
(٤) هو: زهير بن أبي سلمى (ربيعة) بن رباح. شاعر جاهلي، تقدمت ترجمته.
(٥) تمامه:
فَهُنَّ ووادي الرَّسِّ كاليد للفَمِ
وهو، في "ديوانه" ص ١٠، "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري: ٢٥٠، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤٠ (سحر)، "شرح المعلقات السبع" للزوزني: ص ٧٦، "شرح القصائد العشر" للتبريزي: ١٠٩.
(٦) في (أ): (يُصبح). والمثبت من بقية النسخ، وهو ما استصوبته لموافقته للمعنى المساق.
(٧) (فيه): ساقطة من: (ج). وانظر هذا المعنى في "جمهرة اللغة" ٥١١.
(٨) عجز بيت، وصدره:
يُعَلُّ به بَرْدُ أنيابها
وهو في (ديوانه) ص ٦٩، "جمهرة اللغة" ٥١١، "اللسان" ٥/ ٢٦٤٩ (طرب)، ٤/ ١٩٥٣ (سحر)، ٦/ ٣٦٧٠ (قطر) "خزانة الأدب" ٩/ ٢٣١. وورد في "الجمهرة" (.. إذا غَرَّد..) وفي "اللسان" ٥/ ٢٦٤٩ (كما طرَّبَ..)، وفي: ٦/ ٣٦٧٠ (يُعَلُّ بها..)، ويروى: (إذا صوت الطائر..). وقوله: (يُعَلُّ)؛ من: (عَلَّه، يَعِلُّه، ويَعُلُّه، عَلَّا، وعلَلا)، وهو: السقيا بالخمر، مرةً بعد مرة. انظر: "ديوانه" ص ٦٩.

صفحة رقم 106

وأسْحَرَ (١) دخل (٢) في وقت السَّحَر (٣).
ونذكر كلام النحويين في ترك إجراء (سحر) عند قوله: ﴿نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ﴾ [القمر: ٣٤] إن شاء الله.
قال ابن عباس (٤) في قوله: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾: يريد: المصلين صلاة الصبح (٥)، وهو قول زيد بن أسلم (٦)، وابن كيسان (٧).

(١) في (أ): (داسحر)، (ب): (ذاسحر)، والمثبت من: (ج)، (د)، وهو الصواب.
(٢) في (د): (رحل).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٤٠. وفي "جمهرة اللغة" ٥١١ (وأسْحرَ القومُ إسْحارًا: إذا خرجوا في وقت السَّحر).
(٤) لم أقف على مصدر قوله.
(٥) ويريد هنا المصلين صلاة الصبح في جماعة.
(٦) الأثر عنه في "مصنف ابن أبي شيبة" ٧/ ١٩٣ (٣٥١٧٦)، "تفسير الطبري" ٣/ ٢٠٩، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٦١٥ - ٦١٦، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٠ ب، "النكت والعيون" للماوردي: ١/ ٣٧٨، "تفسير البغوي" ٢/ ١٦. وهو: أبو عبد الله، أو أبو أسامة، زيد بن أسلم العَدوي المدني، مولى عمر رضي الله عنه، ثقة عالم كثير الحديث، كانت له حلقة علم في مسجد النبي - ﷺ -، وله تفسير يرويه ابنه عبد الرحمن، توفي سنة ١٣٦ هـ). انظر: "الطبقات الكبرى" (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة. تحقيق د. زياد منصور) ٣١٤، "تقريب التهذيب" ص ٢٢٢ (٢١١٧)، "طبقات المفسرين" للداودي: ١/ ١٨٢.
(٧) الأثر عنه في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٠ ب. ولكن يرد على هذ القول: أن صلاة الصبح يبدأ وقتها بعد انتهاء وقت السَّحر، فكيف تدخل في المعنى؟! اللهم إلا أن يُراد أن التصاق وقت صلاة الصبح بوقت السحر وقربه المباشر له أدخل صلاة الصبح فيه استتباعًا، والعرب تقول: (لقيته بأعلى سَحرَين)، و (أعلى السَّحرَين)، لأنه أول تنفس الصبح. انظر: "اللسان" ٤/ ١٩٥٣. ولكن هذا التخريج أرى فيه تكلفًا، والله أعلم. ولذا استغربَ الكرمانيُّ إيرادَ الواحدي لهذا القول، فقال: والعجيب: قول الواحدي: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾: المصلين صلاة الصبح، فإن =

صفحة رقم 107
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية