آيات من القرآن الكريم

وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ

قَوْلُُهُ تَعَالَى :﴿ وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ ﴾ ؛ أي قالت قُريش لِمُحَمَّدٍ ﷺ : إن اتَّبَعْنَاكَ على دِينِكَ يتخطَّفُنا العربُ على أنفُسِنا أن يخرجُوا من أرضِنا مكَّة إن ترَكْنا ما يَعبُدونَ. قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً ﴾ أي ذا أمْنٍ يَأْمَنُ فيه الناسُ.
وذلك أن العربَ كانت يُغِيْرُ بعضُهم على بعضٍ، وأهلُ مكَّة آمِنُونَ في الْحَرَمِ مِن القَتْلِ والسَّيفِ والغَارَةِ ؛ أي فكيفَ يخافون إذا أسْلَمُوا وهُم في حَرَمٍ آمِنُونَ. ومعنى ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً ﴾ أي أوَلَمْ نَجْعَلْهُ مكاناً لَهم.
وقولهُ تعالى :﴿ يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ ؛ ومعنى ﴿ يُجْبَى&#١٦٤٨ ﴾ أي يحملُ الْحَرَمِ ﴿ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً ﴾. قرأ نافعُ ويعقوب :(تُجْبَى) بالتاء لأجلِ الثَّمرات، وقرأ الباقونَ بالياء لقولهِ ﴿ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً ﴾ ومعنى (تُجْبَى) أي تُحْمَلُ إلى الحرمِ ﴿ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ من مِصْرَ والشَّام واليمَنِ والعِرَاقِ.
وقولهُ تعالى :﴿ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا ﴾ ؛ أي رزْقاً مِن عندِنا، ﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ؛ أنَّا فعَلْنا ذلك يعني أهلَ مكَّة، والمعنى : أوَلَمْ يجعل أهلَ مكَّة في أمَانٍ قبلَ الإيْمَانِ يُجْبَى إلى الحرمِ ثَمَراتُ كلِّ شيءٍ نعمةً من عندِنا، فكيفَ يخافون زوالَ الأمانِ، ﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ لأنَّهم لا يتدبَّرُون ولا يتفكَّرُون.
ثُم خوَّفَهم بمثل عذاب الأُمَمِ الخاليةِ، فقال :﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ﴾ ؛ أي كم أهلَكْنا مِن أهلِ قَرْيَةٍ بَطَرَتْهَا معيشَتها، والبَطَرُ : الطُّغيانُ عند النِّعمةِ، وَقِيْلَ : معناهُ : بَطَرَتْ في معِيشَتِها. قال عطاءُ :(عَاشُواْ فِي الْبَطْرَةِ، فَأكَلُواْ رزْقَ اللهِ وَعَبَدُواْ الأَصْنَامَ).
وقوله تعالى :﴿ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ؛ أي منازلُهم التي كانوا يسكنُونَها لَم يَسْكُنُهَا أحدٌ إلاّ المسافرونَ ومَارُّوا الطريقِ ينْزِلون ببعضِها يوماً أو ساعةً ثُم يرحَلُون. والمعنى لَمْ تُسْكَنْ مِن بعدِهم إلاَّ سُكوناً قليلاً، ﴿ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾ ؛ أي لَم نجعَلْ لَهم أحداً بعدَ هلاكِهم في منازِلِهم، فبقيَتْ خَراباً غيرَ مسكُونةٍ كقولهِ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ﴾[مريم : ٤٠].

صفحة رقم 0
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحدادي اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية