آيات من القرآن الكريم

إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ

﴿إِذْ هَمَّتْ﴾ بدلٌ من إذ غدوت مبينٌ لما هو المقصودُ بالتذكير أو ظرفٌ لسميعٌ عليمٌ على معنى أنه تعالى جامعٌ بين سماعِ الأقوالِ والعلمِ بالضمائر في ذلك الوقتِ إذ لا وجهَ لتقييد كونِه تعالى سميعاً عليماً بذلك الوقت قال الفراءُ معنى قولِك ضربتُ وأكرمتُ زيداً أن زيداً منصوبٌ بهما تسلّطا عليه معاً
﴿طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ﴾ متعلقٌ بهمَّتْ والباءُ محذوفةٌ أي بأن تفشَلا أي تجبُنا وتضعُفا وهما حيانِ من

صفحة رقم 78

١٢٣ - ١٢٤ آل عمران
الأنصار بنو سلمةَ من الخزرج وبنو حارثةَ من الأوس وهما الجناحانِ من عسكر رسول الله ﷺ وكانوا ألفَ رجل وقيل تسعَمائةٍ وخمسين وَعَدهم رسولُ الله ﷺ الفتحَ إن صبَروا فلما قاربوا عسكرَ الكفرةِ وكانوا ثلاثةَ آلافٍ انخذل عبدُ اللَّه بنُ أبيَ بثلث الناسِ فقال يا قومُ علامَ نَقتُل أنفسَنا وأولادَنا فتبِعَهم عمروُ بنُ حزم الأنصاري فقال أنشُدكم الله في نبيكم وأنفسِكم فقال عبدُ اللَّه لو نعلم قتالاً لاتّبعناكم فهمّ الحيانِ باتِّباع عبدِ اللَّه فعصمَهم الله تعالى فمضَوْا مع رسول الله ﷺ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أضمَروا أن يرجِعوا فعزم الله لهم على الرشد فثبَتوا والظاهرُ أنها ما كانت إلا همَّةً وحديثَ نفس قلما تخلو النفسُ عنه عند الشدائدِ
﴿والله وَلِيُّهُمَا﴾ أي عاصِمُهما عن اتباع تلكِ الخَطرةِ والجملةُ اعتراضٌ ويجوز أن تكون حالاً من فاعل همَّتْ أو من ضميرِه في تفشلا مفيدةٌ لاستبعاد فشلِهما أو همِّهما بهِ مع كونِهِما في ولاية الله تعالى وقرئ والله وليُّهم كما في قوله تعالى ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا﴾
﴿وَعَلَى الله﴾ وحده دون ما عداه مطلقاً استقلالاً أو اشتراكاً
﴿فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون﴾ في جميع أمورِهم فإنه حسبُهم وإظهارُ الاسمِ الجليلِ للتبرك والتعليل فإن الألوهية من موجبات التوكلِ عليه تعالى واللامُ في المؤمنين للجنس فيدخلُ فيه الطائفتان دخولاً أولياً وفيه إشعارٌ بأن وصفَ الإيمان من دواعي التوكلِ وموجباتِه

صفحة رقم 79
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية