آيات من القرآن الكريم

أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﰿ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ

التي هى اصول الكائنات ومبادى المنافع خير أم ما يشركون. يعنى ان الخالق للاجرام العلوية والسفلية خير لعابديه او للمعبودية كما هو الظاهر وَأَنْزَلَ لَكُمْ اى لاجل منفعتكم مِنَ السَّماءِ ماءً نوعا منه هو المطر ثم عدل عن الغيبة الى التكلم لتأكيد الاختصاص بذاته فقال فَأَنْبَتْنا بِهِ اى بسبب ذلك الماء حَدائِقَ بساتين محدقة ومحاطة بالحوائط: وبالفارسية [بوستانها ديوار بست] من الاحداق وهو الإحاطة وقال فى المفردات الحدائق جمع حديقة وهى قطعة من الأرض ذات ماء سميت بها تشبيها بحدقة العين فى الهيئة وحصول الماء فيها وحدقوا به واحدقوا احاطوا به تشبيها بادارة الحدقة انتهى ذاتَ بَهْجَةٍ البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه اى صاحبة حسن ورونق يبتهج به النظار وكل موضع ذى أشجار مثمرة محاط عليه فهو حديقة وكل ما يسر منظره فهو بهجة ما كانَ لَكُمْ اى ما صح لكم وما أمكن أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها شجر الحدائق فضلا عن ثمرها أَإِلهٌ آخر كائن مَعَ اللَّهِ الذي ذكر بعض أفعاله التي لا يكاد يقدر عليها غيره حتى يتوهم جعله شريكا له فى العبادة: وبالفارسية [آيا هست خداى يعنى نيست معبودى با خداى بحق] بَلْ هُمْ بلكه مشركان قَوْمٌ يَعْدِلُونَ قوم عادتهم العدول والميل عن الحق الذي هو التوحيد والعكوف على الباطل الذي هو الإشراك او يعدلون يجعلون له عديلا ويثبتون له نظيرا قال فى المفردات قوله بل هم قوم يعدلون يصح ان يكون من قولهم عدل عن الحق إذا جار عدولا انتهى فهم جاروا وظلموا بوضع الكفر موضع الايمان والشرك محل التوحيد وهو إضراب وانتقال من تبكيتهم بطريق الخطاب الى بيان سوء حالهم وحكاية لغيرهم ثم اضرب وانتقل الى التبكيت بوجه آخر ادخل فى الإلزام فقال ام منقطعة أَمَّنْ موصولة كما سبق جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً يقال قر فى مكانه يقر قرارا إذا ثبت ثبوتا جامدا وأصله القر وهو البرد لاجل ان البرد يقتضى السكون والحر يقتضى الحركة والمراد بالقرار هنا المستقر. والمعنى بل أم من جعلها بحيث يستقر عليها الإنسان والدواب بإظهار بعضها من الماء بالارتفاع وتسويتها حسبما يدور عليه منافعهم خير من الذي يشركون به من الأصنام وذكر بعض الآيات بلفظ الماضي لان بعض أفعاله تقدم وحصل مفروغا منه وبعضها يفعلها حالا بعد حال وَجَعَلَ خِلالَها جمع خلل وهى الفرجة بين الشيئين نحو خلل الدار وخلل السحاب ونحوهما أوساطها: وبالفارسية [و پيدا كرد در ميانهاى زمين] أَنْهاراً جارية ينتفعون بها هو المفعول الاول للجعل قدم عليه الثاني لكونه ظرفا وعلى هذا المفاعيل للفعلين الآتيين وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ يقال رسا الشيء يرسو ثبت قال فى كشف الاسرار الرواسي جمع الجمع يقال جبل راس وجبال راسية ثم تجمع الراسية على الرواسي اى جبالا ثوابت تمنعها ان تميل باهلها وتضطرب ويتكون فيها المعادن وينبع فى حضيضها الينابيع ويتعلق بها من المصالح ما لا يخفى قال بعضهم جعل نفوس العابدين قرار طاعتهم وقلوب العارفين قرار معرفتهم وأرواح الواجدين قرار محبتهم واسرار الموحدين قرار مشاهدتهم وفى أسرارهم انهار الوصلة وعيون القربة بها يسكن ظمأ اشتياقهم وهيجان

صفحة رقم 361

بالسيف والصوم بالصيف وإكرام الضيف» فجاء جبريل عليه السلام وقال «يا سيدى حبب الىّ من دنياكم ثلاث ارشاد الضالين واعانة المساكين ومؤانسة كلام رب العالمين» ثم غاب وجاء بعد ساعة فقال ان الله يقرئك السلام ويقول (أحب من دنياكم ثلاثا دمع العاصين وعذاب المذنبين الغير التائبين واجابة دعوة المضطرين) قال بعضهم العارف لا يزال مضطرا معناه ان العامة اضطرارهم بمنيرات الأسباب فاذا زالت زال اضطرارهم وذلك لغلبة الحس على شهودهم فلو شهدوا قبضة الله الشاملة المحيطة لعلموا ان اضطرارهم الى الله دائم ولدوام شرط الاضطرار ووصفه لا يزال دعاء العارفين مستجابا والأهم فى الدعاء تخليص النيات وتطهير الاعتقاد عن شوائب الشكوك والتوسل الى الله تعالى بالتوبة النصوح ثم تطهير الجوارح والأعضاء ليكون محلا للامداد من السماء ومنه الاستياك والتطيب ثم الوضوء واستقبال القبلة وتقديم الذكر والثناء والصلاة قبل الشروع فى عرض الحاجات والدعوات وكذا بسط يديه بالضراعة والابتهال ورفعها حذو منكبيه قال ابو يزيد البسطامي قدس سره دعوت الله ليلة فاخرجت احدى يدى من كمى دون الاخرى لشدة البرد فنعست فرأيت فى منامى ان يدى الظاهرة مملوءة نورا والاخرى فارغة فقلت ولم ذاك يا رب فنوديت اليد التي خرجت للطلب امتلأت والتي توارت حرمت قال بعضهم ان كان وقت برد او عذر فاشار بالمسبحة قام مقام كفيه كما فى القنية وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ خلفاء فيها بان ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن كان قبلكم من الأمم يخلف كل قرن منكم القرن الذي قبله أَإِلهٌ آخر كائن مَعَ اللَّهِ الذي يفيض على كافة الأنام هذه النعم الجسام قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ اى تتذكرون آلاءه تذكرا قليلا وزمانا قليلا وما مزيدة لتأكيد معنى القلة التي أريد بها العدم او ما يجرى مجراه فى الحقارة وقلة الجدوى. وفيه اشارة الى ان مضمون الكلام مركوز فى ذهن كل ذكى وغبى وانه من الوضوح بحيث لا يتوقف الا على التوجه اليه وتذكره ام بل أَمَّنْ الذي يَهْدِيكُمْ يرشدكم الى مقاصدكم فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ اى فى ظلمات الليالى فيها بالنجوم وعلامات الأرض على ان الاضافة للملابسة او فى مشتبهات الطريق يقال طريقة ظلماء او عمياء للتى لا مناربها اى هو خير أم الأصنام وَمَنْ موصولة كما سبق يُرْسِلُ الرِّياحَ حال كونها بُشْراً مبشرة بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يعنى المطر: وبالفارسية [وكسى كه مى فرستد بادها را مژده دهندكان پيش از رحمت كه بارانست] أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يقدر على مثل ذلك تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ تعالى الخالق القادر عن مشاركة العاجز المخلوق أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ اى يوجده أول مرة ثُمَّ يُعِيدُهُ بعد الموت بالبعث اى يوجده بعد اماتته وأم ومن إعرابه كما تقدم وفى الكواشي وسألوا عن بدء خلقهم واعادتهم مع انكارهم البعث لتقدم البراهين الدالة على ذلك من إنزال الماء وإنبات النبات وجفافه ثم عوده مرة ثانية والعقل يحكم بامكان الاعادة بعد الإبلاء وهم يعلمون انهم وجدوا بعد ان لم يكونوا فايجادهم بعد ان كانوا أيسر وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ اى بأسباب سماوية وارضية أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يفعل ذلك قُلْ هاتُوا قال الحريري تقول العرب للواحد المذكر هات بكسر التاء وللجمع هاتوا وللمؤنث هاتى ولجماعة الإناث هاتين

صفحة رقم 363
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية