آيات من القرآن الكريم

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

يَعْبُدُونَ
يعني: ما كانوا يأمرونا بعبادة الآلهة وَقِيلَ للكفار ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ يعني آلهتكم التي تعبدون من دون الله فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ.
يقول الله عز وجل: وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ يعني: يودون لو أنهم كانوا مهتدين في الدنيا. ويقال: يودون أن لم يكونوا اتبعوهم. فدعوهم فلم يستجيبوا لهم، أي: لم يجيبوهم بحجة تنفعهم فيودون أنهم لم يعبدوهم لما رأوا العذاب.
ثم قال عز وجل: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ يعني: يسألهم يوم القيامة فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ في التوحيد فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يعني: ألبست عليهم الحجج يَوْمَئِذٍ من الهول فَهُمْ لاَ يَتَساءَلُونَ يعني: لا يسأل بعضهم بعضاً عما يحتجون به، رجاء أن يكون عنده من الحجة ما لم يكن عند غيره، لأن الله تعالى أدحض حجتهم، وفي الدنيا إذا اشتبهت عليه الحجة، ربما يسأل عن غيره، فيلقنه الحجة، وفي الآخرة آيس من ذلك.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٦٧ الى ٧٥]
فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١)
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)
ثم قال عز وجل: فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ يعني: من الشرك وَعَمِلَ صالِحاً فيما بينه وبين الله تعالى فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ أي: من الناجين الفائزين بالخير.
قوله عز وجل: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ وذلك أن الوليد بن المغيرة كان يقول:
لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف: ٣١] يعني به نفسه وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف فقال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ للرسالة من يشاء مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ يعني: ليس الخيار إليهم. ويقال: هو ربك يخلق ما يشاء، ويختار لهم ما يشاء، مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، أي ما كان لهم طلب الخيار، والأفضل. ويقال: ما كان لبعضهم على بعض فضل، والله تعالى هو الذي يختار. وقال الزجاج: الوقف على قوله وَيَخْتارُ. والمعنى:

صفحة رقم 616

وربك يخلق ما يشاء، ويختار. ثم قال: مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، أي لم يكن لهم أبداً أن يختاروا على الله، ويكون ما للنفي. قال: ووجه آخر أن تكون بمعنى الذي، يعني: وربك يخلق ما يشاء، ويختار الذي لهم الخيرة أن يدعوهم إليه من عبادته، ما لهم فيه الخيرة. ويقال: ما كان لهم الخيرة. يعني: ليس لهم أن يختاروا على الله عز وجل، وليس إليهم الاختيار، والمعنى: لا نرسل الرسل إليهم على اختيارهم.
ثم قال: سُبْحانَ اللَّهِ أي تنزيهاً لله وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يعني: ما تضمر وتسر قلوبهم وَما يُعْلِنُونَ من القول وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يعني: لا خالق ولا رازق غيره لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ أي: في الدنيا والآخرة. وقال مقاتل: يعني يحمده أولياؤه في الدنيا، ويحمدونه في الجنة ويقال: له الألوهية في الدنيا والآخرة، وله الحكم، يعني نفاذ الحكم، والقضاء يحكم في الدنيا والآخرة بما يشاء وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في الآخرة، فيجازيكم بأعمالكم.
قوله عز وجل: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ يعني: ألا تنظرون إلى نعمة الله تعالى في خلق الليل والنهار لمصلحة الخلق، فلو جعل عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً أي دائماً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ المواعظ، وتعتبرون بها.
قوله عز وجل: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ يعني: دائماً مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ يعني: تقرّون وتستريحون فيه أَفَلا تُبْصِرُونَ من يفعل ذلك بكم، لأن العيش لا يصلح إلا بالليل والنهار، فأخبر عن صنعه لمصلحة الخلق، ليشكروه ويوحدوه ويعبدوه فقال: وَمِنْ رَحْمَتِهِ أي ومن نعمته وفضله جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ يعني: في الليل وجعل لكم النهار وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعني: لتطلبوا من رزقه في النهار وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي: تشكرون رب هذه النعمة.
ثم قال عز وجل: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ يعني: أَنذَرَهُمْ بذلك اليوم ويقال: معناه اذكر ذلك اليوم الذي يناديهم يعني: يدعوهم فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنها لي شريك وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً يعني: أخرجنا من كل أمة نبيها ورسولها شَهِيداً بالرسالة والبلاغ فَقُلْنا للمشركين هاتُوا بُرْهانَكُمْ يعني: حجتكم بأن معي شريكاً، فلم يكن لهم حجة فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ يعني: أن عبادة الله هي الحق. ويقال: علموا أن التوحيد لله. ويقال: إن الحق ما دعا إليه الله، وأتاهم به الرسول وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ يعني: اشتغل عنهم بأنفسهم مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ يعني: يكذبون في الدنيا يعني: الأصنام. ويقال: الشياطين.
ويقال: وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ يعني: لم ينتفعوا بما عبدوه من دون الله.

صفحة رقم 617
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية