آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ
ﮓﮔﮕﮖ ﲿ ﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣ

وسلّط عليهم الحرّ حتى أخذ بأنفاسهم ولم ينفعهم ظلّ ولا ماء، وكانوا يدخلون الأسراب ليتبرّدوا فيها فإذا دخلوها وجدوها أشدّ حرا من الظاهر، فخرجوا هرابا الى البرية فأظلّتهم سحابة وهي الظلّة، فوجدوا لها بردا ونسيما فنادى بعضهم بعضا حتى إذا اجتمعوا تحتها أمطرت عليهم نارا فاحترقوا.
قال قتادة: بعث الله سبحانه شعيبا إلى أمّتين: أصحاب الأيكة وأهل مدين، فأمّا أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلّة وأمّا أهل مدين فأخذتهم الصيحة، صاح بهم جبرئيل صيحة فهلكوا جميعا.
أخبرني الحسين بن محمد قال: حدّثنا موسى بن محمد قال: حدّثنا الحسن بن علويه قال:
حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال: حدّثنا المسيّب عن برد الجريري قال: سلّط الحرّ عليهم سبعة أيام ولياليهن، ثم رفع لهم جبل من بعيد، فأتاه رجل منهم فإذا تحته أنهار وعيون وماء بارد فتمكّن تحته وأخذ ما يكفيه ثم جاء إلى أهل بيته فآذنهم فجاؤوا فأخذوا ما يكفيهم وتمكّنوا، ثم آذن بقيّة الناس فاجتمعوا تحته كلّهم فلم يغادر منهم أحدا، فوقع ذلك الجبل عليهم فذلك قوله سبحانه فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٩٢ الى ٢٢٠]
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦)
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١)
فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦)
ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١)
إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢) فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦)
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠)
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ يعني القرآن نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ قرأ الحجازيّون وأبو عمر بتخفيف الزاي ورفع الحاء والنون يعنون جبرئيل (عليه السلام) بالقرآن، وقرأ الآخرون بتشديد الزاي وفتح الحاء والنون أي نزّل الله جبرئيل (عليه السلام)، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم لقوله وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ وهو مصدر نزّل، عَلى قَلْبِكَ يا محمد حتى وعيته.

صفحة رقم 179

لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ يعني نزل بلسان عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ يعني ذكر القرآن وخبره عن أكثر المفسرين وقال مقاتل: يعني ذكر محمد صلى الله عليه وسلّم ونعته لَفِي زُبُرِ كتب الْأَوَّلِينَ وقرأ الأعمش زُبْرِ بجزم الباء، وغيره بالرفع.
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً قرأ ابن عامر تكن بالتاء آيَةٌ بالرفع، غيره تكن بالتاء آيَةً بالنصب، ومعنى الآية أو لم يكن لهؤلاء المنكرين دلالة وعلامة أَنْ يَعْلَمَهُ يعني محمدا عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ.
عبد الله بن سلام وأصحابه قال ابن عباس: بعث أهل مكة الى اليهود وهم بالمدينة فسألوهم عن محمد صلى الله عليه وسلّم فقالوا: إن هذا لزمانه وإنّا نجد في التوراة نعته وصفته وكان ذلك آية لهم على صدقه.
وَلَوْ نَزَّلْناهُ يعني القرآن عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ هو جمع الأعجم، وهو الذي لا يفصح ولا يحسن العربية وإن كان منسوبا الى العرب، وتأنيثه عجماء، وجمعه عجم، ومنه قيل للبهائم عجم لأنها لا تتكلم.
قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «العجماء جرحها جبار»
«١» [٩٧] فإذا أردت أنه منسوب إلى العجم قلت:
عجمي.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حنش قال: حدّثنا أبو القاسم بن الفضل قال: حدّثنا سهل بن علي قال: حدّثنا أبو عمر قال: حدّثنا شجاع بن أبي نصر عن عيسى بن عمر عن الحسن أنّه قرأ «ولو نزّلناه على بعض الأعجميين» مشدّدة بيائين، جعله نسبة ومعنى الآية: ولو نزّلناه على رجل ليس بعربي اللسان فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ بغير لغة العرب ل ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ، وقالوا: ما نفقه قولك نظيره قوله سبحانه وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ «٢»، وقيل معناه: ولو نزّلناه على رجل ليس من العرب لما آمنوا به أنفة من اتّباعه.
كَذلِكَ سَلَكْناهُ أي أدخلنا القرآن فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لتقوم الحجة عليهم، وقيل:
يعني سلكنا الكفر في قلوب المجرمين لا يُؤْمِنُونَ بِهِ.
قال الفرّاء: من شأن العرب إذا وضعت (لا) موضع (كي) في مثل هذا ربّما جزمت ما بعدها وربّما رفعت فتقول: ربطت الفرس لا ينفلت جزما ورفعا، وأوثقت العبد لا يأبق في الجزم على تأويل إن لم أربطه انفلت، وإن لم أوثقه فرّ، والرفع على أنّ الجازم غير ظاهر. أنشد بعض بني عقيل:

(١) مسند أحمد: ٢/ ٢٥٤.
(٢) سورة فصّلت: ٤٤.

صفحة رقم 180

وحتى رأينا أحسن الود بيننا مساكنة لا يقرف الشر قارف «١»
ينشد رفعا وجزما، ومن الجزم قول الراجز:
لطال ما حلأتماها لا ترد فخليّاها والسجال تبترد «٢»
حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ فَيَأْتِيَهُمْ قراءة العامة بالياء يعنون العذاب.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حنش قال: أخبرنا أبو العباس عبد الرّحمن بن محمد ابن حماد الطهراني قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن الفضل الحرمي قال: حدّثنا وهب بن عمرو النمري قال: أخبرنا هارون بن موسى العتكي قال: حدّثنا الحسام عن الحسن أنه قرأ فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً بالتاء فقال له رجل: يا أبا سعيد إنما يأتيهم العذاب بغتة فانتهره الحسن وقال: إنّما هي الساعة.
وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ.
قال مقاتل: فقال المشركون: يا محمد إلى متى توعدنا بالعذاب؟ فأنزل الله عزّ وجل أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ في الدنيا ولم نهلكهم ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ يعني العذاب ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ رسل ينذرونهم ذِكْرى أي ينذرونهم تذكرة محلّها نصب، وقيل رفع أي تلك ذكرى.
وَما كُنَّا ظالِمِينَ في تعذيبهم حيث قدّمنا الحجّة عليهم وأعذرنا إليهم.
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ بل نزل به الروح الأمين، وقراءة العامّة الشَّياطِينُ بالياء في جميع القرآن لأن نونه سنخية وهجاؤه واحد كالدهاقين والبساتين.
وقرأ الحسن البصري ومحمد بن السميدح اليماني: الشياطون بالواو وقال الفراء: غلط الشيخ يعني الحسن فقيل: ذلك النضر بن شميل فقيل: إن جاز أن يحتج يقول العجاج ورؤبة ودونهما فهلّا جاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه؟ مع إنّا نعلم أنهما لم يقرءا ذلك إلّا وقد سمعا فيه.
وقال المؤرّخ: إن كان اشتقاق الشياطين من شاط يشيط كان لقراءتهما وجه.
وأخبرني عمر بن شبّه قال: سمعت أبا عبيد يقول: لم نعب على الحسن في قراءته إلّا قوله: وما تنزّلت به الشياطون.
وبإسناده عن عمر بن شبّه قال: حدّثنا أبو حرب البابي من ولد باب قال: جاء أعرابي إلى
(١) جامع البيان للطبري: ٢٣/ ٤٨.
(٢) لسان العرب: ١/ ٥٩.

صفحة رقم 181

يونس بن حبيب فقال: أتانا شاب من شبابكم هؤلاء فأتى بنا هذا الغدير فأجلسنا في ذات جناحين من الخشب فأدخلنا بساتين من وراءها بساتون.
قال يونس: ما أشبه هذا بقراءة الحسن.
وَما يَنْبَغِي لَهُمْ أن ينزلوا القرآن وَما يَسْتَطِيعُونَ ذلك إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ أي استراق السمع من السماء لَمَعْزُولُونَ وبالشهب مرجومون فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ.
أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال: حدّثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله قال: حدّثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمر قال: حدّثني عبّاد بن يعقوب قال: حدّثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال: لمّا نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنّة ويشرب العس، فأمر عليّا برجل شاة فأدمها ثم قال: ادنوا باسم الله فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم:
اشربوا باسم الله، فشرب القوم حتى رووا فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما يسحركم به الرجل، فسكت النبي صلى الله عليه وسلّم يومئذ فلم يتكلّم.
ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم أنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «يا بني عبد المطلب إنّي أنا النذير إليكم من الله سبحانه والبشير لما يجيء به أحد منكم، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يواخيني ويؤازرني ويكون وليّي ووصيي بعدي، وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟ فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا كلّ ذلك يسكت القوم، ويقول علي: أنا فقال: «أنت» فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمّر عليك «١» [٩٨].
وأخبرنا عبد الله بن حامد الاصفهاني ومحمد بن عبد الله بن حمدون قالا: أخبرنا أحمد ابن محمد بن الحسن قال: حدّثنا محمد بن يحيى قال: حدّثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيّب وأبو سلمة بن عبد الرّحمن أنّ أبا هريرة قال: قام النبي صلى الله عليه وسلّم حين أنزل الله سبحانه وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال: «يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنكم من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفيّة عمّة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، فسلوني من مالي ما شئتم» «٢» [٩٩].
وأخبرني عبد الله بن حامد قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: حدّثنا عبد الله بن هاشم

(١) شواهل التنزيل- الحسكاني.: ١/ ٥٤٣.
(٢) كنز العمّال: ١٦/ ٩.

صفحة رقم 182

قال: حدّثنا عبد الله قال: حدّثنا الأعمش عن عبد الله بن مرّة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لمّا أنزل الله سبحانه وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصفا فصعد عليه ثم نادى يا صباحاه، فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء وبين رجل يبعث رسولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يا بني عبد المطلب، يا بني فهر لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني؟
قالوا: نعم قال: فإني نذيركم بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم، ما دعوتنا إلّا لهذا، فأنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ «١»
[١٠٠].
وَاخْفِضْ جَناحَكَ فليّن جانبك لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ من عبادة الأوثان ومعصية الرحمن.
فَتَوَكَّلْ بالفاء أهل المدينة والشام وكذلك هو في مصاحفهم، وغيرهم بالواو أي وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ليكفيك كيد أعدائك.
الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ
إلى صلاتك عن أكثر المفسّرين.
وقال مجاهد: الَّذِي يَراكَ
أينما كنت وَتَقَلُّبَكَ ويرى تقلّبك في صلاتك في حال قيامك وقعودك وركوعك وسجودك.
قال عكرمة وعطيّة عن ابن عباس، وقال مجاهد: ويرى تقلّبك في المصلّين أي إبصارك منهم من هو خلفك كما تبصر من هو أمامك.
قال: وكان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدّثنا السلمي وأحمد بن حفص وعبد الله الفرّاء وقطن قالوا: حدّثنا حفص قال: حدّثنا إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: اتمّوا الركوع والسجود فو الله إنّي لأراكم من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم «٢».
وقال قتادة وابن زيد ومقاتل والكلبي: يعني وتصرّفك مع المصلّين في أركان الصلاة في الجماعة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا، وهي رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس.

(١) مسند أحمد: ١/ ٣٠٧.
(٢) مسند أبي يعلى: ٥/ ٤٦٤.

صفحة رقم 183
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية