
(أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣)
أم: أيضا للإضراب الانتقالي، ومن دالة على الاستفهام مع تضمن أمْ له، ومعنى الهداية في ظلمات البر والبحر أن النجوم المسخرة في السماء تكون هادية مرشدة في البر والبحر، ففي البرّ تهديكم وأنتم في مراكب الصحراء، التي تعد كسفن فيها، وفي البحر تهدي السفن الماخرة في عباب البحر الجارية على سطح الماء. قوله تعالى: (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)، أي أن اللَّه هو الذي يرسل الرياح من الشرق والغرب مبشرة بالماء الطاهر الذي يكون من المطر، الذي يخرج الخبء، وتبنت به النبات بإذن اللَّه تعالى، وإن ذلك كله بعمل اللَّه سبحانه

وتعالى، وإذا كان بخار الماء يتصاعد، ويعلو حتى يكون سحابة مملوءة بالماء، فيرسلها اللَّه تعالى إلى حيث أراد فذلك بفضله ونعمته على عباده، يرسلها من أرض إلى أرض، (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذي خَبُثَ لَا يخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا..)، وقوله تعالى (بَيْنَ يدَيْ رَحْمَتِهِ)، مجاز مشهور، أي أن اللَّه تعالى يجعل تبشير الرياح بالماء مقدمة لرحمته مهيئة لها كما يهيئ من بين يديه الرحمة المتمكن منها، والتي في قبضته سبحانه وتعالى، وهو القابض الباسط، الرزاق ذو القوة المتين (أَإِلَهٌ معَ اللَّهِ) الاستفهام لإنكار الوقوع أي لَا إله مع اللَّه تعالى، (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)، أي تقدست ذاته، وتعالى علوا كبيرا عما يشركون أي عن شركهم، فهم بهذا الشرك معتدون ظالمون، وإن الشرك لظلم عظيم.
صفحة رقم 5474