آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ

مرويًّا، ومعناه: الرِّبَا الذي كانت العربُ تُضعِّف فيه الدَّيْن، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك في «سورة البقرة».
وقوله تعالى: أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ، أي: أنهم المقصودُ، والمراد الأوَّل، وقد يدخُلُها سواهم من العُصَاة، هذا مذْهَبُ أهل العلْمِ في هذه الآية، وحكَى الماوَرْدِيُّ «١» وغيره، عن قوم أنهم ذهبوا إلى أن أَكَلَة الرِّبا، إنما توعَّدهم اللَّهُ بنارِ الكَفَرة، لا بنار العُصَاة.
وقوله سبحانه: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، قال محمَّد بْنُ إسحاق:
هذه الآية من قوله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ هي ابتداءُ المعاتبةِ فِي أمر أُحُدٍ، وانهزام مَنْ فَرَّ، وزوال الرماة عن مراكزهم «٢».
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٣٣ الى ١٣٤]
وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)
وقوله تعالى: سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ، قرأ نافعٌ، وابنُ عامِرٍ: سارعوا بغَيْر «واوٍ» وكذلك هي في مصاحِفِ أهل المدينة والشام، وقرأ باقي السبعة بالواو، والمُسَارَعَة: المبادرةُ، وهي مفاعلة إذ الناس كأن كلَّ واحِدٍ يُسْرِعُ لِيَصِلَ قبل غيره، فَبَيْنَهُمْ في ذلك مُفَاعَلَةٌ أَلاَ ترى إلى قوله تعالى: اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
[البقرة: ١٤٨]، والمعنى: سارعوا بالطَّاعة، والتقوى، والتقرُّب إلى ربِّكم إلى حالٍ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ فيها، قلْتُ: وحقٌّ على مَنْ فَهِمَ كلامَ ربِّه أنْ يبادر ويُسَارع إلى ما ندبه إلَيْه ربُّه، وألاَّ يتهاوَنَ بترك الفضائِلِ الواردَةِ في الشّرع، قال النوويّ- رحمه الله-: اعلم أنه ينبغِي لِمَنْ بلغه شيْءٌ في فضائلِ الأعمال أنْ يعمل به، ولو مَرَّةً ليكون مِنْ أهله، ولا ينبغي أنْ يتركه جملةً، بل يأتي بما تيسَّر منه لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المتّفق على صحّته: «وإذا

(١) علي بن محمد بن حبيب، القاضي أبو الحسن الماوردي، البصري، أحد أئمة أصحاب الوجوه، تفقه على أبي القاسم الصيمري، وسمع من أبي حامد الأسفراييني، قال الخطيب: كان ثقة، من وجوه الفقهاء الشافعيين. وقال الشيرازي: وله مصنفات كثيرة في الفقه والتفسير وأصول الفقه والأدب، وكان حافظا للمذهب.
ومن تصانيفه: «الحاوي»
. قال الأسنوي: ولم يصنف مثله، والأحكام السلطانية والتفسير المعروف بالنكت والعيون وغيرها. مات سنة ٤٥٠.
انظر: «طبقات ابن قاضي شهبة» (١/ ٢٣٠)، و «تاريخ بغداد» (١٢/ ١٠٢)، و «طبقات السبكي» (٣/ ٣٠٣).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٤٣٥) برقم (٧٨٢٨). [.....]

صفحة رقم 105

أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فافعلوا مِنْهُ مَا استطعتم» «١». انتهى من «الحلية».
وقوله سبحانه: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ، أي: كعرض السموات والأرض، قال ابنُ عبَّاس في تفسير الآية: تقرن السمواتُ والأرَضُونَ بعضها إلى بعض كما تبسطُ الثيابُ، فذلك عَرْضُ الجَنَّة ولا يَعْلَمُ طولَهَا إلا اللَّه سبحانه «٢» وفي الحديث الصحيح عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ أَبْوابِ الجَنَّةِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَسَيَأْتِي عَلَيْهَا يَوْمٌ يَزْدَحِمُ النَّاسُ فِيهَا كَمَا تَزْدَحِمُ الإبِلُ، إذَا وَرَدَتْ خُمُصاً ظِمَاءً» «٣». وفي الصحيح:
«إنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يسير الراكب المجد في ظلها مائة عام لا يقطعها» «٤» فهذا كلّه يقوّي

(١) أخرجه البخاري (١٣٠/ ٢٦٤)، كتاب «الاعتصام بالكتاب والسنة»، باب الاقتداء بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حديث (٧٢٨٨)، ومسلم (٤/ ١٨٣١) كتاب «الفضائل»، باب توقيره صلّى الله عليه وسلّم، حديث (١٣١/ ١٣٣٧)، وأحمد (٢/ ٢٥٨)، والحميدي (٢/ ٤٧٧) رقم (١١٢٥)، وأبو يعلى (١١/ ١٩٥) رقم (٦٣٠٥) كلهم من طريق أبي الزِّنَادِ عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ذروني ما تركتكم فإنما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ واختلافهم على أنبيائهم، فما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم».
ومن طريق أبي الزناد أخرجه البغوي في «شرح السنة» (١/ ١٧٧- بتحقيقنا).
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة: فأخرجه مسلم (٢/ ٩٧٥) كتاب «الحج»، باب فرض الحج مرة في العمر، حديث (٤١٢/ ١٣٣٧)، والنسائي (٥/ ١١٠) كتاب «الحج»، باب وجوب الحج، وأحمد (٢/ ٤٤٧- ٤٤٨، ٤٥٧، ٤٦٧، ٥٠٨)، وابن خزيمة (٤/ ١٢٩) رقم (٢٥٠٨) من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة.
وأخرجه عبد الرزاق (١١/ ٢٢٠) رقم (٢٠٣٧٤)، ومسلم (٤/ ١٨٣١) كتاب «الفضائل»، باب توقيره صلّى الله عليه وسلّم، (١٣١/ ١٣٣٧)، وأحمد (٢/ ٣١٣)، والبغوي في «شرح السنة» (١/ ١٧٦- بتحقيقنا) من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد (٢/ ٢٤٧، ٤٢٨، ٥١٧)، والحميدي (٢/ ٤٧٧) رقم (١١٢٥)، وابن حبان (٢٠٩٧- الإحسان) من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (٤/ ١٨٣١) كتاب «الفضائل»، باب توقيره صلّى الله عليه وسلّم، حديث (١٣١/ ١٣٣٧)، والترمذي (٥/ ٤٥- ٤٦) كتاب «العلم»، باب في الانتهاء عما نهى عنه سول الله صلّى الله عليه وسلّم، حديث (٢٦٧٩) من طريق همام بن المنبه عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٤٣٦) برقم (٧٨٢٩)، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ١٢٨)، وعزاه لابن جرير.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٤٩٥) كتاب «التفسير»، باب تفسير سورة الواقعة، حديث (٤٨٨١)، ومسلم (٤/ ٢١٧٥) كتاب «الجنة وصفة نعيمها»، باب أن في الجنة شجرة، حديث (٧/ ٢٨٢٦)، وأحمد (٢/ ٢٥٧، ٤١٨)، والحميدي (٢/ ٤٧٩) رقم (١١٣١)، وابن حبان (٧٤١١- الإحسان)، وأبو نعيم في «صفة الجنة» (٤٠٣)، والبيهقي في «البعث» (٢٦٨)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص ١٨٣) كلهم من طريق-

صفحة رقم 106

قولَ ابْنِ عَبَّاسِ، وهو قولُ الجُمْهور: «إنَّ الجنَّة أَكْبرُ من هذه المخلوقاتِ المذْكُورة، وهي ممتدَّة على السَّماء حيْثُ شاء/ اللَّه تعالى، وذلك لا يُنْكَرُ، فإن في حديث النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُونَ السَّبْعُ فِي الكُرْسِيِّ إلاَّ كَدَرَاهِمَ أُلْقِيَتْ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَمَا الكُرْسِيُّ فِي العَرْشِ إلاَّ كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ» «١».
قال ع «٢» : فهذه مخلوقاتٌ أعظم بكثير جدًّا من السمواتِ والأرضِ، وقدرةُ اللَّه أعْظَمُ مِنْ ذلك كلِّه، قلتُ: قال الفَخْر: «٣» وفي الآية وجْه ثانٍ أنَّ الجنَّة التي عرضُها مثْلُ عَرْضِ السمواتِ والأرضِ، إنما تكونُ للرَّجُل الواحدِ لأن الإنسان يَرْغَبُ فيما يكون مِلْكاً له، فلا بُدَّ أَنْ تصير الجَنَّة المملوكة لكلِّ أحد مقْدَارُها هكذا. اهـ.
وقُدْرَةُ اللَّه تعالى أوسع، وفَضْلُه أعظم، وفي «صحيح مسلم»، والترمذيِّ، مِنْ حديث المُغَيرة بْنِ شُعْبَة «٤» (رضي اللَّه عنه) :«في سُؤَال موسى رَبَّهُ عَنْ أدنى أَهْلِ الجنّة

- أبي الزِّنَادِ عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا.
وأخرجه البخاري (٦/ ٣٦٨) كتاب «بدء الخلق»
، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، حديث (٣٢٥٢)، وأحمد (٢/ ٤٨٢) من طريق فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عبد الرّحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة به.
وأخرجه مسلم (٤/ ٢١٧٥) كتاب «الجنة وصفة نعيمها»، باب أن في الجنة شجرة، حديث (٦/ ٢٨٢٦)، والترمذي (٤/ ٥٧٩) كتاب «صفة الجنة»، باب ما جاء في صفة شجر الجنة، حديث (٢٥٢٣)، وأحمد (٢/ ٤٥٢)، والطبري في «تفسيره» (٢٧/ ١٨٣)، وابن أبي داود في «البعث» (٦٧)، وأبو نعيم في «صفة الجنة» (٤٠١). من طريق الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة به.
وأخرجه ابن ماجة (٢/ ١٤٤٨) كتاب «الزهد»، باب صفة الجنة، حديث (٤٣٣٥)، وأحمد (٢/ ٤٣٨)، والدارمي (٢/ ٣٣٨) من طريق محمَّد بنِ عَمْرٍو عن أَبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة.
وأخرجه الطيالسي (٢/ ٢٤٢- منحة) رقم (٢٨٣٣)، وأحمد (٢/ ٤٥٥، ٤٦٢)، والدارمي (٢/ ٣٣٨) كتاب «الرقاق»، باب في أشجار الجنة، والطبري (٢٧/ ١٨٣) من طريق شعبة عن أبي الضحاك عن أبي هريرة به.
(١) تقدم تخريجه.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٥٠٨).
(٣) ينظر: «الفخر الرازي» (٩/ ٦).
(٤) المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس.. أبو عبد الله. معروف ب «مغيرة الرأي».
قال ابن الأثير: أسلم عام الخندق، وشهد «الحديبية»، وله في صلحها كلام مع عروة بن مسعود..
وكان موصوفا بالدهاء، قال الشعبي: دهاة العرب أربعة: معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد. فأما معاوية فللأناة والحلم، وأما عمرو فللمعضلات. وأما المغيرة فللمبادهة، وأما زياد فللصغير والكبير. توفي ب «الكوفة» سنة (٥٠ هـ). -

صفحة رقم 107

مَنْزِلَةً، وَأَنَّهُ رَجُلٌ يَأْتِي بَعْدَ مَا يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: أترضى أَنْ يَكُونَ لَكَ مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ، أَيْ رَبِّ، فَيُقَالُ لَهُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِي الخَامِسَةِ: رَضِيتُ، أيْ رَبِّ، فَيُقَالُ لَهُ: لَكَ ذَلِكَ، وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ، أَيْ رَبِّ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإنَّ لَكَ مَعَ هَذَا مَا اشتهت نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ» «١»، قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وفي البخاريِّ من طريقِ ابْنِ مسعودٍ (رَضِيَ اللَّه عَنه) :«إنَّ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّة، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنَ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْواً، فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: ادخل الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رَبِّ، الجَنَّةُ ملأى، فَيَقُولُ لَهُ: إنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مَرَّاتٍ» «٢». اهـ.
وفي «جامع التِّرمذيِّ»، عن ابنِ عُمَرَ (رضي اللَّه عنهما)، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً... » «٣» الحديثَ، قال أبو عيسى، وقد روي هذا الحديث من غير وَجْهٍ، مرفوعًا وموقوفًا، وفي الصَّحيحِ ما معناه:
«إذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، تبقى فِيهَا فَضْلَةٌ، فَيُنْشِيءُ اللَّهُ لَهَا خَلْقاً»، أَوْ كما قال. اهـ.
قال ع «٤» : وخص العرض بالذِّكْر لأنه يدلُّ متى ما ذُكِرَ علَى الطُّولِ، والطُّولُ إذا ذكر لا يدُلُّ على قَدْر العَرْض، بل قد يكونُ الطَّويلُ يَسِيرَ العَرْضِ كالخَيْطِ ونحوه.
ثم وصف تعالى المتَّقِينَ الذين أعدَّتّ لهم الجنَّةُ بقوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ

- ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٥/ ٢٤٧)، و «الإصابة» (٦/ ١٣١)، و «الثقات» (٣/ ٣٨٢)، و «الاستبصار» (٩٧)، و «الأعلام» (٧/ ٢٧٧)، و «الاستيعاب» (٤/ ١٤٤٥)، و «الكاشف» (٣/ ١٦٨)، و «تجريد أسماء الصحابة» (٢/ ٩١)، و «العقد الثمين» (٧/ ٢٥٥)، و «الجرح والتعديل» (٨/ ٢٢٤)، و «التاريخ الكبير» (٧/ ٣١٦)، و «تاريخ جرجان» (٢٩٥).
(١) أخرجه مسلم (١/ ٥٨١، ٥٨٢- الأبي)، كتاب «الإيمان»، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، حديث (٣١٢/ ١٨٩)، والترمذي (٥/ ٣٤٧) كتاب «تفسير القرآن»، باب «ومن سورة السجدة»، حديث (٣١٩٨).
وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (١٣/ ٤٨٢)، كتاب «التوحيد»، باب كلام الرب (عز وجل) يوم القيامة مع الأنبياء، حديث (٧٥١١).
(٣) أخرجه الترمذي (٤/ ٦٨٨)، كتاب «صفة الجنة»، باب (١٧)، حديث (٢٥٥٣) من حديث ابن عمر.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٥٠٩). [.....]

صفحة رقم 108

، وهما اليُسْر والعُسْر، قاله ابن عَبَّاس «١». إذ الأغلَبُ أنَّ مع اليُسْر النَّشَاطَ، وسرورَ النفْسِ، ومع العُسْر الكراهيَةَ، وضُرَّ النفس، وكَظْمُ الغَيْظ: ردُّه في الجَوْفِ، إذا كاد أنْ يخرج من كثرته، ومنعه: كظْمٌ له، والكِظَامُ: السَّيْر الذي يشدُّ به فَمُّ الزِّقِّ، والغَيْظُ:
أصْلُ الغضَبِ، وكثيراً ما يتلازمَانِ ولذلك فسَّر بعض الناس الغَيْظَ بالغَضَب، وليس تحريرُ الأمر كذلك، بل الغيظُ حالٌ للنفس، لا تظهر على الجوارح، والغضبُ حالٌ لها تظهر في الجوارحِ وفِعْلٍ مَّا ولا بدَّ ولهذا جاز إسناد الغَضَب إلى اللَّه سبحانه إذ هو عبارة عن أفعاله في المغْضُوب علَيْهم، ولا يسند إلَيْه تعالى الغَيْظُ.
ووردَتْ في كظْمِ الغيظ، ومِلْكِ النفْسِ عند الغضب أحاديثُ، وذلك من أعظم العباداتِ، وجهادِ النفسِ، ففي حديثِ أبِي هريرة (رضي الله عنه) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم/ قَالَ:
«مَنْ كَظَمَ غَيْظاً، وَهُوَ يَقْدِرُ على إنْفَاذِهِ، مَلأَهُ اللَّهُ أَمْناً وإيمَاناً»، إلى غير ذلك من الأحاديثَ، قُلْتُ: وروى أبو داوُدَ، والترمذيُّ عن معاذِ بْنِ أَنَس «٢» (رضي اللَّه عنه) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظاً، وَهُوَ يَقْدِرُ على أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ على رُءُوسِ الخَلاَئِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ، حتى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الحُورِ شَاءَ» «٣»، قَالَ أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ. اهـ.
وفي روايةٍ أخرى لأبي داود: «مَلأهُ اللَّهُ أَمْناً وإيمَاناً، وَمَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جمال،

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٤٣٧) برقم (٧٨٣٧)، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٥٠٩)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ١٢٨)، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(٢) هو: معاذ بن أنس، الجهني، حليف الأنصار.
قال أبو سعيد بن يونس: صحابي كان ب «مصر» و «الشام»، روى عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أحاديث. وله رواية عن أبي الدرداء وكعب الأحبار. روى عنه ابنه سهل بن معاذ وحده. وذكر أبو أحمد العسكري ما يدل على أنه بقي إلى خلافة عبد الملك بن مروان.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٥/ ١٩٣)، والإصابة» (٦/ ١٠٦)، و «الثقات» (٣/ ٣٧٠)، و «الاستيعاب» (٣/ ١٤٠٢)، و «تجريد أسماء الصحابة» (٢/ ٨٠)، و «بقي بن مخلد» (٩٣)، و «الكاشف» (٣/ ١٥٣)، و «الجرح والتعديل» (٨/ ٢٤٥)، و «تهذيب الكمال» (٣/ ١٣٣٨)، و «تهذيب التهذيب» (١٠/ ١٨٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٦٢)، كتاب «الأدب»، باب من كظم غيظا، حديث (٤٧٧٧)، والترمذي (٤/ ٦٥٦) كتاب «صفة القيامة»، باب (٤٨)، حديث (٢٤٩٣)، وابن ماجة (٢/ ١٤٠٠) كتاب «الزهد»، باب الحلم، حديث (٤١٨٦)، وأحمد (٣/ ٤٤٠)، والبيهقي (٨/ ١٦١) كتاب قتال أهل البغي. كلهم من طريق سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن.

صفحة رقم 109
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية