
﴿أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما﴾ قوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ يُجْزَوُنَ الْغُرْفَةَ﴾ فيها وجهان: أحدهما: أن الغرفة الجنة، قاله الضحاك. الثاني: أنها أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى منازل الدنيا، حكاه ابن شجرة. ﴿بِمَا صَبَرُواْ﴾ فيه وجهان: أحدهما: بما صبروا عن الشهوات، قاله الضحاك. الثاني: بما صبروا على طاعة الله. ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني بقاء دائماً. الثاني: ملكاً عظيماً. ﴿وَسَلاَماً﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنها جماع السلامة الخير.
صفحة رقم 161
الثاني: هو أن يحيي بعضهم بعضاً بالسلام، قاله الكلبي. ولأصحاب الخواطر في التحية والسلام وجهان: أحدهما: التحية على الروح والسلام على الجسد. الثاني: أن التحية على العقل والسلام على النفس. قوله تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي﴾ فيه وجهان: أحدهما: ما يصنع، قاله مجاهد، وابن زيد. الثاني: ما يبالي، قاله أبو عمرو بن العلاء. ﴿لَوْلاَ دُعآؤُكُمْ﴾ فيه وجهان: أحدهما: لولا عبادتكم وإيمانكم به، والدعاء العبادة. الثاني: لولا دعاؤه لكم إلى الطاعة، قاله مجاهد. ويحتمل ثالثاً: لولا دعاؤكم له إذا مسكم الضر وأصابكم السوء رغبة إليه وخضوعاً إليه. ﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ﴾ فيه وجهان: أحدهما: كذبتم برسلي. الثاني: قصرتم عن طاعتي مأخوذ من قولهم قد كذب في الحرب إذا قصّر. ﴿لِزَاماً﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه عذاب الدنيا وهو القتل يوم بدر، قاله ابن مسعود وأُبي. الثاني: عذاب الآخرة في القيامة، قاله قتادة. الثالث: أنه الموت، قاله محمد بن كعب، ومنه قول الشاعر:
(يولي عند حاجتها البشير | ولم أجزع من الموت اللزام) |

سورة الشعراء
مكية كلها، وقال ابن عباس وقتادة: إلا أربع آيات منها نزلن بالمدينة من قوله: ﴿والشعراء يتبعهم الغاوون﴾ [الشعراء: ٢٢٤] إلى آخرها. بسم الله الرحمن الرحيم