
عداهم وهو من أوضح شواهده النبوة وَتُحْشَرُونَ اى فى الآخرة إِلى جَهَنَّمَ والحشر السوق والجمع اى يغلبون فى الدنيا ويساقون فى الآخرة مجموعين الى جهنم وَبِئْسَ الْمِهادُ اى بئس الفراش والمقر جهنم قَدْ كانَ لَكُمْ جواب قسم محذوف وهو من تمام القول المأمور به اى والله قد كان لكم ايها اليهود المغترون بعددهم وعددهم آيَةٌ عظيمة دالة على صدق ما أقول لكم انكم ستغلبون فِي فِئَتَيْنِ اى جماعتين فان المغلوبة منهما كانت مدلة بكثرتها معجبة بعزتها وقد لقيها ما لقيها فيصيبكم ما يصيبكم الْتَقَتا اى تلاقيا بالقتال يوم بدر فِئَةٌ خبر مبتدأ محذوف اى إحداهما فئة تُقاتِلُ تجاهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهم لاكثرة فيهم ولا شوكة وهم اصحاب محمد ﷺ وَأُخْرى اى وفئة اخرى كافِرَةٌ بالله ورسوله يَرَوْنَهُمْ اى ترى الفئة الاخيرة الكافرة الفئة الاولى المؤمنة والجملة صفة للفئة الاخيرة مِثْلَيْهِمْ اى مثلى عدد الرائين قريبا من الف كانوا تسعمائة وخمسين مقاتلا رأسهم عتبة من ربيعة بن عبد شمس وفيهم ابو سفيان وابو جهل وكان فيهم من الخيل والإبل مائة فرس وسبعمائة بعير ومن اصناف الاسلحة عدد لا يحصى. وعن سعد بن أوس انه قال اسر المشركون رجلا من المسلمين فسألوه كم كنتم قال ثلاثمائة وبضعة عشر قالوا ما كنا نراكم الا تضعفون علينا او مثلى عدد المرئيين اى ستمائة ونيفا وعشرين حيث كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سبعة وسبعون رجلا من المهاجرين ومائتان وستة وثلاثون من الأنصار رضى الله عنهم وكان صاحب راية النبي ﷺ والمهاجرين على بن ابى طالب رضى الله تعالى عنه وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة الخزرجي رضى الله عنه وكان فى العسكر تسعون بعيرا وفرسان أحدهما للمقداد بن عمرو والآخر لمرثد بن بي مرثد وست ادرع وثمانية سيوف وجميع من استشهد يومئذ من المسلمين اربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار أراهم الله عز وجل كذلك مع قلتهم ليهابوهم ويتجنبوا عن قتالهم مددا لهم منه سبحانه كما أمدهم بالملائكة عليهم السلام. فان قلت فهذا مناقض لقوله فى سورة الأنفال وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ. قلت قللهم اولا فى أعينهم حتى اجترءوا عليهم فلما لا قوهم كثروا فى أعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير فى حالين مختلفين وتقليلهم تارة وتكثيرهم اخرى ابلغ فى القدرة واظهار الآية رَأْيَ الْعَيْنِ نصب على المصدر يعنى رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها معاينة كسائر المعاينات وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ اى يقوى بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ اى يريد من غير توسيط الأسباب العادية كما أيد الفئة المقاتلة فى سبيله بما ذكر من النصر وهو من تمام القول المأمور به إِنَّ فِي ذلِكَ اشارة الى ما ذكر من رؤية القليل كثيرا المستتبعة لغلبة القليل العديم العدة على الكثير الشاكي السلاح لَعِبْرَةً من العبور كالجلسة من الجلوس والمراد بها الاتعاظ فانه نوع من العبور اى لعبرة عظيمة كائنة لِأُولِي الْأَبْصارِ لذوى العقول والبصائر. فعلى العاقل ان يعتبر بالآيات ولا يغتر بكثرة الاعداد من الأموال والأولاد وعدم اجتهاده لمعاده فان الله يمتعه قليلا ثم يضطره الى عذاب
صفحة رقم 8
الَّذِينَ كأنه قيل من أولئك المتقون الفائزون الكرامات السنية فقيل هم الذين يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا اى صدقنا بك وبنبيك وفى ترتيب الدعاء بقولهم فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ
على مجرد الايمان دلالة على كفايته فى استحقاق المغفرة والوقاية من النار الصَّابِرِينَ نصب على المدح بإضمار اعنى والمراد بالصبر هو الصبر على مشاق الطاعات وعلى البأساء والضراء وحين البأس وَالصَّادِقِينَ فى أقوالهم ونياتهم وعزائمهم وَالْقانِتِينَ اى المداومين على الطاعات المواظبين على العبادات وَالْمُنْفِقِينَ أموالهم فى سبيل الله وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ وتوسط الواو بين الصفات المذكورة مؤذن بان كل صفة مستقلة بالمدح ومؤذن بان منهم صابر ومنهم صادق. ثم الصبر حبس النفس عن شهواتها المحظورة فى الشرع. وجميع أجناس الصبر ثلاثة. الصبر على الطاعة. والصبر على المعصية. والصبر على المكروه قال النبي ﷺ (من صبر على مصيبة فله ثلاثمائة درجة وبين الدرجتين كما بين السماء والأرض ومن صبر على الطاعة فله ستمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ومن صبر على المعصية فله تسعمائة درجة بين الدرجتين كما بين العرش والكرسي). والصدق يجرى فى القول وهو مجانبة الكذب وفى الفعل وهو إتيانه وترك الانصراف عنه قبل تمامه وفى النية وهو العزم عليه حتى يفعل. والانفاق يتناول الانفاق على نفسه واهله وأقاربه وصلة رحمه وفى الجهاد وسائر وجوه البر. والاستغفار سؤال المغفرة من الله وتخصيص الاسحار بالاستغفار لان الدعاء فيها اقرب الى الاجابة إذ العبادة حينئذ أشق والنفس أصفى والروح اجمع لا سيما للمجتهدين. قال مجاهد فى قول يعقوب عليه السلام سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي أخره الى وقت السحر فان الدعاء فيه مستجاب وقال ان الله تعالى لا يشغله صوت عن صوت لكن الدعاء فى السحر دعوتى فى الخلوة وهى ابعد من الرياء والسمعة فكانت اقرب الى الاجابة قال رسول الله ﷺ (ينزل الله تعالى الى السماء الدنيا كل ليلة حتى يبقى ثلث الليل فيقول انا الملك من ذا الذي يدعونى فاستجيب له من ذا الذي يسألنى فاعطيه من ذا الذي يستغفرنى فاغفر له) ومعنى ينزل محمول على نزول ملكه او على الاستعارة فمعناه الإقبال على الداعين باللطف والاجابة ولهذا قال الى السماء الدنيا اى القربى. وفى هذا الكلام توبيخ لهم على غفلتهم فى الدعاء والسؤال منه والاستغفار. قال لقمان لابنه يا بنى لا تكونن أعجز من هذا الديك يصوت بالأسحار وأنت نائم على فراشك
دلا برخيز وطاعت كن كه طاعت به ز هر كارست | سعادت آن كسى دارد كه وقت صبح بيدارست |
خروسان در سحر كويند كه قم يا ايها الغافل | تو از مستى نمى دانى كسى داند كه هشيار است |