آيات من القرآن الكريم

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

يستفتحون به على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين.
وهذا جزاؤكم أن تذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون.
وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله وجنته ورضوانه هم خالدون.
تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق الثابت فلا عذر بعد هذا لو اختلفت أمتك وأهملت الاعتصام بحبل الله وتفرقت شيعا وأحزابا، ولم تتواص بالحق والصبر، وما الله يريد بهذه التوجيهات والأحكام ظلما للعباد، حاشا لله أن يضع شيئا في غير موضعه، بل كل هذا لمصلحتهم في الدنيا والآخرة، وكيف لا يكون ذلك؟ ولله في السموات والأرض ملكا وخلقا وتصريفا وحكما، وإلى الله وحده ترجع الأمور.
فضل الأمة الإسلامية على غيرها [سورة آل عمران (٣) : الآيات ١١٠ الى ١١٢]
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (١١٠) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢)

صفحة رقم 264

المفردات:
(كان) فعل يدل على الوجود والحصول في الماضي بقطع النظر عن الدوام أو الانقطاع، وقد يستعمل للأزلية كما في صفاته تعالى: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.
الْأَذى: الضرر البسيط. يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ: كناية عن الانهزام، فالمنهزم يحول ظهره إلى عدوه. ضُرِبَتْ: ألصقت بهم وأثرت فيهم. الذِّلَّةُ: الذل.
ثُقِفُوا: وجدوا. بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ الحبل: العهد. وَباؤُ: رجعوا، والمراد كانوا أحقّاء بغضب الله، مأخوذ هذا من البواء، أى: المساواة، يقال: باء فلان بدم فلان: إذا كان حقيقا أن يقتل به لمساواته له، والمراد حلوا في العذاب، من المباءة، وهو: المكان. يَعْتَدُونَ: يتجاوزون الحد.
هذا كلام مستأنف سيق لتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الاعتصام بالله والاتفاق على الحق والدعوة إلى الخير على أنه تحريض وإلهاب للهمم.
المعنى:
أنتم خير أمة في الوجود الآن، وذلك لأن جميع الأمم قد غلب عليها الفساد وعمتها الفوضى، فلا يعرف فيها معروف ولا ينكر فيها منكر، فأنتم خير أمة أخرجت للناس، وذلك لأنكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله إيمانا كاملا صادقا «والإيمان بالله على هذا النحو لا يكون إلا إذا استوعب صاحبه جميع ما يجب الإيمان به، فلو أخلّ بشيء لم يكن مؤمنا بالله- تعالى- إيمانا كاملا، وإنما قدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الإيمان بالله لأنهما أظهر في بيان فضل المسلمين على غيرهم، على أن الإيمان يدعيه أهل الكتاب وإن تكن دعوى باطلة».
ولو أن أهل الكتاب آمنوا إيمانا حقيقيا لكان خيرا لهم إذ هم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، أو يؤمنون ببعض الرسل كموسى وعيسى، ويكفرون بمحمد، على أنهم كيف يدعون الإيمان وفي صلب كتبهم البشارة بمحمد وصفته فأنكروا كل ذلك ولم يؤمنوا به؟

صفحة رقم 265

وقد استطرد القرآن فقال: من أهل الكتاب قوم مؤمنون حقيقة كعبد الله بن سلام وأحزابه وكثير منهم فاسقون وخارجون عن حدود دينهم وكتبهم.
ولو سئل أحبار اليهود عن أنفسهم لما قالوا أكثر من ذلك.
هؤلاء اليهود موصوفون بما يأتى:
لن يضروكم أبدا إلا ضررا بسيطا كالهجاء والخوض في النبي صلّى الله عليه وسلّم وفي عرضه والتنفير من الدين الإسلامى.
وإن يقاتلوكم ينهزموا أمامكم ويولوكم الأدبار، وهذا ليس بالجديد على أمثالهم ثم بعد هذا لا ينصرون أبدا.
وصفهم القرآن بثلاث: عدم الضرر. والفرار في الحرب. وعدم النصر ولكن هذا مع من؟ مع قوم نصروا الله فنصرهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ فما دمنا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله إيمانا صحيحا فلا بد أن نكون أقويا أعزاء، وما داموا هم فاسقين خارجين عن حدود الله والطاعة والإيمان يكون هذا الحكم لنا ولهم، وإذا لم نكن كذلك فحالنا وحالهم كما نرى الآن.
وقد وصفوا كذلك بأن الذل قد ألصق بهم حتى أثر فيهم كما يؤثر الضرب في النقد فلا خلاص لهم من الذل أبدا إلا بسبب عهد لهم من الله وهو ما قررته الشريعة لهم من المساواة في الحقوق والقضاء وتحريم الإيذاء، وعهد من الناس وهو ما تقتضيه المشاركة في الوطن والحاجة والانتفاع في الصناعة والتجارة. أو المراد عهد من الناس يحميهم.
وصاروا مستحقين لغضب الله مستوجبين سخطه قد أحاطت بهم المسكنة إحاطة المكان بمن فيه، فهم في الذل والحاجة أبدا.
ولا شك أنهم كذلك إلى الأبد وإن كانوا مياسير وأغنياء لأنهم ورثوا صفات الذل وضعف النفس وامتهانها بل بيع الشرف لأجل المال فهم في فقر دائم وذل مستمر ومتألهين المال، وفي الجزء الأول توضيح المقام فارجع إليه ص (٣١).

صفحة رقم 266
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية