آيات من القرآن الكريم

۞ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ

قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن قَارون﴾ قَالَ قَتَادَة وَابْن جريح: كَانَ ابْن عَم مُوسَى لحا. وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: كَانَ ابْن أخي مُوسَى غير هَارُون.
وَقَوله: ﴿فبغى عَلَيْهِم﴾ قَالَ الضَّحَّاك: أَي: بالشرك. وَقَالَ شهر بن حَوْشَب: بغى عَلَيْهِم: زَاد فِي ثِيَابه شبْرًا على ثِيَاب النَّاس. وَقَالَ بَعضهم: بغى عَلَيْهِم بالتكبر

صفحة رقم 154

﴿من قوم مُوسَى فبغى عَلَيْهِم وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز مَا إِن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي الْقُوَّة إِذْ﴾ والعلو. وَمن الْمَعْرُوف فِي التفاسير: أَن قَارون كَانَ أَقرَأ رجل من بني إِسْرَائِيل للتوراة، وَكَانَ حسن الصَّوْت، ثمَّ إِنَّه نَافق؛ فروى أَنه قَالَ لمُوسَى: أَنْت أخذت النُّبُوَّة، وَهَارُون أَخذ المذبح والحبورة، فأيش لي؟
وَفِي الْقِصَّة: أَنه أعْطى امْرَأَة بغيا من بني إِسْرَائِيل ألفي دِرْهَم، وَطلب مِنْهَا أَن تَأتي نَادِي بني إِسْرَائِيل، ومُوسَى فيهم، فتدعي عَلَيْهِ أَنه زنا بهَا، وَمِنْهُم من قَالَ: تَدعِي عَلَيْهِ أَنه دَعَاهَا إِلَى نَفسه، فَجَاءَت وَادعت عَلَيْهِ ذَلِك. وروى أَنَّهَا خَافت، وأخبرت أَن قَارون أَعْطَاهَا مَالا لتدعي ذَلِك. وَفِي الرِّوَايَة الأولى: أَنَّهَا لما ادَّعَت على مُوسَى ذَلِك تغير مُوسَى تغيرا شَدِيدا، وَقَالَ لَهَا: بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة وفلق الْبَحْر اصدقي، فَحِينَئِذٍ خَافت، وَذكرت الْأَمر على وَجهه، فَدَعَا الله تَعَالَى مُوسَى على قَارون، فَسَلَّطَهُ الله تَعَالَى عَلَيْهِ، وَجعل الأَرْض طَوْعًا لَهُ على مَا سَنذكرُهُ.
وَقَوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز مَا إِن مفاتحه﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: خزائنه، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَعِنْده مفاتح الْغَيْب﴾ أَي: خَزَائِن الْغَيْب، وَالثَّانِي: أَن المفاتح هُوَ مقاليد الخزائن. وَعَن بَعضهم: أَن كل مِفْتَاح كَانَ على قدر أصْبع، وَكَانَ يحملهَا سِتُّونَ بغلة، وَقيل: أَرْبَعُونَ بغلة، وَيُقَال: أَرْبَعُونَ رجلا، وَقَوله ﴿لتنوء﴾ أَي: تثقل الْعصبَة. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هَذَا من المقلوب، وَتَقْدِيره: مَا إِن الْعصبَة لتنوء بهَا. يُقَال: ناء فلَان بِكَذَا أَي: نَهَضَ بِهِ مُثقلًا، وَيُقَال مَعْنَاهُ: لتنوء بالعصبة.
وَأما الْعصبَة فَفِيهَا أقاويل: أَحدهَا: أَنهم سَبْعُونَ رجلا، وَالْآخر: أَرْبَعُونَ رجلا، وَقَالَ بَعضهم: من الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين، وَقَالَ بَعضهم: سِتَّة أَو سَبْعَة، وَقَالَ بَعضهم: عشرَة؛ لِأَن إخْوَة يُوسُف قَالُوا: وَنحن عصبَة، وَقد كَانُوا عشرَة. والعصبة فِي اللُّغَة هم الْقَوْم الَّذين يتعصب بَعضهم بِبَعْض.
وَقَوله: ﴿بالعصبة أولى الْقُوَّة﴾ أَي: أولى الشدَّة.

صفحة رقم 155

﴿قَالَ لَهُ قومه لَا تفرح إِن الله لَا يحب الفرحين (٧٦) وابتغ فِيمَا آتاك الله الدَّار الْآخِرَة وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا وَأحسن كَمَا أحسن الله إِلَيْك وَلَا تَبْغِ الْفساد فِي الأَرْض إِن الله لَا يحب المفسدين (٧٧) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم عِنْدِي أَو لم يعلم أَن الله قد﴾
وَقَوله: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ قومه لَا تفرح﴾ أَي: لَا تبطر وَلَا تأشر، والفرح هَاهُنَا هُوَ السرُور بِغَيْر حق.
وَقَوله: ﴿إِن الله لَا يحب الفرحين﴾ ظَاهر.

صفحة رقم 156
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية