آيات من القرآن الكريم

هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ

صِفَةٌ لِبِطَانَةٍ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا لِأَنَّ الْبِطَانَةَ قَدْ وُصِفَتْ بِقَوْلِهِ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا فَلَوْ كَانَ هَذَا صِفَةً أَيْضًا لَوَجَبَ إِدْخَالُ حَرْفِ الْعَطْفِ بَيْنَهُمَا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ فِي الْمَعْنَى مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: لَا يُقَصِّرُونَ فِي إِفْسَادِ دِينِكُمْ، فَإِنْ عَجَزُوا عَنْهُ وَدُّوا إِلْقَاءَكُمْ فِي أَشَدِّ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ الثَّانِي: لَا يُقَصِّرُونَ فِي إِفْسَادِ أُمُورِكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا عَجَزُوا عَنْهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ قُلُوبِهِمْ حُبُّ إِعْنَاتِكُمْ وَالثَّالِثُ: لَا يُقَصِّرُونَ فِي إِفْسَادِ أُمُورِكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ لِمَانِعٍ مِنْ خَارِجٍ، فَحُبُّ ذَلِكَ غَيْرُ زَائِلٍ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْبَغْضَاءُ أَشَدُّ الْبُغْضِ، فَالْبُغْضُ مَعَ الْبَغْضَاءِ كَالضُّرِّ مَعَ الضَّرَّاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَفْوَاهُ جَمْعُ الْفَمِ وَالْفَمُ أَصْلُهُ فَوْهٌ بِدَلِيلِ أَنَّ جَمْعَهُ أَفْوَاهٌ، يُقَالُ: فَوْهٌ وَأَفْوَاهٌ كَسَوْطٍ وَأَسْوَاطٍ، وَطَوْقٍ وَأَطْوَاقٍ، وَيُقَالُ رَجُلٌ مُفَوَّهٌ إِذَا أَجَادَ الْقَوْلَ، وَأَفْوَهُ إِذَا كَانَ واسع الفم، فَثَبَتَ أَنَّ أَصْلَ الْفَمِ فَوْهٌ بِوَزْنِ سَوْطٍ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْهَاءُ تَخْفِيفًا ثُمَّ أُقِيمَ الْمِيمُ مَقَامَ الْوَاوِ لِأَنَّهُمَا حَرْفَانِ شَفَوِيَّانِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَفِي تَفْسِيرِهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ:
أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُنَافِقِ مِنْ أَنْ يَجْرِيَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نِفَاقِهِ ومفارقة لِطَرِيقِ الْمُخَالَصَةِ فِي الْوُدِّ وَالنَّصِيحَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [مُحَمَّدٍ: ٣٠] الثَّانِي: قَالَ قَتَادَةُ: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ لِأَوْلِيَائِهِمْ مِنَ المنافقين والكفار لاطلاع بعضهم بعضاً عَلَى ذَلِكَ، أَمَّا إِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْيَهُودِ فَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ فَهُوَ أَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ تَكْذِيبَ نَبِيِّكُمْ وَكِتَابِكُمْ وَيَنْسِبُونَكُمْ إِلَى الْجَهْلِ وَالْحُمْقِ، وَمَنِ اعْتَقَدَ فِي غَيْرِهِ الْإِصْرَارَ عَلَى الْجَهْلِ وَالْحُمْقِ امْتَنَعَ أَنْ يُحِبَّهُ، بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَبْغَضَهُ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ يَعْنِي الَّذِي يَظْهَرُ عَلَى لِسَانِ الْمُنَافِقِ مِنْ عَلَامَاتِ الْبَغْضَاءِ أَقَلُّ مِمَّا فِي قَلْبِهِ مِنَ النَّفْرَةِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ عَلَامَاتِ الْحِقْدِ عَلَى لِسَانِهِ أَقَلُّ مِمَّا فِي قَلْبِهِ مِنَ الْحِقْدِ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ إِظْهَارَ هَذِهِ الْأَسْرَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أَيْ مِنْ أَهْلِ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ وَالدِّرَايَةِ، وَقِيلَ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ الْفَصْلَ بَيْنَ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَدُوُّ وَالْوَلِيُّ، وَالْمَقْصُودُ بَعْثُهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْعَقْلِ فِي تَأَمُّلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَتَدَبُّرِ هَذِهِ الْبَيِّنَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[سورة آل عمران (٣) : آية ١١٩]
هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١١٩)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ إلى قوله عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ] وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ تَحْذِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُخَالَطَةِ الْمُنَافِقِينَ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ السَّيِّدُ السَّرَخْسِيُّ سَلَّمَهُ اللَّهُ هَا للتنبيه وأَنْتُمْ مبتدأ وأُولاءِ خبره وتُحِبُّونَهُمْ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنَ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُولاءِ بِمَعْنَى الَّذِينَ وتُحِبُّونَهُمْ صِلَةٌ لَهُ، وَالْمَوْصُولُ مَعَ الصِّلَةِ خَبَرُ أَنْتُمْ وقال الفرّاء أُولاءِ خبر وتُحِبُّونَهُمْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أُمُورًا ثَلَاثَةً، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ غَيْرَ

صفحة رقم 341

الْمُؤْمِنِ بِطَانَةً لِنَفْسِهِ فَالْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: قَالَ الْمُفَضَّلُ تُحِبُّونَهُمْ تُرِيدُونَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ وَهُوَ خَيْرُ الْأَشْيَاءِ وَلا يُحِبُّونَكُمْ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بَقَاءَكُمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُوجِبُ الْهَلَاكَ الثَّانِي:
تُحِبُّونَهُمْ بِسَبَبِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَلا يُحِبُّونَكُمْ بِسَبَبِ كَوْنِكُمْ مُسْلِمِينَ الثَّالِثُ:
تُحِبُّونَهُمْ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ أَظْهَرُوا لَكُمُ الْإِيمَانَ وَلا يُحِبُّونَكُمْ بِسَبَبِ أَنَّ الْكُفْرَ مُسْتَقِرٌّ فِي بَاطِنِهِمْ الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ تُحِبُّونَهُمْ بِمَعْنَى أَنَّكُمْ لَا تُرِيدُونَ إِلْقَاءَهُمْ فِي الْآفَاتِ وَالْمِحَنِ وَلا يُحِبُّونَكُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ إِلْقَاءَكُمْ فِي الْآفَاتِ وَالْمِحَنِ وَيَتَرَبَّصُونَ بِكُمُ الدَّوَائِرَ الْخَامِسُ: تُحِبُّونَهُمْ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ لَكُمْ مَحَبَّةَ الرَّسُولِ وَمُحِبُّ الْمَحْبُوبِ مَحْبُوبٌ وَلا يُحِبُّونَكُمْ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تُحِبُّونَ الرَّسُولَ وَهُمْ يُبْغِضُونَ الرَّسُولَ وَمُحِبُّ الْمَبْغُوضِ مَبْغُوضٌ السَّادِسُ: تُحِبُّونَهُمْ أَيْ تُخَالِطُونَهُمْ، وَتُفْشُونَ إِلَيْهِمْ أَسْرَارَكُمْ فِي أُمُورِ دِينِكُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ أَيْ لَا يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ بِكُمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا إِشَارَةٌ إِلَى الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِكَوْنِ الْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّونَهُمْ وَلِكَوْنِهِمْ يُبْغِضُونَ الْمُؤْمِنِينَ، فَالْكُلُّ دَاخِلٌ تَحْتِ الْآيَةِ، وَلَمَّا عَرَّفَهُمْ تَعَالَى كَوْنَهُمْ مُبْغِضِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَرَّفَهُمْ أَنَّهُمْ مُبْطِلُونَ فِي ذَلِكَ الْبُغْضِ صَارَ ذَلِكَ دَاعِيًا مِنْ حَيْثُ الطَّبْعِ، وَمِنْ حَيْثُ الشَّرْعِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ الْمُؤْمِنُونَ مُبْغِضِينَ لهؤلاء المنافقين.
والسبب الثاني لذلك: لِذَلِكَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْآيَةِ إِضْمَارٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَحَسُنَ الْحَذْفُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الضِّدَّيْنِ يُعْلَمَانِ مَعًا فَكَانَ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا مُغْنِيًا عَنْ ذِكْرِ الْآخَرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ (الْكِتَابَ) بِلَفْظِ الْوَاحِدِ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ ذَهَبَ بِهِ مَذْهَبَ الْجِنْسِ كَقَوْلِهِمْ: كَثُرَ الدِّرْهَمُ فِي أَيْدِي النَّاسِ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُجْمَعُ إِلَّا عَلَى التَّأْوِيلِ، فَلِهَذَا لَمْ يَقُلِ الْكُتُبَ بَدَلًا مِنَ الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ قَالَهُ لَجَازَ تَوَسُّعًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: أَنَّكُمْ تُؤْمِنُونَ بِكُتُبِهِمْ كُلِّهَا وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُبْغِضُونَكُمْ فَمَا بَالُكُمْ مَعَ ذَلِكَ تُحِبُّونَهُمْ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ مِنْ كِتَابِكُمْ، وَفِيهِ تَوْبِيخٌ شَدِيدٌ بِأَنَّهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ أَصْلَبُ مِنْكُمْ فِي حَقِّكُمْ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ [النِّسَاءِ: ١٠٤].
السَّبَبُ الثَّالِثُ لِقُبْحِ هَذِهِ الْمُخَالَطَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ أَظْهَرُوا شِدَّةَ الْعَدَاوَةِ، وَشِدَّةَ الْغَيْظِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى تَبْلُغَ تِلْكَ الشِّدَّةُ إِلَى عَضِّ الْأَنَامِلِ، كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدُنَا إِذَا اشْتَدَّ غَيْظُهُ وَعَظُمَ حُزْنُهُ عَلَى فَوَاتِ مَطْلُوبِهِ، وَلَمَّا كَثُرَ هَذَا الْفِعْلُ مِنَ الْغَضْبَانِ، صَارَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنِ الْغَضَبِ حَتَّى يُقَالَ فِي الْغَضْبَانِ: إِنَّهُ يَعَضُّ يَدَهُ غَيْظًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَضٌّ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُمْ هَذَا الْغَيْظُ الشَّدِيدُ لِمَا رَأَوْا مِنَ ائْتِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَزْدَادَ غَيْظُهُمْ حَتَّى يَهْلَكُوا بِهِ، وَالْمُرَادُ مِنَ ازْدِيَادِ الْغَيْظِ ازْدِيَادُ مَا يُوجِبُ لَهُمْ ذَلِكَ الْغَيْظَ مِنْ قُوَّةِ الْإِسْلَامِ وَعِزَّةِ أَهْلِهِ وَمَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الذُّلِّ وَالْخِزْيِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ أَمْرٌ لَهُمْ بِالْإِقَامَةِ عَلَى الْغَيْظِ، وَذَلِكَ الْغَيْظُ كُفْرٌ، فَكَانَ هَذَا أَمْرًا بِالْإِقَامَةِ عَلَى الْكُفْرِ وَذَلِكَ غير جائز.

صفحة رقم 342
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية