آيات من القرآن الكريم

قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ

هي المذكورة في قوله: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)
وكذلك الجنات هي الجنة التي عرضها السموات، وإن ذلك أجرتهم بتلك الأفعال، وهو مع أنه لم يتدبر التفصيل واختلاف المجازين والجزائين وأوصافها لم يتفكر في أن الفكرة إذا أُعيد ذكرها تُعاد معرفة، ، وإلا كان الثاني غير الأول، فلو كانت المغفرة والجنات هي التي تقدم ذكرها لقال المغفرة والجنات.
قوله تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧)
الخلاء: المكان الذي لا ساتر فيه، من بنية وغيرها، وقد يقال للمكان الذي لا ساكن فيه، وخليته تركته في خلاء، ثم يقال لكل تَرْكٍ: تخلية حتى
قيل: ناقة خلية: مخلاة عن الحلب، وامرأة خلية مخلاة عن
الزوج، وسميت السفينة المتروكة تمر بذاتها خلية، وزمان خالٍ
أي ماض، كأنه خلا عما كان فيه، وأصل السُّنّة من السنيّ أي

صفحة رقم 869

صب الماء على وجه الأرض، وعلى التشبيه به قيل: سننت
الدرع، ووجه مسنون، والسنّة: الطريقة المجعولة للاقتداء
بها محسوسة كانت أو معقولة، وعُنِي بالسنة هاهنا ما كان من
القرون الأولى، أخيارهم وأشرارهم، وما كان في مقابلتهم

صفحة رقم 870

منه تعالى ومجازاته إياهم إن خيراً فخيراً، وإن شرًّا فشرًّا في الدنيا
تارة وفي الآخرة تارة، على ما بينه تعالى بكلامه، وشُوهد من
أحكامه، فنبهنا على اعتبار ما جرى به سننه، وأمرنا بالسير في
الأرض والنظر إليه، ولم يعن بالسير السعي بالأرجل، ولا
بالنظر نظر العين، فذلك غير مغنٍ بانفراده في معرفة سنة الله في
الذين خلوا، وإنما عنى إجالة الخاطر فيها، والنظر بالبصيرة
للمتحرين للحكم، والمنبهين على العبر، وعلى هذا قوله:
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)، وقوله: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)، وقد

صفحة رقم 871
تفسير الراغب الأصفهاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى
تحقيق
هند بنت محمد سردار
الناشر
كلية الدعوة وأصول الدين - جامعة أم القرى
سنة النشر
1422
عدد الأجزاء
2
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية