
قوله تعالى (... واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
قال مسلم: حدثني زهير بن حرب. حدثنا جرير عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثاً. فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً. وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال. وإضاعة المال".
(صحيح مسلم ٣/١٣٤٠ ح ١٧١٥- ك الأقضية، ب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة).
قال الترمذي: حدثنا علي بن المنذر كوفي. حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي. أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما".
(السنن ٥/٦٦٣ ح ٣٧٨٨)، أخرجه أحمد (المسند ٣/١٤، ١٧، ٢٦، ٥٩) من طرق عن عطية به. قال الترمذي: حسن غريب. وقال الألباني صحيح (صحيح سنن الترمذي ح ٢٩٨٠). والحديث له شاهد من رواية زيد بن ثابت أخرجه أحمد (٥/١٨٢)، وذكر الحديث الهيثمي ونسبه إلى أحمد ثم قال: إسناده جيد (مجمع الزوائد ٩/١٦٢، ١٦٣) وصححه الألباني (صحيح الجامع ٢/٣١٧).
وانظر حديث ابن ماجة عن أنس الآتي عند الآية (١٠٥) من السورة نفسها.
قال الطبري: حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله: (واعتصموا بحبل الله)، قال: حبل الله، القرآن.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
أخرج بن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله: (واعتصموا بحبل الله جميعاً)، يقول اعتصموا بالإخلاص لله وحده.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ولا تفرقوا واذكروا نعمه الله عليكم) إن الله عز وجل قد كره لكم الفرقة، وقدم إليكم فيها، حذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمع والطاعة والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضى الله لكم إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله.

قوله تعالى (واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) لم يبين هنا ما بلغته معاداتهم من الشدة، ولكنه بين في موضع آخر أن معاداتهم بلغت من الشدة أمرا عظيماً حتى لو أنفق ما في الأرض كله لإزالتها وللتأليف بين قلوبهم لم يفد شيئاً، وذلك في قوله: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
وانظر حديث البخاري عن عبد الله بن زيد بن عاصم الآتي عند الآية (٦٣) من سورة الأنفال.
قال مسلم: حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا جرير (يعني ابن حازم) : حدثنا غيلان بن جرير، عن أبي قيس بن رياح، عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ أنه قال: "من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت رايةٍ عُميةٍ، يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل فقتلة جاهلية. ومن خرج على أمتي، يضرب برَّها وفاجرها، ولا يتحاش من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه".
(الصحيح ٣/١٤٧٦-١٤٧٧ ح ١٨٤٨- ك الإمارة، ب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن... ).
قال مسلم: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا عاصم (وهو ابن محمد بن زيد) عن زيد بن محمد، عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية.
فقال: اطرحوا لأبى عبد الرحمن وِسادةً. فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقوله، سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"من خلع يداً من طاعة، لقي الله يوم القيامة، لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية".
(الصحيح ٣/١٤٧٨ ح ١٨٥١- ك الإمارة، وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (نعمت الله). عافية الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: قوله: (واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم)، كنتم تذابحون يأكل شديدكم ضعيفكم، حتى جاء الله بالإسلام فآخى به بينكم، وألف به بينكم. أما والله الذي لا إله إلا هو إن الألفة لرحمة، إن الفرقة لعذاب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. يقول كنتم على طرف النار، من مات منكم أوبق في النار، فبعث الله محُمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستنقذكم به من تلك الحفرة.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان (وكنتم على شفا حفرة من النار لأنقذكم منها) أنقذكم الله من الشرك إلى الإَّيمان.
قوله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)
قال الترمذي: حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله الأنصاري، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".
(السنن ٤/٤٦٨ ح ٢١٦٩- ك الفتن، ب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وقال الألباني: وأخرجه أحمد في مسنده (٥/٣٨٨) من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو به وانظر (صحيح سنن الترمذي ح ١٧٦٢) وله شاهد أخرجه الطبراني بسنده عن ابن مسعود (المعجم الكبير ١٠/١٨٠ ح ١٠٢٦٧)، وله شواهد ذكرها الهيثمي (مجمع الزوائد ٧/٢٦٦).