
قال الأخفش التقدير هل يسمعون منكم أو هل يسمعون دعاءكم ثم حذف، وقرأ قتادة: هل يُسمِعونكم بضم الياء، أي: هل يُسمعونكم كلامهم.
وقيل: المعنى: هل يسمعونكم إذا دعوتموهم لصلاح أموركم، وهل يستجيبون لكم، ويعطونكم ما سألتموهم، وهل ينفعونكم إذ عبدتموهم وهل يضرون من لا يعبدهم، كل ذلك توبيخاً لهم وتقريعاً.
وقوله: ﴿أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ﴾، أي: هل تنفعكم هذه الأصنام فترزقكم شيئاً على عبادتكم لها، أو يضرونكم إذا تركتم عبادتها. فقالوا: ﴿بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾، أي: نحن نفعل ذلك، كما فعله آباؤنا وإن كانت لا تسمع ولا تنفع، ولا تضر، إنما نتبع في عبادتها فعل آبائنا لا غير. وهذا الجواب: حائد على السؤال لأنه سألهم: هل يسمعون الدعاء، أو ينفعون أو يضرون، فحادوا عن الجواب وقالوا: ﴿وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾، وليس هذا

جوابه، ولكن لما لم يكن لهم جواب، حادوا لأنهم لو قالوا: يسمعون، وينفعون، ويضرون لبان كذبهم عند أنفسهم وعند جماعهم، ولو قالوا: لا يسمعون، ولا ينفعون، ولا يضرون، لشهدوا على أنفسهم بالخطأ والضلال في عبادتهم من لا يسمع، ولا ينفع ولا يضر، فلم يكن لهم يد من الحيدة عن الجواب، فجاوبوا بما لم يسألوا عنه وقالوا: ﴿وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾، ولم يُسألوا عن ذلك، وهذا من علامات انقطاع حجة المسؤول، ويبين أنهم حادوا عن الجواب، إدخال بل مع الجواب، وبل للإضراب عن الأولى والإيجاب للثاني فهم أضربوا عن سؤاله، وأخذوا في شيء آخر لم يسألهم عنه انقطاعاً منهم عن جوابه، وإقراراً بالعجز.
صفحة رقم 5316