آيات من القرآن الكريم

وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ بالياء والتاء (١). فمن قرأ بالتاء؛ فلأن الآية خطاب، وهو قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا﴾. ومن قرأ [الياء] (٢)، فلِلْغَيْبَةِ التي قبلها؛ وهو قوله: ﴿وَقَالُوا لِإخوَانِهِم﴾، فحمل الكلام على الغَيْبَةِ.
١٥٧ - قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.
اللام في ﴿لَئِنْ﴾ لام القَسَم؛ بتقدير: والله لَئِنْ قُتِلتُمْ في سبيل الله -أيها المؤمنونَ- ﴿أَوْ مُتُّمْ﴾؛ يريد: في سبيل الله؛ كقوله: ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥]؛ يعني: فُرُوجَهم. وقال الكَلْبِيُّ (٣): أوْ مُتُّمْ في إقامتكم، وأنتم مؤمنون.
وقرأ بعضهم: ﴿مِتُّمْ﴾ بكسر الميم (٤).

= يشبه الأسدَ). "مغني اللبيب" ٢٨٣.
وانظر: كتاب "معاني الحروف" للرماني ٥٦، و"الدر المصون" ٣/ ٤٥٤ - ٤٥٦، و"همع الهوامع" ٤/ ٢٠٠.
(١) قرأ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ بالياء: ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف. وقرأ الباقون: نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب: ﴿تَعْمَلُونَ﴾ بالتاء.
انظر: "السبعة" ٢١٧، و"الحجة" للفارسي ٣/ ٩١، و"المبسوط" لابن مهران ١٤٨، و"إتحاف فضلاء البشر" ص ١٨١.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من: (أ). والمثبت من (ب)، (ج).
(٣) لم أقف على مصدر قوله. وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣١٠، و"زاد المسير" ١/ ٤٨٥.
(٤) هي قراءة: نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف. وقد كسروا الميم في: ﴿مِتَّ﴾، و ﴿مِتْنَا﴾، و ﴿مِتُّمْ﴾ في كل القرآن. وقد كسر عاصم -في رواية حفص- هذه الكلمات في كل القرآن، ما عدا ما ورد في سورة آل عمران ﴿مُتُّمْ﴾: الآية ١٥٧، ١٥٨ فقد رفعهما.
ورفع الميم فيها في كل القرآن: ابن كثير، وعاصم -في رواية أبي بكر-، وأبو =

صفحة رقم 111

قال أهل اللغة (١): الأشهر الأقْيَس: (مُتَّ، تَمُوتُ)، مثل: (قُلْتَ، تقول). والكسر شادٌّ (٢). ونظيره في الصحيح (٣): (فَضِلَ يَفْضُلُ) (٤).
هذا مذهب الخليل (٥).
وحكى المُبرِّد (٦): أنَّ (مَاتَ يَمَاتُ)، لغة، مثل: (هَابَ يَهَابُ)،

= عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب.
انظر: "الحجة"، للفارسي ٣/ ٩٢، و"المبسوط" لابن مهران ١٤٨، و"إتحاف فضلاء البشر" ص ١٨١.
(١) نقله باختصار عن "الحجة" للفارسي ٣/ ٩٣، وانظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ٣٤٣.
(٢) الشذوذ -هنا- هو الشذوذ في القياس، لا في الاستعمال. انظر: "الكشف" لمكي ١/ ٣٦٢، و"شرح الشافية" ١/ ١٣٥.
(٣) يعني بـ"الصحيح" الفعل الصحيح الذي سلمت حروفه الأصلية من حرف العلة.
(٤) (يفضل): ساقطة من (ج).
وفي (أ)، (ب): فصل، يفصل -بالصاد-. والمثبت من "الحجة" للفارسي، و"كتاب سيبويه"، و"كتاب العين"، للخليل ٧/ ٤٤ (فصل)، وهي التي وردت في كتب اللغة والتصريف، مِثالًا على الشذوذ عن القياس؛ لأن القياس في مضارع (فَعِلَ)، هو: (يَفعَل) -بفتح العين-.
ونقل ابنُ السكيت عن أبي عبيدة، أنه (ليس في الكلام حرفٌ من السالم يشبه هذا). "إصلاح المنطق" ٢١٢.
قال في "اللسان" (وفَضَلَ الشيءُ يَفْضُلُ، مثال: (دَخَلَ يدخُلُ). وفَضِلَ يَفضلُ، كـ (حَذِر يحذَرُ). وفيه لغة ثالثة مركبة منهما: فَضِلَ -بالكسر-، يَفضُل -بالضم-، وهو شاذ لا نظير له. قال ابن سيدهْ: هو نادر) ١١/ ٥٢٥ (فضل).
(٥) انظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ٣٤٣ - ٣٤٥، و"التكملة" للفارسي ٩٧٩، و"حجة القراءات" ١٧٨، و"الكشف" ١/ ٣٦٢، و"الدر المصون" ٣/ ٤٥٨ - ٤٥٩، و"شرح الشافية" ١/ ١٣٥ - ١٣٧.
ونسب الخليل (فضِل يفضُل) لأهل الحجاز. انظر: "العين" ٧/ ٤٤.
(٦) لم أقف على مصدر قوله. =

صفحة رقم 112

و (خافَ يَخَافُ)، وأنشد:
عِيشِي ولا يَوْمِي بِأنْ تَمَاتِي (١)
فإن ثَبَتَ هذا، فهو لُغَةٌ.
قالَ ابنُ عباس (٢): هذه الآية رَدٌّ على المنافقين؛ حيث اختاروا الدنيا على الآخرة، وتركوا الجهاد؛ مَحَبَّةً للدنيا. فقيل للمؤمنين: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ﴾ في الجهاد ﴿أَوْ مُتُّمْ﴾ ليغفرن لكم، وهو ﴿خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ﴾.
﴿لَمَغْفِرَةٌ﴾ (٣): جواب القسم. وقد قام مقام جواب الجزاء.
وقوله تعالى: ﴿خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ أي: من أعراض الدنيا، التي

= وقول المؤلف: (هذا مذهب الخليل، وحكى المبرد): ليس في "الحجة"، للفارسي. وما بعده إلى نهاية بيت الشعر، في "الحجة".
(١) شطر بيت من الرجز، لم أقف على قائله.
وقد ورد غير منسوب في: الجمهرة، لابن دريد ٣/ ١٣٠٨، و"الحجة" للفارسي ٣/ ٩٣، و"الصحاح" ١/ ٢٦٧ (موت)، و"تفسير القرطبي" ١/ ٢٢٠، و"شرح الشافية" ١/ ١٣٧، و"اللسان" ٧/ ٤٢٩٥ (موت)، و"الدر المصون" ١/ ١٧٤، ٣/ ٤٥٨، و"شرح شواهد الشافية" ٥٧.
وتمام البيت:
بنيتي سيدة البنات... عيشي ولا يومي بأن تماتي
وقد ورد في بعض المصادر: (بُنيَّ يا سيدة..)، وورد: (ولا نأمن أن..)، و (لا يُؤمَنُ أن..). أما (يَوْمي) فقد وردت في (الجمهرة)، و"الحجة" فقط من المصادر السابقة. وورد: (بنيتي يا خِيرَة البنات). قال ابن دريد عن (مِتَّ تمات): (وأكثر ما يتكلم بها طيِّئ، وقد تكلم بها سائر العرب). "الجمهرة" ٣/ ١٣٠٨.
(٢) لم أقف على مصدر قوله.
(٣) ما بين المعقوفين مطموس في (أ). والمثبت من (ب)، (ج).

صفحة رقم 113
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية