
لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ دَلِيلٍ مِنْ جَانِبِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَ شُبْهَتَهُمْ وَهِيَ بِذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَالْمَقِيسِ، فَقَالُوا إِنَّكَ تَقُولُ إِنَّهُ أُنْزِلَ إِلَيْكَ كِتَابٌ كَمَا أُنْزِلَ إِلَى مُوسَى وَعِيسَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مُوسَى أُوتِيَ تِسْعَ آيَاتٍ عُلِمَ بِهَا كَوْنُ الْكِتَابِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنْتَ مَا أُوتِيتَ شَيْئًا مِنْهَا، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْشَدَ نَبِيَّهُ إِلَى أَجْوِبَةِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ مِنْهَا قَوْلُهُ: إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ ادَّعَى الرِّسَالَةَ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الرِّسَالَةِ الْآيَةُ الْمُعْجِزَةُ، لِأَنَّ الرَّسُولَ يُرْسَلُ أَوَّلًا وَيَدْعُو إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ إِنْ تَوَقَّفَ الْخَلْقُ فِي قَبُولِهِ أَوْ طَلَبُوا مِنْهُ دَلِيلًا، فَاللَّهُ إِنْ رَحِمَهُمْ بَيَّنَ رِسَالَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْحَمْهُمْ لَا يُبَيِّنْ، فَقَالَ أَنَا السَّاعَةَ رَسُولٌ وَأَمَّا الْآيَةُ فَاللَّهُ إِنْ أَرَادَ يُنْزِلْهَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَا يُنْزِلْهَا وَهَذَا لِأَنَّ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الشَّيْءِ إِذَا خَلَقَ اللَّهُ الشَّيْءَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَخْلُقَهَا كَالْمَكَانِ مِنْ ضَرُورَاتِ الْإِنْسَانِ فَلَا يَخْلُقُ اللَّهُ إِنْسَانًا إِلَّا وَيَكُونُ قَدْ خَلَقَ مَكَانًا أَوْ يَخْلُقُهُ مَعَهُ، لَكِنَّ الرِّسَالَةَ وَالْمُعْجِزَةَ لَيْسَتَا كَذَلِكَ فَاللَّهُ إِذَا خَلَقَ رَسُولًا وَجَعَلَهُ رَسُولًا لَيْسَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ أَنْ تُعْلَمَ لَهُ مُعْجِزَةٌ، وَلِهَذَا عُلِمَ وُجُودُ رُسُلٍ كَشِيثَ وَإِدْرِيسَ وَشُعَيْبٍ وَلَمْ تُعْلَمْ لَهُمْ مُعْجِزَةٌ فَإِنْ قِيلَ عُلِمَ رِسَالَتُهُمْ، نَقُولُ مَنْ ثَبَتَتْ رِسَالَتُهُ بِلَا مُعْجِزَةٍ فَنَبِيُّنَا كَذَلِكَ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَى مُعْجِزَةٍ لِأَنَّ رِسَالَتَهُ عُلِمَتْ بِقَوْلِ مُوسَى وَعِيسَى فَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ لِمَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ آيَةٌ؟ وَهَذَا لِأَنَّهُمْ طَلَبُوا سَبْقَ الْآيَةِ وَلَيْسَتْ شَرْطًا حَتَّى تَسْبِقَهَا، بَلَى إِنْ كَانَ لَهُمْ سُؤَالٌ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولُوا يَا أَيُّهَا الْمُدَّعِي نَحْنُ لَا نُكَذِّبُكَ وَلَا نُصَدِّقُكَ لَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ اللَّهُ لَنَا آيَةً تُخَلِّصُنَا مِنْ تَصْدِيقِ الْمُتَنَبِّي وَتَكْذِيبِ النَّبِيِّ وَنَعْلَمُ بِهَا كَوْنَكَ نَبِيًّا وَنُؤْمِنُ بِكَ، فَبَعْدَ ذَلِكَ مَا كَانَ يَبْعُدُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَنْ يُنْزِلَ آيَةً.
ثُمَّ قَوْلُهُ: وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْآيَةَ عِنْدَ اللَّهِ يُنْزِلُهَا أَوْ لَا يُنْزِلُهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِي مَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَلَيْسَ لِي عَلَيْهِ حُكْمٌ بِشَيْءٍ ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدَ بَيَانِ فَسَادِ شُبْهَتِهِمْ مِنْ وَجْهٍ بَيَّنَ فَسَادَهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَقَالَ هَبْ أَنَّ إِنْزَالَ الْآيَةِ شَرْطٌ لَكِنَّهُ وجد وهو في نفس الكتاب.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥١ الى ٥٢]
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٥٢)
فَقَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ يَعْنِي إِنْ كَانَ إِنْزَالُ الْآيَةِ شَرْطًا/ فَلَا يُشْتَرَطُ إِلَّا إِنْزَالُ آيَةٍ وَقَدْ أُنْزِلَ وَهُوَ الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ بَاقِيَةٌ وَقَوْلُهُ: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ عِبَارَةٌ تُنْبِئُ عَنْ كَوْنِ الْقُرْآنِ آيَةً فَوْقَ الْكِفَايَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَائِلَ إِذَا قَالَ أَمَا يَكْفِي لِلْمُسِيءِ أَنْ لَا يُضْرَبَ حَتَّى يَتَوَقَّعَ الْإِكْرَامَ يُنْبِئُ عَنْ أَنَّ تَرْكَ الضَّرْبِ فِي حَقِّهِ كَثِيرٌ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ وَهَذَا لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزَةٌ أَتَمُّ مِنْ كُلِّ مُعْجِزَةٍ تَقَدَّمَتْهَا لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ وُجِدَتْ ومادامت فَإِنَّ قَلْبَ الْعَصَا ثُعْبَانًا وَإِحْيَاءَ الْمَيِّتِ لَمْ يَبْقَ لَنَا مِنْهُ أَثَرٌ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ يُؤْمِنُ بِكُتُبِ اللَّهِ وَيُكَذِّبُ بِوُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُهَا مَعَهُ بِدُونِ الْكِتَابِ وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَهُوَ بَاقٍ لَوْ أَنْكَرَهُ وَاحِدٌ فَنَقُولُ لَهُ فَأْتِ بِآيَةٍ مِنْ مِثْلِهِ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ قَلْبَ الْعَصَا ثُعْبَانًا كَانَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَرَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَصَلَ إلى المشرق والمغرب وسمعه كل أحد، وهاهنا لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ آيَاتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَتْ أَشْيَاءَ لَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَتِهَا

انْشِقَاقَ الْقَمَرِ وَهُوَ يَعُمُّ الْأَرْضَ، لِأَنَّ الْخُسُوفَ إِذَا وَقَعَ عَمَّ وَذَلِكَ لِأَنَّ نُبُوَّتَهُ كَانَتْ عَامَّةً لَا تَخْتَصُّ بِقُطْرٍ دُونَ قُطْرٍ وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ فِي قُطْرٍ وَسَقَطَ إِيوَانُ كِسْرَى فِي قُطْرٍ وَانْهَدَّتِ الْكَنِيسَةُ بِالرُّومِ فِي قُطْرٍ آخَرَ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ يَكُونُ أَمْرٌ عَامٌّ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ الْكَافِرَ الْمُعَانِدَ يَقُولُ إِنَّهُ سِحْرٌ عُمِلَ بِدَوَاءٍ، وَالْقُرْآنُ لَا يُمْكِنُ هَذَا الْقَوْلُ فِيهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً إِشَارَةً إِلَى أَنَّا جَعَلْنَاهُ مُعْجِزَةً رَحْمَةً عَلَى الْعِبَادِ لِيَعْلَمُوا بِهَا الصَّادِقَ، وَهَذَا لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ إِظْهَارَ الْمُعْجِزَةِ عَلَى يَدِ الصَّادِقِ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ فَيَبْقَى الْخَلْقُ فِي وَرْطَةِ تَكْذِيبِ الصَّادِقِ أَوْ تَصْدِيقِ الْكَاذِبِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَتَمَيَّزُ عَنِ الْمُتَنَبِّي لَوْلَا الْمُعْجِزَةُ، لَكِنَّ اللَّهَ لَهُ ذَلِكَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَقَوْلُهُ: وَذِكْرى إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ بَاقِيَةٌ يَتَذَكَّرُ بِهَا كُلُّ مَنْ يَكُونُ مَا بَقِيَ الزَّمَانُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يَعْنِي هَذِهِ الرَّحْمَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ كَانَتْ غَضَبًا عَلَى الْكَافِرِينَ لِأَنَّهَا قَطَعَتْ أَعْذَارَهُمْ وَعَطَّلَتْ إِنْكَارَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً لَمَّا ظَهَرَتْ رِسَالَتُهُ وَبَهَرَتْ دَلَالَتُهُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ الْمُعَانِدُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ كَمَا يَقُولُ الصَّادِقُ إِذَا كُذِّبَ وَأَتَى بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ اللَّهُ يَعْلَمُ صِدْقِي وَتَكْذِيبَكَ أَيُّهَا الْمُعَانِدُ وَهُوَ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ يَحْكُمُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، كُلُّ ذَلِكَ إِنْذَارٌ وَتَهْدِيدٌ يُفِيدُهُ تَقْرِيرًا وَتَأْكِيدًا، ثُمَّ بَيَّنَ كَوْنَهُ كَافِيًا بِكَوْنِهِ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ. فَقَالَ: يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وهاهنا مَسْأَلَةٌ:
وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي آخِرِ الرَّعْدِ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرَّعْدِ: ٤٣] فَأَخَّرَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ قَدَّمَهَا حَيْثُ قَالَ: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [الْعَنْكَبُوتِ: ٤٧] وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَنَقُولُ الْكَلَامُ هُنَاكَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِمْ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِمْ ثُمَّ/ إِنَّ شَهَادَةَ اللَّهِ أَقْوَى فِي إِلْزَامِهِمْ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وهاهنا الْكَلَامُ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ إِقْرَارُهُ وَهُوَ أَقْوَى الْحُجَجِ عَلَيْهِ فَقَدَّمَ مَا هُوَ أَلْزَمُ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ الطَّرِيقَيْنِ فِي إِرْشَادِ الْفَرِيقَيْنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ عَادَ إِلَى الْكَلَامِ الشَّامِلِ لَهُمَا وَالْإِنْذَارِ الْعَامِّ فَقَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أَيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِمَا سِوَى اللَّهِ لِأَنَّ مَا سِوَى اللَّهِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ هَالِكٌ بِقَوْلِهِ: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [الْقَصَصِ: ٨٨] وَكُلُّ مَا هَلَكَ فَقَدْ بَطَلَ فَكُلُّ هَالِكٍ بَاطِلٌ وَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ بَاطِلٌ، فَمَنْ آمَنَ بِمَا سِوَى اللَّهِ فَقَدْ آمَنَ بِالْبَاطِلِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ: أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ يَقْتَضِي الْحَصْرَ أَيْ مَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ بِالْبَاطِلِ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ فَهُوَ خَاسِرٌ فَمَنْ يَأْتِي بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ خَاسِرًا فَنَقُولُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي بِأَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْآخَرِ، أَمَّا الْآتِي بِالْإِيمَانِ بِمَا سِوَى اللَّهِ فَلِأَنَّهُ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَجَعَلَ غَيْرَ اللَّهِ مِثْلَ غَيْرِهِ لَكِنَّ غَيْرَهُ عَاجِزٌ جَاهِلٌ مُمْكِنٌ بَاطِلٌ فَيَكُونُ اللَّهُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ إِنْكَارًا لِلَّهِ وَكُفْرًا بِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَفَرَ بِهِ وَأَنْكَرَهُ فَيَكُونُ قَائِلًا بِأَنَّ الْعَالَمَ لَيْسَ لَهُ إِلَهٌ مُوجِدٌ فَوُجُودُ الْعَالَمِ مِنْ نَفْسِهِ، فَيَكُونُ قَائِلًا بِأَنَّ الْعَالَمَ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ إِلَهٌ، فَيَكُونُ قَائِلًا بِأَنَّ غَيْرَ اللَّهِ إِلَهٌ فَيَكُونُ إِثْبَاتًا لِغَيْرِ اللَّهِ وإيمانا به.